الخميس، 8 نوفمبر 2012

فتياتنا بعيادة النسائية.. خطوة العلاج الصحيح المتأخرة !

صورة

د. كميل موسى فرام
استاذ مشارك/ كلية الطب- الجامعة الأردنية
استشاري النسائية والتوليد/ مستشفى الجامعة الأردنية

يحتوي عالم الأنوثة بين أروقته على فصل من الخصوصيات التي تحمل درجة السرية ويمنع الاقتراب منها خصوصا بمجتمعاتنا العربية المحافظة والتي منحت - بصورة مطلقة أحيانا - للرجل سلطة اتخاذ القرار باعتباره مرجع العائلة الأول لأسباب نقدر ديمومتها الوراثية بزمن متغير، وفي العرف العائلي مثلا فإن الذهاب لعيادة النسائية هو واقع حصري بالسيدة المتزوجة بفترات الحمل كجزء من برنامج الرعاية الصحية أو لتلك الفئة الزوجية بطور البحث عن فك لغز التأخير بالحمل، على أن يحتوي دستور الرعاية الصحية في أحد ملاحقه على الاذن المقنن للمشاكل النسائية بعد انتهاء مرحلة الانجاب شريطة ارتداء قالب السرية لأن الجرأة مغلفة بالخوف والأنانية أو الجهل للاعتراف بين أبناء المعشر المحيط فتصبح الحالة المرضية موضوع النقاش والتعليل والتحليل.

الشكوى المتكررة 

الحالات المرضية التي نتعامل معها أحيانا تبكينا وتؤلمنا بدمع يجرح التراث لبطولات زائفة الأحداث، فسيناريو الشكوى لفتاة بمرحلة الدراسة المدرسية أو الجامعية من ألم متكرر بأسفل البطن وربما يكون دوريا بواحدة من صفحاته، هو الشكوى المتكررة والتي تمر بمراحل علاجية تستنزف الأيام بعد أن استنفذت الوسائل العلاجية إنطلاقا من وسائل العلاج الذاتي والعائلي بمسكنات الألم وأعشابه واستجابة متواضعة لأسهم الخوف أو الفشل، لتصعد الخطة العلاجية لدرجة أعلى تتمثل باستئذان الأب أو الشقيق لإبداء الرأي الفصيح بعد فترة زمنية من الخجل والتردد والرهبة، حيث يعطى التشخيص قياسا على حالات مرضية مماثلة، استجابت بشهادة أحد المهاجرين أو المتوفين بصورة سحرية لوصفة اختلط التركيب العلمي بمكوناتها.

برمجة الأعراض المرضية
تبدأ خطوات التطبيق لسطور المرحلة الثالثة بعد أشهر الفشل العلاجي وزيادة مضطردة بالمعاناة والتي يقدرها أصحابها فتبدأ النصائح الطبية من أفراد المعشر المحيط بمحاولة برمجة الأعراض المرضية بواحدة سابقة ليقاس السطر العلاجي بعد أن تخلط البنود وتتداخل المعطيات ويصبح مسرح الاجتهاد مشرَعا للتجارب وأسوأ نتائجها نجاح مرحلي مزيف وقد يكون تمثيلا بشعور التحسن خوفا أو تأملا، ليفرض الواقع المرضي أعراضه بعد فترة زمنية بصورة معقدة تتعدى حدود الاجتهاد والفتوى بل لتفرض ولو من باب المغفرة الاذن باستشارة طبيب أو صيدلاني يمكث بالحارة أو معرفة بأحد الأقارب فتـُقدم النصيحة المجانية باستخدام مدى علاجي عقاري، ويمكن أن يساعد بدفن فلول الشكوى والحرمان بالرغم من افتقاره للدليل العلمي الذي يربط بين دقة التشخيص والعلاج، فالخبرة أحيانا تقهر المرض ولو لفترة زمنية تتعدى فوائدها الحدود اللحظية.
خطوة الذهاب لعيادة الطبيب العام هي المرحلة العلاجية الرابعة بالتسلسل، والقفز الالزامي أحيانا عن سابقتها قد يكون خطوة انتحار تحتاج لسيل من التبريرات بل وتحتاج لخطة التعاون بين الفتاة وصديقاتها والمعلمة والأم أحيانا بسبب الاصطدام بالواقع الاجتماعي الذي يحرمها، خصوصا أن الملف العلاجي يحتوي بواحد من أجندته على تطور الشكوى وبدون الاستجابة لعلاجات الربع، ويمكنني القول إن البداية المتأخرة لدخول النفق العلاجي ستنطلق من هذه المحطة والتي ستساهم بتغير تاريخي بمسيرة الفتاة الصحية والمستقبلية، حيث يفترض التحليل الدقيق لمفقطات السيرة الشخصية والذاتية وربط تلك الأحداث كسبب أو نتيجة وتداخلها كمضاعفة مرضية أو وصولها لمرحلة انتنانية تحتاج لنفس طويل وتحليل وقبل النطق بشقوق الاحتمال.

 باب التوضيح 
ربما يفرض الواقع بالحكمة فرصة اللجوء للفحوصات المخبرية والاشعاعية لتعزز القناعات التشخيصية خصوصا أن كلام الطبيب يحمل قدسية يجب أن تحترم ويصعب تصحيح مفاهيمها إن أصبحت واقعا حتى من باب التوضيح لسوء فهم بدون قصد، فقدرة الربط بين الشكوى والتشخيص تسكن داخل حجرة الذاكرة بتملك يتمنى ولا ينسى، بحضور صورته أمام الطبيب الذي سيفصل ويحسم بتملكه مفتاح أسهم الشفاء ببورصة الأحلام، هذا الشعار يجعل الحكمة بالنطق سلوكا واقعيا وبعيدا عن الدعوى بالمعرفة وبعكس الواقع، وربما الحكمة تتجلى بالاستئناس برأي على أن يكون حاضرا بالخطة العلاجية بدائل الاستدلال بالحكمة، خصوصا أن البداية قد تكون من عيادة الطبيب العام أو طبيب المركز الصحي بقدَرِه على التعامل مع مدى ساحق من أصناف الشكوى المرضية، فنستميح العذر أحيانا ولكن لا يمكننا أن نغفر إن أطلق تشخيصا يصعب تعديله أو تصحيحه، فأتقدم برجاء يسطر بأحرف التقدير والمحبة والاحترام للزملاء بدقة التشخيص أو التحويل لطبيب الاختصاص بالتوقيت المثالي المناسب وقبل أن تتطور الأمور لدرجة أصعب بعد أن قطعت الفتاة شوطاً في طريق الضلال العلاجي بمحاولة فاشلة للابتعاد عن مواجهة الواقع الصعب أو من باب التوفير ترجمة للبخل، او التمرد على عادات اجتماعية تحرم على الفتاة مراجعة العيادة النسائية وقبل الركوب بقطار الزوجية.

 زيادة حجم البطن 
الصورة المؤسفة تتجسد عندما تتواجد إحدى الاناث بعيادة النسائية على استحياء بشكوى مرضية تتمثل بإضطراب الدورة الشهرية أو نزيف رحمي مؤثر أو ألم بأسفل البطن ومرافق أو مرتبط لوظائف الجهاز الأنثوي أو ملاحظة زيادة حجم البطن بشكل متدرج أو وجود إفرازات مهبلية بمنطقة العجان، ليبدأ الطبيب بتحليل أعراض السيرة المرضية وهو يحمل بحديثه عتبا على التأخير للبحث عن العلاج والشفاء أو التشخيص للخلل، ليجد قنبلة أخرى وقد انفجرت وتركت آثارا سلبية تحتاج للترميم متمثلة باستخدام وسائل علاجية بدافع ذاتي أو استجابة لنصيحة طبية من أحد أطراف دائرة القربى وفتوى المعرفة.
تحديد نقطة البداية لحركتنا الدائرية المغلقة يمثل احدى محطات العجز الطبي بالممارسة حسب الأصول بنتائج تثبط العزائم، فتكرار الاصطدام بالتشخيص المرضي لأمراض شائعة وبمراحل متقدمة لا يشكل جرعة مناعية للاستسلام، بل يمثل واقعا سلبيا مؤثرا يتطلب التعاون لنشر الثقافة الصحية بين فئات التكوين للمجتمع، فتبني برامج الكشف المبكر واعتماد خطة الفحوصات الدورية بصورتها السنوية يحتاجان لسياسة صحية تتعاون فيها أطراف العلاقة بشكل مستمر وواضح، وتبتعد عن استخدام الوسائل الاعلامية بصورة الفزعة الموسمية ،نتيجة حدث معين أو كرد فعل يزرع الخوف والتردد بين أفراد العينة المستهدفة نتيجة لسوء الاختيار أو التنفيذ بطريقة الأداء أو الدعوة، فلمسات الاعلان تحتاج لأنامل تستخدم فنون التشويق بالاخراج، بواقع يغلف جرأة التقبل للنصيحة بالمحبة بل وقبول النتيجة بسلبيتها.

 ثوب الخوف من المجهول
استبدال ثوب الخوف من المجهول بثوب الواقع مهما كانت تضاريسه يحتاج لمقاص متبادل بين مقدم النصيحة ومتلقيها، فتذوق مفاصل الحياة والاستمتاع بسيمفونيتها ينحت الروعة بلحن فيروزي رحباني بالأحداث والأيام ويزرع السعادة بالقلوب بدون الحذر من المطبات الصحية التي تحرم البعض من التمتع أو تجعل الاستمتاع بفقراتها تحت شروط قاسية، ويرتبط لدرجة كبيرة باستعداد الجنس اللطيف لتخصيص الوقت والظروف للتنفيذ خصوصا أن براكين الصحة تغلف بترابها المتناثر وارتداداتها المتلاحقة أجواء العائلة كضريبة للمساهمة بالجريمة، فاكتمال عناصر الصحة المثالية والمحافظة عليها عنوان لدقة الفهم وترتيب الأولويات، كنز يملكه الجميع ويرتديه الجريء وللحديث بقية.

 بدون قيود
 الخوف والحذر

المشاكل الصحية في الجانب الأنثوي ليست حصرية بفئة المتزوجات أبدا، حيث أن الواقع الاجتماعي والمرحلة العمرية لا يعطيان مناعة من الاصابة بالمرض، وربما يتمثل الفرق الجوهري بالتعامل مع الحالات المرضية من واقع الحرية بتطبيق وسائل الفحص والتشخيص بدون قيود الخوف والحذر، فتطبيق معايير الخوف على بنود الصحة في الدستور الطبي لا يعترف بحدود العمر أو الواقع الزوجي لأن أولويات الشفاء والانتهاء من المعاناة حق مقدس ومصان بموجب الأعراف الصحية والشفائية ويعتبر تطبيقه لامتلاك أسهمه بصورة حصرية لمن أجادت تحليل المعطيات وقراءتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com