الأحد، 25 نوفمبر 2012

عادات الأطفال قبل النوم: سلوكيات تكشف حاجاتهم النفسية


تغريد السعايدة

عمان- تشعر زينة بالانزعاج دوما من عادة ابنها قبل النوم، إذ يقوم بالإمساك بأُذنيها لوقت طويل كي يشعر بالنعاس ويظل على هذه الحال حتى يغط بالنوم.
ولا تستطيع زينة القيام من جانب طفلها البالغ من العمر ثلاث سنوات قبل نومه، إذ إنه يبكي ويصرخ ويستيقظ من جديد في حال تركته، ولا ينام إلا عندما يمسك أذنها، مضيفة "وعندما أشعر بأنه نام جيداً أنهض وأتركه ويكون بذلك قد أخذ وقتي وجعلني أتأخر عن أعمال أخرى".
ويعاني الكثير من الأهالي من عادات بعض الأطفال قبل النوم كي يشعروا بالنعاس ومن ثم الخلود إلى النوم، إذ تتنوع العادات وتنمو وتكبر معهم إلى عمر متقدم في مرحلة الطفولة، ويجدون صعوبة في تركها والتخلي عنها، وهذا ما تؤكده أيضا العديد من الدراسات النفسية.
وهالة واحدة من بين هؤلاء الأمهات اللواتي يعانين مع أبنائهن من سلوكيات مزعجة يمارسونها قبل النوم، حيث إن ابنها البالغ من العمر أربع سنوات ما يزال منذ مراحل الطفولة المبكرة يتبع عادة غريبة، وتقول "لا يعرف النوم إلا إذا وضع طرف الغطاء الخاص به في أنفه ويستمر في تحريكه لفترة طويلة حتى يغط في النوم العميق بعد ذلك"، وتستغرب هالة من هذه الحالة التي تشعرها بالقلق، لخوفها من أن يتعرض طفلها للاختناق، مؤكدة أنها نهته مرارا عن ذلك إلا أنه لم يستجب لها.
أما نسرين محسن فهي لا تجد طريقة مناسبة لمنع ابنها من "مص إصبعه"، هذه العادة التي تلازمه خلال ساعات ما قبل النوم، وتقول إنها حاولت منعه بأي طريقة، واتبعت أساليب عدة من خلال نصائح الأهل والصديقات، وحاولت مرات عدة وضع بعض المواد الحارة والمرّة على اصبعه إلا أنه "ابتعد عنها لفترة قصيرة وسرعان ما عاد إليها مرة أخرى".
اختصاصية الأسرة والإرشاد التربوي سناء أبو ليل، تؤكد أن ما يقوم به الطفل في مثل هذه الحالات هو مؤشر إلى حاجاته النفسية، كرغبته في المزيد من حنان الأم أو للشعور بالأمن والراحة والهدوء"، مضيفة "كما أنها قد تكون "ردة فعل لما قد يتعرض له الطفل أثناء النهار من خوف أو قلق، ويكون هذا التصرف من أجل لفت النظر إليه".
ابنة فريال البالغة من العمر سنتين ونصف السنة لا تنام إلا بوجود الغطاء الخاص بها والموجود عادةً على سريرها، وتقول "عندما أكون خارج المنزل أجد صعوبة وأنزعج من ابنتي عندما تشعر بالنعاس، لأنها تستمر بالبكاء، مطالبةً بغطائها كي تنام"، وهذا يضطرني في كثير من الأحيان البقاء في البيت أو ألجأ لأخذ غطائها معي في بعض المناسبات التي نضطر فيها للبقاء خارج المنزل لساعات متأخرة من الليل، وهذا أمر متعب جدا".
إلى ذلك تؤكد أبو ليل ضرورة الانتباه إلى أن بعض العادات قد تكون مرضية، ويجب العمل على تفاديها والتخلص منها بطرق صحية تفاعلية مع الطفل، كما في حالة "مص الإصبع" و"قضم الأضافر"، التي قد تسبب حالات مرضية جسدية كثيرة تؤذي الطفل على المدى البعيد.
والطفل الذي يعتاد عادة معينة، من وجهة نظر أبو ليل، تشكل له رابطا يُشعره بالراحة والسعادة، موضحة "فمثل هؤلاء الأطفال يشعرون بأمان عندما يشتمون رائحة الغطاء ليذكرهم بالبيت والسرير والنوم المريح والحنان الذي تعطيه لهم الأم ما قبل النوم".
وتعزو دراسات نفسية ظهور بعض هذه العادات وأبرزها "مص الاصبع" إلى أن الطفل "يشعر بالحنين إلى مرحلة الطفولة التي ترافقها الرضاعة، وخاصة إذا كانت رضاعة طبيعية من الأم، بالإضافة إلى عدم توفر الجو الأمني والعاطفي لإشباع رغباته في الحب من قِبل والديه، إذ يعتقد الطفل من خلال ذلك أن تلك التصرفات تساعده في الحصول على المتعة والحنان الذي يبحث عنه".
وهذا ما يؤكده الاختصاصي النفسي الدكتور محمد الحباشنة، ويقول "يحاول الطفل أن يستشعر الأمان من خلال تعلقه بشيء معين عادةً ما يكون وسادة أو غطاء أو يد الأم وجسدها".
وهذا ما يسمى، بحسب حباشنة، بـ"الجسد المؤثث" أو "المُمتلك المؤقت"، إذ إن مثل تلك العادات غالباً ما تكون "مؤقتة"، ولا تستمر لفترات طويلة، وهي ضمن "إطار مراحل التطور الطفولي".
ويدعو حباشنة الأهل والأم على وجه الخصوص بأن تتعامل مع الحالة بهدوء وبدون قلق، لأنه في أغلب الأحيان سيكون في فترة الطفولة فقط، مشيرا إلى ضرورة أن تتم معالجة الأمر بطريقة عملية وتتناسب وعقلية الطفل ونفسيته.
وفي حال استمرت العادة لفترات طويلة من العمر في المراهقة والشباب، كما يقول حباشنة، فإن ذلك يتطلب معالجة من الأهل في حال سبب لهم الإرباك الظرفي، أو في حال أرهق الطفل الأم في طقوس ما قبل النوم بشكل يصعب التعامل معه".
بيد أن أبو ليل ترى أنه من الإمكانية التخلص من العادات أيا كان شكلها، وذلك من خلال استخدام أسلوب يساعدهم على تهيئة نفسيتهم من خلال معرفة السبب والتخلص منه تدريجياً، وكذلك إيجاد البدائل خلال ساعات النهار كإشغالهم بشيء بديل في أيديهم كألعاب التركيب وتناول الطعام واستخدام الألوان.
 وفي رأي أبو ليل فإن "إشغال الطفل يدوياً من الطرق التي تساعده على تناسي العادات، كما تركز على أهمية عدم لفت نظر الطفل إلى عاداتهِ من خلال تأنيبه وعقابه عليها؛ لأنه سيرى أنها تستفز الأهل وتبقى دائماً عالقة في ذهنه".
وتطالب أبو ليل الأمهات التحلي بالصبر، لأن معالجة الأمر قد يتطلب وقتا طويلا، قد يستمر لفترات طويلة، مع ضرورة تعلم مهارات تعديل السلوك التي تتشارك فيها مع الطفل، إلا أنها تطمئن الأم بأن أي عادة سلبية يمكن التخلص منها وأن بعض تلك العادات ليست حالة سيئة، كما يتوجب عليها مراعاة احتياجات الطفل.
ويتفق حباشنة مع أبو ليل في أن "الأمر غير مقلق بشكل عام ولا يستدعي القلق من الأهل وهي تدور في إطار التطور الطفولي في أغلب الحالات"، مبيناً أنه من الممكن مساعدة الطفل في التخلص منها "بطريقة تدريجية وليس بشكل مفاجئ وإحلال أشياء بديلة أخرى تأخذ حيزاً من اهتماماته".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com