الأحد، 25 نوفمبر 2012

لماذا تتسبب الروائح بالمرض لبعض الأفراد؟

صورة

ايمان شعبان خوري -  هل حدث ان أُصبت بالصداع من عطر سيدة تجلس بجانبك على الطاولة؟ هل سببت لك بعض سوائل التنظيف في العمل حكة بالانف؟ اذا عانى الشخص من بعض الاعراض التي تحفزها الروائح اليومية، هذا لا يعني بالضرورة انه يعاني من الحساسية، بل يعاني من حالة يطلق عليها الاطباء « عدم التحمل الكيميائي» chemical intolerance . فبناء على دراسة علمية أجراها د. لينس اندرسون من جامعة أوميا Umea University في السويد، فإن هذه الحساسية المفرطة تنتج عن عدم القدرة على التعود على الروائح بمختلف أنواعها.
هذا ويشار الى ان ادراك الانسان الحسي تجاه الروائح يبدأ بالتناقص وبسرعة بعد التعرض لها. على سبيل المثال، عند دخول شخص الى بيت صديق له ويشم رائحة غريبة، سرعان ما يتعود عليها حتى لا يعود يشعر بوجودها. أما بالنسبة للافراد الذين يعانون من حالة «عدم التحمل الكيميائي» او الحساسية المفرطة للروائح، يبقى احساسهم بوجود الرائحة التي تزعجهم طوال فترة وجودهم في المكان بل يشعرون بها تزداد قوة.
في الدراسة، قام د. أندرسون الباحث في علم النفس والمشرف على الدراسة بتعريض مجموعة من الافراد ممن يعانون من حالة عدم التحمل والحساسية المفرطة، ومجموعة اخرى لديها المقدرة على التحمل، الى روائح مختلفة سواء كانت مزعجة وغير محببة او جميلة، لمقارنة ردود افعالهم تجاهها. ويقول د. اندرسون: شعر الافراد شديدي الحساسية بأن الروائح كانت تزداد قوة على الرغم من عدم تغيير تركيزها، كما اختلفت صور نشاطهم الدماغي عن المجموعة الاخرى.
تمت في الدراسة ملاحظة النتائج عن طريق استخدام طرق اعتمدت على تقنية (EEG) و (fMRI). حيث تضمنت طريقة (EEG) وضع اقطاب كهربائية على رؤوس جميع افراد المجموعة الاولى والثانية وتسجيل كافة التغيرات التي تحدث في الدماغ حال تعرض المشاركين للروائح.  وكانت استجابة دماغ الافراد شديدي الحساسية للروائح المختلفة مثيرة ومدهشة، بينما لم يظهر تحليل قراءات أفراد المجموعة الثانية اي تغيير يذكر. هذا وأكدت النتائج على ان من يعاني من هذه الحالة غير قادر على تنمية عادة التعود على الروائح التي تزعجه ولا يصاحبها تغير في النشاط الدماغي للافضل عبر الزمن. ويضيف د. أندرسون: ان لهؤلاء الافراد نمطاً مختلفاً في تدفق الدم في أدمغتهم، مقارنة بالافراد الذين يدركون ان الرائحة تضعف بالتدريج، وهذا يشبه التغير الذي قد نجده عند الافراد الذين يعانون من اضطرابات الالم على سبيل المثال.
هذا وقد خرجت الدراسة بنتائج اخرى اشارت الى تأثير الحساسية للروائح على الجسم بشكل عام، فالاشخاص الذين يعانون من حالة الحساسية الشديدة للمواد الكيميائية، تتفاعل اجسامهم بقوة مع المواد مما يؤدي الى تهيّج الغدد المخاطية الموجودة في بطانة الانف والفم. كما ان الاشخاص الذين يبدأون بالسعال بمجرد استنشاقهم لمادة كابساسين «Capsaicin» وهو مركب حار يوجد في الفلفل، تتولد لديهم ردود فعل متزايدة في الدماغ للروائح الاخرى. 
يقول د. أندرسون: نستطيع وبناء على النتائج ان نقول ان التأثيرات لعدم التحمل تؤثر على الجسم والعقل على حد سواء، ومن الضروري التركيز على هذين المفهومين معاً وعدم فصلهما. ويضيف: أصبحت الحساسية المفرطة او عدم التحمل الكيميائي من الحالات الشائعة حيث ان 10% من الشعب السويدي تزعجهم الروائح اليومية، بينما 2% منهم يختبرون اعراضاً حادة ناتجة عن ذلك. ومع هذا لا يزال الباحثون بحاجة الى إجراء المزيد من الابحاث للتوصل الى اسباب هذه الحالة. ويؤكد د. أندرسون على انه في حالة تم التعرف على ما يميز هذا النوع من التحسس المفرط تجاه الروائح والمواد الكيميائية، فقد يصبح بالامكان تطوير طرق للتشخيص والعلاج. كما يمكن للابحاث ان تزود الباحثين بالمعرفة والآلية التي يجب ان نفكر بها حول سلامة أماكن العمل او البيئة اليومية المحيطة بنا، وما يجب عمله لجعل ظروف العمل مقبولة لاكبر عدد ممكن من الافراد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com