الأحد، 25 نوفمبر 2012

علاقات المصلحة مؤقتة وتنتهي بسرعة


منى أبو صبح

عمان- يعبر لؤي عطوان (28 عاما)، عن استيائه من "التعامل بالمصلحة"، بقوله "الحياة مصالح في مصالح، واسأل المجرب، ففي وقت كنت عاطلا عن العمل لمدة خمس سنوات بعد التخرج في الجامعة، عانيت مرارا وتكرارا من كلام الناس ونقدهم اللاذع، وهناك أقارب لي أصبحوا يتحاشونني".
ويضيف: "بعد أن منّ الله علي وتوظفت انقلب الحال، وازداد الطلب على جوالي كوني أعمل بذات المنطقة التي تخدم مصالحهم، ولمدة عامين وأنا أتوسط لهذا وأيسر لذاك، وبعد سنتين ترقيت في عملي وانتقلت لمنطقة بعيدة، وبعد علمهم بذلك لم أعد أسمع صوتهم".
يدرك كثيرون ماهية العلاقات الاجتماعية والتواصل بين البشر، فعديدون مروا بتجارب بعلاقات أو بصداقة سواء بين رجل ورجل أو امرأة ورجل أو رجل وامرأة، حتى بين الزوج وزوجته لم تسلم المصالح الشخصية أن تدخل بينهم، بمعنى قد يتزوج الرجل امرأة لمنصبها لمكانتها لمالها والعكس صحيح قد تعجب الزوجة بزوجها؛ لأنه من الأصل الفلاني أو لماله أو لمكانته الاجتماعية وغيرها من الأمور.
وتوافق عبلة سمحان (30 عاما) عطوان الرأي بقولها:"في بداية الأمر يظهر في حياتك شخص ما ويبدي لك كل اهتمامه وحرصه الشديد على التوصل معك سواء باللقاء أو عن طريق الهاتف، ويصبح بين عشية أو ضحاها شخصا لا يمكن أن تستغني عنه، وباهتمامه يجبرك على حبه".
وتتابع "وما هي إلا أشهر معدودة إلا وينقطع عنك، وترى ذلك الإنسان قد اختفى وتلاشى اهتمامه بك وتلاشت رسائله، وتعلم أن علاقته بك كانت من باب المصلحة الشخصية لتأمين وظيفة له خصوصا إذا كان الوالد ميسور الحال، وهذا ما حصل معي وفجع قلبي".
ويشير الاختصاصي النفسي د. محمد الحباشنة إلى "أننا نعيش في مجتمع انتقالي من خلال منظومة متغيرة، فالنموذج الأكثر الواضح للنجاح هو النموذج المادي الذي يتبع المصلحة".
ويقول "تحول التواصل بين الناس إلى تواصل المصلحة أكدوها بأن نموذج النجاح في الحياة هو النموذج الغني وليس الأخلاقي والعلمي والوطني والقومي، وعندما يرى الشباب وهم في فترة تكوين هويتهم بأن هذا النموذج الأعلى فيما يعرف كناجح فبالتأكيد سينهجون الطريق ذاته".
ويضيف "بعد انفكاك قضية الأسرة الممتدة إلى الأسرة النووية الهزيلة وهذه الفردية تجعله يبحث عن مصلحته، فأصبح المجتمع الاستهلاكي هو الذي يطغى، وبالتأكيد ستؤثر عليه من الناحية النفسية بعدم الشعور بالأمان أو الثقة بالنفس والآخرين والأنانية، فنرى أن الشبكة الاجتماعية قائمة على المصلحة الشخصية وهي علاقات مؤقتة تطغى داخل النفس الإنسانية".
كرم نصار (35 عاما) يقول "إننا في علاقتنا بالآخرين لا بد أن تدخل المنافع والمصالح المشتركة رغبنا في ذلك أم لم نرغب، فحتى حينما نحكم على المواقف التي تصدر من بعض الأقارب فإننا ودون أن نشعر نحكم عليها من خلال المصلحة التي تربطنا بهم".
ويضيف، فهناك من يقيم موقفا خاطئا على أنه موقف صحيح لقريب له من منطلق أن هذا الشخص يهمه، في حين قد يتخذ موقف الضد مع آخر في ذات الموقف لأنه لا توجد مصالح مشتركة بينهما.
وتشير ناديا الطويل (38 عاما) إلى أن المرء عليه أن يحدد أهدافه وأن تكون له مصالحه الخاصة، ولكن دون أن تطغى تلك المصالح على قيمه التي لا بد أن يعدل من خلالها.
وتنتقد اللغة العامة المنتشرة بين الناس التي تتحدث بلغة المصالح، وتذكر مثلا على ذلك شقيقتها التي تنتقد مصاحبتها لبعض الفتيات اللواتي يعتبرن من البسطاء والتي ترى بأنه ليس من ورائهن منفعة.
الأصل أن تكون العلاقات بين الناس علاقات تبادلية بمعنى أنها تحقق مصلحة الجميع وفق استشاري الاجتماع الأسري 
د. مفيد سرحان، بل وأكثر من ذلك مصلحة المجتمع وأن تكون بعيدة عن الفردية والأنانية والمصالح الشخصية الضعيفة.
ويأسف سرحان على أن البعض يخرج عن هذه المفاهيم، فيزيد من علاقته أن تحقق له مصلحة شخصية وهناك من يكرس كل حياته من أجل ذاته ومصالحه المادية، ومثل هؤلاء في الغالب ليس لديهم علاقات أو صداقات طويلة الأمد.
ويوضح:"الناس ينفرون من هؤلاء بمجرد معرفة حقيقتهم ونواياهم من خلال إقامة العلاقات، وهنا دور الواعز الديني والأخلاقي والتربية السليمة التي تقوم على البعد عن الذاتية والأنانية والشعور مع الآخرين وأن الإنسان يأخذ ويعطي، وهو جزء من مجتمع عليه أن يشعر مع الآخرين معنويا وماديا".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com