الاثنين، 12 نوفمبر 2012

تزويج الأخت الصغرى قبل الكبرى: فرح وغصة


مروة بني هذيل

عمان- فيض من المشاعر المتناقضة، بين الفرح والحزن، انتاب العشرينية ديما أحمد يوم زفاف شقيقتها الأصغر منها سنّاً.
ديما، التي فرحت لارتباط واستقرار أختها، لم تستطع أن تخفي حزنها وألمها وقلقها على مستقبلها كونها لم ترتبط ومهددة بالعنوسة، وفق قولها "لأنني أحسست بخطر كون أختي الصغرى تزوجت قبلي".
وفي الوقت الذي تعمد فيه غالبية الأسر إلى رفض تزويج الفتاة الكبرى قبل الصغرى، هناك أسر تحررت من فارق العمر، لاسيما إذا جاء لطلب يد ابنة من بناتها إنسان "مناسب".
من جهتها، توضح اختصاصية العلاقات الأسرية والزوجية الدكتورة مها الكردي، أن زواج الأخت الكبرى كان هو المبدأ الثابت في الزواج قديماً، ولذلك أسبابه وظروفه "حيث كان من المعروف أن فلاناً أب لفلانة وفلانة. وعندما يتقدم أحد الشباب إليه راغباً في نسبه يطلب الكبرى؛ لأنها هي المستعدة للزواج، أما الآن وبعد أن خرجت الفتاة للتعليم والعمل، اختلفت الأمور وأصبح الشاب وهو في طريقه للارتباط يعرف كل شيء تقريباً عمن يرغب في أن تشاركه حياته ولا يرضى عنها بديلا".
فوجئ الثلاثيني أمجد حماد من موقف الرفض الذي تعرض له، حين تقدم لطلب يد زميلته في العمل، فلم يستقبله والدها بمجرد معرفته بأنه يرغب بالزواج من الابنة الصغرى، يقول "لم يكن موقفاً سهلاً بالنسبة لي، فنحن في زمن تعدى فروض العادات والتقاليد القاتلة، لكنني لم أكن أتخيل أن بعضنا مايزال عبداً لأفكار غير منطقية، يظلم بها غيره بدون تفكير".
إن رد الخاطب بحجة تزويج الكبرى أولاً قد يؤدي إلى قيام عداوة وبغضاء ونفور بين الأخوات نتيجة الإحساس بأن إحداهن تقف في طريق سعادة الأخرى، وفق اختصاصي علم النفس الدكتور جمال العتوم.
ويقول العتوم "قد تنتج عن ذلك مشكلة كبيرة بين الأب والابنة؛ حيث يحول بينها وبين سعادتها، وربما يمل الخاطب من كثرة انتظار قدوم فارس أحلام الأخت الكبرى ويضطر إلى فسخ الخطبة أو الذهاب بلا رجعة، أو ربما تحدث الطامة الكبرى بأن تضحي الأخت الكبرى وتوافق على أي عريس يتقدم لها من أجل أختها الصغرى، وغالباً لا تدوم هذه الزيجة طويلاً ويحدث ما لا يحمد عقباه".
ومن هذا الجانب، اعتبر العتوم أن الحل المثالي لهذه المشكلة يكون بأخذ رأي الأخت الكبرى وإشراكها في الموضوع بشكل مباشر، بل وجعلها المتحدث باسم أختها في كثير من الأمور فتختار معها فستان الزفاف مثلاً أو ترافقها في رحلة شراء متطلباتها، وهي أمور بسيطة ولكن أثرها في إزالة المشكلة "كبير وفعال".
الخمسيني أبو محمد، الذي زوج ابنته الصغرى قبل شقيقتها الكبرى، يوضح أنه يفترض بالأهل عدم النظر الى فرق العمر بين الأخوات، أو الى الالتفات لنظرة المجتمع التي تحتم زواج الكبرى قبل الصغرى، مشيرا إلى أن هذا "المشهد يتكرر في كثير من البيوت العربية، ويوقع الأهل في حيرة بين العقل والقلب أمام طلب الشاب يد الابنة الصغرى، ونداء العاطفة التي تتمزق بين الابنتين، فإن تمت الموافقة سعدت الصغرى وتألمت الكبرى نفسيا، وإن تم الرفض وقع الظلم على الصغرى".
غير أن أبومحمد لم يستطع الوقوف في وجه ارتباط ابنته الصغرى، لاسيما أنه تقدم لخطبتها شاب "متعلم وعلى خلق"، وما شجع أبومحمد على هذه الخطوة أن ابنته الكبرى كانت ما تزال على مقاعد الدراسة والمستقبل أمامها، وفق قوله.
وهنا يؤكد اختصاصي علم الاجتماع الدكتور حسين المجالي، دور الأهل، فالهدوء في تقبل الموقف هو الأفضل، قائلا: "على الأب أن يكون سنداً لابنته الصغرى ومستشاراً أميناً لها ولا يقف حجر عثرة في طريق مستقبلها، فقد لا تتاح لها مثل هذه الفرصة مرة أخرى، كما أن عليه ألا ينسى مشاعر الكبرى وأحاسيسها، فهي بحاجة إلى من يدعمها نفسياً واجتماعياً".
أما الأم فعليها أن تعالج الأمر بميزان متكافئ بين العقل والعاطفة، وفق المجالي، الذي يبين أن "الصغرى بحاجة إلى رجاحة عقل أمها، والكبرى بحاجة إلى عاطفة جياشة تحتويها، فلتكن أمّا عاقلة حيال مستقبل ابنتها الصغرى وحنوناً تحتضن حزن الكبرى".
اختصاصي الشريعة الإسلامية، الشيخ سليمان الدقور، ينوه الى أنه "لا يحق لأحد أن ينتقد الأسرة التي توافق على تزويج الصغرى قبل الكبرى"، فرفض تزويج الصغرى قبل أختها الكبرى "عادة سيئة لا يقرها شرع ولا يقبلها عقل".
ويتابع الدقور "ندب الشرع تزويج البنات"، مؤكداً التحذير من رد الخاطب إذا كان حسن الدين والخلق، مشيرا إلى أنه "لو كان في الترتيب بين الأخوات في الزواج خير لأرشدنا إليه ديننا الحنيف"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com