الخميس، 22 نوفمبر 2012

ثلاثية محيرة التدخين والحمل والانجاب!

صورة

دكتور كميل موسى فرام - الارتباط بين التدخين وصعوبات الحياة واقع مؤلم يصعب إنكاره أو إيجاد البراهين التي تبرر استخدامه، وربما يكون هناك ارتباط بدرجة الادمان بين المدخن وسيجارته لاعتقاد وهم الاخلاص، حيث أبرر أحياناً علاقة العداء لافتقادي لهذه الصداقة لظروف عائلية، خصوصا أن السيجارة تفتقد بصورة مطلقة لأي أثر إيجابي بحياة مستخدمها إلا بحدود ضيقة كدلالة إجتماعية وشكل من أشكال التقمص الاجتماعي.

عدم البراءة 
أثبتت الدراسات العلمية تأثير التدخين السلبي على قدرة الرجل والمرأة على الحمل والانجاب على حدٍ سواء بوجود علاقة مضطردة بين كمية الدخان المستهلكة، فترة التدخين الزمنية بصعوبة الأداء الانتاجي والتي تختلف جذريا عن قدرة الفحولة بمنطقها السائد، خصوصا أن التأثيرات السلبية تؤثر على الطرفين بنفس الدرجة مما يعني عدم البراءة لأي منهما، فالتدخين يزيد من صعوبة الحمل، بغض النظر عن الشريك الذي يدخن. المدخنون من الذكور والإناث لديهم مستويات أقل خصوبة، في حين ان البالغين الذين ولدوا لأمهات الذين يدخنون أقل فرصة في أن تصبح أحد الوالدين أنفسهم، فالتدخين يقلل أيضا من فرص نجاح عمليات التلقيح الصناعي، مما يعطي فرصة للربط بين الآثار السامة للسيجارة ونوعية الجينات الوراثية في شيفرة البويضة والحيوان المنوي والجنين.
بينت دراسات تحليل السائل المنوي والمتخصصة بالذكور المدخنين أن هناك نقصا بعدد الحيوانات المنوية بنسبة لا تقل عن 15% عن غير المدخنين، كما أن كمية السائل المنوي هي أقل من حيث الحجم إضافة لضعف بحركة الحيوانات المنوية ونشاطها، بل هناك زيادة بنسبة الحيوانات المنوية المشوهة وغير المنتجة، وربما يمكن تفسير الأمر بتأثر نقص التروية الدموية خلال الأوعية التي تغذي القضيب مما تسبب مشاكل بالانتصاب والفعل. وهناك دراسة حديثة تشير لخطورة السيجارة على الحيوانات المنوية التي تحمل الجين الذكري بصورة أكبر من تأثيرها على تلك الحاملة للجين الأنثوي، خصوصا أن الخطورة تكمن بفرضية التعويض باستخدام وسائل المساعدة على الفحولة بصورتها المزيفة.
تحتوي السجائر على حوالي 4000 مادة كيميائية ضارة تم رصدها بالدورة الدموية للأشخاص المدخنين، ويكفي أن نذكر منها النيكوتين والرصاص والسيانايد وأول أوكسيد الكربون وجميعها تعمل بالتضامن والتكافل على إغلاقات وظيفية للأوعية الدموية فتساهم بنقص التروية الغذائية للخصيتين إضافة لمحصلة من الآثار السلبية تتعدى بدمارها لمكونات الحيوانات المنوية والسائل المنوي، وربما نحتاج لوقفة بمحطة حياتية بتأثر القدرة بمنعطف سلبي على أداء الوظيفة الزوجية بصورة فطرية وبعيدا عن المساعدات الطبية والعشبية.

استنشاق أجواء السيجارة العطرية 
لا ينحصر التأثير السلبي للتدخين على النصف الذكري، من مكونات البشرية بل يؤثر بصورة أكثر دمارا على النصف الجميل حتى لو كانت الصورة بشكلها غير المباشر نتيجة استنشاق أجواء السيجارة العطرية وهو ما يعرف بالتدخين السلبي، حيث الانتقال لفئة التدخين الايجابي تجعل الدمار الصحي بركانا يصعب ترميم وقائعه، وربما أن وظيفة المرأة الانجابية والمتمثلة بالحمل والولادة تجعل من المعطيات تتداخل بصورة سلبية مرّة.
السيجارة التي تبدأ كخطوة استمتاع واستحقاق الاستقلال بدخول مرحلة البلوغ المراهقة، تتحول لسلوك وارتباط، يساهم بتغذية الجسم والدورة الدموية بكمية هائلة من المواد المسممة والسامة التي تدمر أركان الأنوثة والجاذبية لتدخل الأنثى بمحطة سن الأمل قبل الاستحقاق الفسيولوجي، وهي تساعد على نقص التروية الغذائية لجميع أعضاء الجسم وخصوصا المبيضين، لتجعل النتيجة تذبذب واضح ومؤثر يتجلى بتسببه بالعقم الأولي وتأخر فرصة حدوث الحمل خصوصا أن هناك آثارا سلبية مباشرة على جودة البويضات المنتجة وضعف فرصتها الاتحادية مع الحيوان المنوي، علي أن أذكر هنا أن الأثر السلبي على العائلة يأتي من أحد الطرفين كممارس ايجابي بينما يمكننا اعتبار الطرف الثاني مدخنا سلبيا ويتمتع بكافة النتائج السلبية، لتتعاظم المصيبة بانتماء الطرفين لفئة المدخنين خصوصا لو كان الدافع شكلا من أشكال التباهي أو التحدي أو المساواة.

حدوث الحمل بالتوقيت المناسب 
الأثر السلبي؛ لتدخين السيدة يتعدى حدود الحصر للتعميم، فقد يقلل من فرصة حدوث الحمل بالتوقيت المناسب بسبب هشاشة الخلايا المبطنة للرحم ونوعية البويضات الرديئة المنتجة من المبيضين، وينتقل الأثر السلبي لدرجة أعلى على سلم الفعل بزيادة فرصة حدوث الاجهاضات نتيجة تكون نوعية ضعيفة وهشة من الأجنة فيتوقف الانقسام والنمو بوقت مبكر من رحلة الحمل الممتدة، نتيجة ضعف كمية المواد الغذائية التي تصل الجنين بالدورة الدموية واختلاطها بسموم السيجارة، لننتقل بدرجة أقسى لحدوث الولادات المبكرة وقبل اكتمال النمو للجنين ليصبح قادرا على الاستقلال خصوصا أن هذه الفئة من الأطفال الخُدَّجْ تشتهر بصعوبات خـَلقية من حيث الوزن الناقص عن الأقران والمناعة الضعيفة ضد الأمراض والبنية الجسمانية التي تفتقد لفرصة المقاومة والتكيف.

علاقة طردية 
حتى أن الدراسات العلمية قد أثبتت أن تدخين الأم أثناء فترة الحمل يؤثر سلبيا على مستوى التحصيل والذكاء عند الأطفال في المستقبل بسبب النقص الكمي لأساسيات التغذية الرئيسية للجنين أثناء فترة الحضانة بالرحم إضافة لزيادة متصاعدة بالمشاكل السلوكية، ولن أبالغ إن دونت هنا محذرا أن هناك علاقة طردية بين كمية الآثار السلبية التي تنخر بصحة الجنين والمولود والطفل والطالب وكمية السجائر التي ارتشفتها السيدة الوالدة و/أو الوالد أثناء فترة الحمل والرضاعة لدرجة الارتباط على مستوى السيجارة الواحدة، إضافة لارتباط إصابة الأطفال بالربو نتيجة تولد نوع من درجات التحسس، وهناك الكادميوم (إحدى المواد الكيماوية السامة التي تنتج من حرق السيجارة بنسب مقدرة) معدن ثقيل بخاصية التدخل لتحجيم قدرة الخلايا في المبيض لافراز هرمون الاستروجين، وإلحاق الأذى بمبيض المرأة ليكون أكثر عرضة للخلل بشكل وراثي لفئة الاناث من المنتج العائلي، بل ويساهم بالنضوب المعجل للبيض والتعرض المبكر لمشاكل المرحلة العمرية التالية.
الآثار السلبية والمدمرة لمرافق الصحة الشخصية ليست نقاطا خلافية تحتاج لحجة وبرهان، والتعميم بفرضية حصولها بين فئة المدخنات يعتبر اجتهادا يحتاج لجهد كبير لاثبات صحته، والفوائد التي يمكن جنيها من السيجارة لا تتعدَى فرضيات وهمية خصوصا أن جانبها الأكبر ممارسة تبدأ بالسر وتمر بوهم الرقي وتنتهي بإدمان مدمر للصحة والميزانية وللحديث بقية!

خبرات

4.8 

أظهرت إحدى الدراسات الحديثة ، أن فرصة الحمل باستخدام وسائل المساعدة على الاخصاب خارج الجسم كان 2.7 أضعاف عن النساء الذين لم يدخنَّ قط بالمقارنة مع المرأة التي تفعل (أو لديها تجربة سابقة).
وأظهرت الدراسة نفسها أن المرأة المدخنة لأكثر من 5 سنوات سوف تجهد بفرصة ضعيفة لنجاح المحاولة بسبب نوعية البويضات المنتجة، وزادت من خطر ضعف فرصة الانجاب إلى 4.8 عن هؤلاء غير المدخنات وهناك أيضا بعض الأدلة على أن التدخين يقلل معدلات نجاح الذكور مع استخدام تقنيات وسائل المساعدة على الاخصاب خارج الجسم.
 ومن غير المعروف ما إذا كان سوف يكون سبب هذا التأثير مباشرة من قبل الحيوانات المنوية، أو ما إذا كان يمثل لها تأثيرا سلبيا على جودة البويضة والجنين من خلال التعرض السلبي.

أستاذ مشارك/ كلية الطب- الجامعة الأردنية
استشاري النسائية والتوليد/ مستشفى الجامعة الأردنية
kamilfram@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com