الأربعاء، 14 نوفمبر 2012

ورق الشدة: لعبة تخفف عبء ساعات الشتاء الطويلة


ديما محبوبة

عمان- يجد كثير من الشباب في لعب ورق الشدة متعة كبيرة، خصوصا مع بدايات فصل الشتاء، حيث يتيح لهم ذلك تمضية الوقت برفقة أصدقائهم في فترة المساء، وذلك في المقاهي والكوفي شوبات.
ومحمد جابر وأصدقاؤه يلتقون بشكل شبه يومي عند الساعة الثامنة مساء، وبعد تبادل التحية السريعة، يجلسون حول طاولتهم الخاصة ليستغرقوا في لعب الورق الذي يستمر حتى ساعات طويلة بدون كلل أو ملل.
ويرى محمد أن لعب ورق الشدة يغني عن الكلام، وهنا يجد متعته الكبيرة، يقول "أحيانا لا أحب الحديث في أي موضوع كان، لذلك أجد في لعبة الشدة هروبا من الكلام أحيانا، ويحصل ذلك أيضا مع أصدقائي، فضلا عن المتعة الكبيرة برفقة كوب الشاي والأرجيلة مع طقس الشتاء وأجواء المنافسة في السعي وراء الربح في اللعبة".
أما العشريني علاء تيسير الذي بدأ بممارسة هذه الهواية منذ أن كان في الرابعة عشرة من عمره، فيؤكد أنه "لم يحدث أن اعتذر أحد من أفراد (الشلة) الثمانية عن الخروج للعب ورق الشدة".
علاء الذي تحولت في المرحلة الجامعية هوايته في لعب ورق الشدة إلى إدمان، خصوصا بعد انتقاله وأصدقائه من العاصمة إلى مدينة الكرك للدراسة الجامعية في جامعة مؤتة، يؤكد أنهم يلعبون يوميا بمعدل "ست ساعات متواصلة" وتزداد وتيرة اللعب في أيام الشتاء.
ويفضل علاء وأصدقاؤه قضاء وقت الفراغ في لعب ورق الشدة على أي مشروع آخر كالذهاب إلى السينما، أو ارتياد ناد رياضي، خصوصا في أيام البرد القارس، منوها إلى أن "لعب ورق الشدة طقس يتخلله الضحك وتناول الطعام، وكل ذلك في جلسة واحدة".
في حين ينهمك سلطان أحمد في عمله مستغلا كل ثانية لإنجازه، ليسرع في خطاه متجها إلى بيت أحد أصدقائه حيث "جمعة الشباب"، أو إلى مقهى في البلد اتفقوا على الالتقاء فيه مسبقا، ليمارسوا هوايتهم المعهودة يوميا.
ويجد سلطان في هذه اللعبة متعته، كونها كما يقول مسلية وتقضي على ساعات الليل الطويلة في فصل الشتاء. 
ولا يقتصر لعب ورق الشدة فقط على الشباب، فهناك الكثير من العائلات، التي بدأت التحضير لجلسات الشتاء في لياليه الطويلة لممارسة هذه اللعبة، فيقول أبو مراد "في الوقت السابق كنا نلعب ورق الشدة بين الفينة والأخرى، لكن في ليالي الشتاء الطويلة، فتكون هي التسلية الوحيدة للعائلة".
أبو مراد الذي يكون أولاده هم ونيسه في هذه اللعبة، يؤكد أن "حالة الفرح تغمرنا وتتعالى أصوات الضحك عندما يفوز أحدنا على الآخر، خصوصا أننا نستخدم في كل لعبة مصطلحات تنافسية خاصة بنا وجديدة".
الثلاثيني مراد يقول "أنام وأنا شديد الانبساط حين أتغلب على والدي وإخوتي في لعب الشدة، وخصوصا عندما يتحداني والدي ويقول لي هيا نلعب ورق الشدة لأغلبك".
وتبين رنيم أنها تراقب والدها وإخوتها وهم يلعبون الشدة، فتقول "تدور الأوراق بين أيديهم بصمت قبل أن تنفلت من أحدهم كلمات مشحونة بالخوف من الخسارة أو ضحكات هستيرية مصحوبة بعبارة "حملتك الطاولة" أو"يلا اطلع على الثرية أنا قعدتك فوق خزان المي" في إشارة استفزازية إلى أن "الشوط انتهى لمصلحته".
ويبين نصر خوالدة أنه من بين أسرار لعب ورق الشدة هو التركيز إلى جانب الهدوء والخبرة، أو عقد الخنصر بالبنصر دلالة على جلب الحظ السعيد، ذاهبا إلى أن هذه اللعبة تحرك قدراته الذهنية مما يمتعه ويجعله يشعر بمتعة اللعب".
ويرى خوالدة أن لعبة "التركس"هي من أفضل ألعاب ورق الشدة، وهي تتكون من خمسة أشواط يسمى كل واحد منها "طلبة"، يحددها اللاعب الذي تكون ورقة "سبعة كبة" من نصيبه، وتستغرق كل "طلبة" نحو 20 دقيقة.
صاحب أحد المقاهي أبو خليل يقول "الجميع يعرف بأن الشباب يقصدون المقاهي لأجل شرب النرجيلة ولعب ورق الشدة، لذلك نسعى إلى توفير الخدمة بأقل التكاليف، فالشباب يجلسون لساعات طويلة ويطلبون العديد من المشروبات لكن بأسعار قليلة مقارنة بالكوفي شوبات".
ويلفت صفوان غالب بأن لعب ورق الشدة يشحن الأجواء بالمنافسة بين الأصدقاء، وحتى أفراد الأسرة الواحدة، مستذكرا مقولة والده دائما بأن "الشدة تغلب صاحبها"، مضيفا "لذلك أقوم بترديد العبارة على مسامع أصدقائي لتخفيف التوتر، ولأن ممارسها يذوق طعم الربح والخسارة".
وتنشغل عائلة أبو عون مع بداية ساعات المساء في فصل الشتاء بـ "ترتيب البطولات النسائية والرجالية، حيث تكون البطولة مركبة بين فريقين من النساء والرجال، وبعد التصفيات يندمج الفريقان مع بعضهما، والفائز إن كان ذكرا يعني فريق الرجال هو الفائز، وإن كانت أنثى يعني العكس".
وفي رأي الأستاذ في علم الاجتماع د. محمد جريبيع، فإن لعب ورق الشدة له فوائد اجتماعية من حيث التواصل المستمر بين أفراد العائلة الواحدة وحتى الأصدقاء، خصوصا في أوقات الشتاء، حيث تقضي العائلة جوا من المرح واللهو مع بعضها.
ويجد جريبيع في مثل هذه الألعاب وسيلة للتقريب بين الأبناء والأهل، مضيفا "وبهذه الطريقة يستطيعون أن يتعرفوا عليهم أكثر والتحاور معهم بشكل أيسر"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com