الاثنين، 12 نوفمبر 2012

القراءة نافذة العقل على حقول المعرفة


أفضل اللحظات التي أمضيها هي تلك اللحظات التي أعيشها مع كتاب، يحمل قيمة عظيمة أستطيع من خلاله أن أجني ثمار المعرفة اليانعة، والقراءة في حقيقتها هي غذاء للروح، ونماء للعقل، وهي أولى الخطوات التي تقودنا لبناء حضارة، تمتاز بالتقدم والازدهار، قادرة على مواجهة كل التحديات التي قد تعصف بها.
وما ينبغي علينا أن نعترف به هو أن الأمة التي تقرأ هي أمة نافعة لأبنائها ولأمم العالم كافة، وأما الأمة التي تهمل القراءة ولا توليها أي اهتمام، فحتما ستكون ضعيفة عاجزة عن حل مشكلاتها المختلفة، وبهذا تكون القراءة سببا رئيسا في رقي الأمم وتطورها أو ضعفها وانهيارها.
وتكونت لدي قناعة في مرحلة مبكرة من حياتي، وهي أن العقل يحتاج إلى الغذاء أكثر ما يحتاج إليه الجسم، فأنا كثيرة القراءة شديدة التعلق بها، ولكن لم تكن مسألة القراءة سهلة بالنسبة لنا، نحن المكفوفين، فقد كنت أقع في معاناة ومشقة عند الرغبة في الحصول على كتب تنمي ثقافتي وتملأ أوقات فراغي، والسبب في ذلك قلة الكتب المطبوعة بطريقة برايل، فكان هذا السبب الأول الذي يشكل عائقا بيني وبين الهواية الوحيدة التي تمنحني ألوانا من السعادة، وتعمل على تنشيط الذاكرة، وتفتح لي أبواب المعرفة للاستفادة من تجارب غيرنا، وتمدنا بالحكمة تجاه المواقف المختلفة التي قد تصادفنا في الحياة.
وأول كتاب استطعت قراءته وأنا صغيرة، هو كتاب "الحكايات المسلية"، وهو مجموعة من القصص القصيرة، ولكل قصة عبرة، استطعت إدراكها في ذلك الوقت، وبقيت مشكلة قلة الكتب المطبوعة بطريقة برايل عقبة في طريق حبي للقراءة، إلى أن جاءت التكنولوجيا، حاملة لنا الحل لهذه المشكلة، فأصبح بإمكاني قراءة جميع الكتب والروايات، التي كنت أتمنى قراءتها وأشعر أن تحقيق هذا الأمر صعب جدا، وذلك عن طريق البرنامج الناطق، الذي يتم إدخاله إلى جهاز الحاسوب، فيقوم هذا البرنامج بقراءة كل ما هو موجود، وبفضل هذا التقدم التكنولوجي الكبير، صار بإمكاني الحصول على أي كتاب بدون أن أشعر بالمشقة، وذلك من خلال شبكة الإنترنت التي فتحت لنا المجال، لننهل من كنوز المعرفة ونرتقي بعقولنا، ليصبح تفكيرنا أكثر نضجا.
ومن أهم الأمور التي أقوم بها عندما أنوي قراءة كتاب معين إلقاء نظرة مبدئية عليه كقراءة العنوان، لأن له دورا كبيرا في اختيار الكتاب، فهو أول ما يشدني لقراءته، وخاصة تلك العناوين الغامضة التي تحمل لغزا أو سرا، حيث تجبرني تلك العناوين على قراءة الكتاب كاملا، لاكتشاف أسراره، ولا بد من قراءة اسم المؤلف ومحتويات الكتاب من أجزاء، فأحيانا قد لا تكون كل الأجزاء نافعة وذات فائدة، وبعد إلقاء هذه النظرة المبدئية، يتولد عندي انطباع واضح، أستطيع في ضوئه أن أقرر أن هذا الكتاب يستحق القراءة أم لا، وهل قراءته ستضيف لي شيئا جديدا، ولكي أشعر بمتعة ما أقرأ، فمن الضروري أن أختار كتبا تتحدث عن مجالات أحبها، ولدي الرغبة بالتعمق فيها، ولا أبدأ بالقراءة إلا إذا كنت صافية الذهن متعطشة لبحور المعرفة، ولا أتوقف عنها إلا إذا شعرت بالملل والنعاس، وفقدت قدرتي على التركيز، عندها أترك الكتاب، لكي لا أفقد تلك المتعة، ولكي أبقى محتفظة بما جنيته من معلومات وكلمات جديدة، أثري بهما ثقافتي العقلية واللغوية.
فالقراءة هي التي تخرجنا من دهاليز الجهل والظلام، وتجعلنا أكثر قوة وعزة، فالشخص القارئ هو إنسان عالم بماضيه وحاضره وأمين على مستقبله، وكلما ازداد الإنسان رغبة في القراءة أدى ذلك إلى نمو أفكاره واتساع مدارك عقله، فلماذا لا نقرأ جميعا؟، لأن القراءة هي السبيل الوحيد لخلاص أمتنا من الجهل الذي هو عدو المعرفة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com