الخميس، 29 نوفمبر 2012

حقائق التدخين وآثاره على الحمل والإنجاب (2/2)

صورة

د. كميل موسى فرام - «تشرق الشمس في الصباح وتغيب في المساء»، هذه حقيقة يصعب العبث بمعطياتها، بالتوازي مع واقع السيجارة وتأثيرها السلبي على مستوى الفرد والجماعة كحقيقة يصعب العبث بنتائجها أو مبرراتها، خصوصا أن أثرها المدمر يطال جميع العناصر الصحية، فيمكننا الربط أحيانا بين مشاكلنا وشكوانا وصداقتنا مع السيجارة التي تستنزف تضاريس الصحة وتنخر بدعائمها، خصوصا أن هناك زيادة مضطردة بأعداد المدخنين وبفئة الشباب بالتحديد والتي تمثل شكلا من أشكال الضعف والهروب والتقليد، بدون تبرع القائمين على رعاية مصالحهم بالتصنيع والتسويق لتقديم فائدة يتيمة لهذه الممارسة الشخصية بعنوان الحرية.

كتبت الاسبوع الماضي في هذه الزاوية مقالة تحذيرية عن المخاطر الصحية المحدقة وكانت بعنوان « ثلاثية محيرة التدخين والحمل والانجاب» فكانت مجرد نصائح متعلقة بزاوية الحمل والانجاب، ولم أتوقع الكم الهائل من الردود والاستفسار على بريدي الالكتروني حيث أيقنت أن درجة الاهتمام بفصول الصحة تأخذ حيزا كبيرا من الخارطة الحياتية، فقررت أن أكمل ما بدأت به بمزيد من التوضيح عن الأثر السلبي للتدخين على أصحاب هذه العادة المكتسبة، مقدما عذري إن قسوت، فالواجب الأخلاقي يتداخل مع الجانب الصحي مكملا لتكون الصورة التي نحبها ونتمناها لنا ولأطفالنا.
الهدف من مقالتي اليوم هو بصورة حصرية لتقديم إضاءات على الجوانب السلبية للتدخين على فقرة الاخصاب بحياة الفرد، فالدراسات العلمية قد برهنت بصورة واضحة بأن هناك ثمة علاقة سلبية وعكسية بين السيجارة والانجاب بدرجة تنذر بالحرمان للسلوك والنتيجة، خصوصا أنني قد أوضحت بالتحليل العلمي بمقالتي في الاسبوع الماضي حدود العلاقة التناقضية بين التدخين والانجاب بصوره المتعددة من حيث صعوبة الحمل و/أو حدوث مشاكل صحية أثناء رحلة الحمل، و/أو المرور بمطبات انتانية لولادات مبكرة أو إعاقات مرتبطة، وانتهاء بتأثير سلبي على قدرة التفكير والتحصيل، مذكرا أن ذلك ينطبق على العموم ولا يشمل الاستثناء حتى لا نجعل أمثلة فردية وسيلة لتبرير السلوك بالعموم.
 إن كنت مدخنا وتحاول الحصول على الحمل والانجاب فلا تتعصب لسيجارتك لأعذار ركيكة، فالتوقف عن التدخين الآن هو الخطوة الأساسية التي تمنحك شهادة التحقيق لحلم الأبوة، فقد يكون الإقلاع عن التدخين واحدة من أفضل الأشياء التي يمكنك القيام به لصحتك وخصوبتك ومستقبلك الصحي كعنوان للقادم من الأيام، وهو ضريبة مجانية تستطيع الالتزام بها بدون أن تتوقع العبور بمطبات نتيجة لذلك، وأنصحك بقراءة مقالتي للاستفادة من حقائق مبرهنة وليس بشكل من أشكال التحدي لاثبات العكس، فالخسارة الصحية والمالية أنت بطلها لأن حقائق التدخين تتمثل: 

 الحقيقة الأولى
 التدخين عامل مهم بتسبب تأخر الحمل والانجاب، لأن المدخنين أكثر عرضة لمشاكل الخصوبة عن غير المدخنين، وهناك ارتباط طردي بين سنوات التدخين الممتدة وكمية السجائر المستهلكة على مستوى الفرد بالربط لشدة المشكلة الصحية بزاوية الاثبات للعلاقة والسببب والنتيجة، فالسيجارة الواحدة تتسبب بتزويد الدورة الدموية بحوالي 7000 مادة كيميائية ضارة، تغزو جميع الأعضاء بالجسم وتترك آثارا سلبية يصعب إنكارها أو تفاديها، خصوصا المتعلقة منها بمشاكل الخصوبة ونذكر منها مشاكل الاباضة ونوعية الحيوانات المنوية، لتتعقد الأمور بين الحرمان أو الحمل بأجنة يرافقها اختلالات بالتطور والنمو والسلوك، إضافة لمشاكل صحية مستقبلية نتيجة الخلل المرافق بالتغذية أثناء فترات الحمل ومحطة الولادة المبكرة، ناهيك عن ضعف الانتصاب المبكر أو انقطاع الطمث السابق لأوانه.

 الحقيقة الثانية
 التدخين السلبي يمكن أن يؤثر على الخصوبة بنفس الدرجة السلبية للتدخين المباشر، فإذا كانت ظروف الحياة الزوجية تفرض العيش مع الشريك المدخن، سيجعل التدخين السلبي يعرضك للمواد الكيميائية السامة التي تؤثر على خصوبتك نتيجة الاستنشاق المباشر خصوصا بساعات الليل. في الواقع، يجمع خبراء الخصوبة بأراثهم العلمية بأن التدخين السلبي يضر كما هو تقريبا لخصوبتك كما لو كنت تدخن نفسك! يمكن التعرض لدخان السجائر لعدة أيام قليلة فقط حتى تؤثر على صحتك وخصوبتك، والتدخين السلبي هو أيضا سبب معروف لمتلازمة موت الرضع المفاجىء.
 
 الحقيقة الثالثة
 التدخين يزيد من فرصة حدوث الإجهاض بفرض حدوث الحمل، الذي يعني قتل فرد بدون ذنب نتيجة سموم السجائر المستنشقة بصورة قهرية واختيارية، فالمدخنين هم أكثر عرضة للمعاناة من الإجهاض مقارنة بغير المدخنين. وبالإضافة إلى ذلك، التدخين يتسبب بمخاطر صحية عديدة أثناء الحمل، مثل الولادة المبكرة والحمل خارج الرحم، وحدوث إعاقات صحية. وبالرغم من هذه التحذيرات، والملايين من النساء في سن الإنجاب لا تزال مستمرة في التدخين. بذلك، فإنهم يخاطرون بصحتهم وصحة أطفالهن. وكذلك الرجال الذين يساهمون بقدر وفير من توفير وقود الاشعال للمشكلة.

 الحقيقة الرابعة
 التدخين سبب رئيسي لمشاكل الخصوبة عند الرجال والنساء بنفس القدر والأهمية، فالرجال المدخنون معرضون للخطر المتزايد بنقص الحيوانات المنوية، زيادة نسبة المشوة منها، ضعف قدرتها باختراق جدار البويضة، عدم القدرة على الانتصاب الفطري واللجوء لوسائل المساعدة العقارية بالأساليب السرية، بل يتعدى ذلك بضعف القدرة بالمحافظة على الانتصاب نتيجة الخلل المدمر للمعادلة الهرمونية الضابطة، يقابله رداءة بنوعية البويضات المنتجة نتيجة الاستنزاف البطيء لخلايا المبيض، محذرا بين مفهوم الخلط بين الفحولة المصطنعة بمساعدة طبية والقدرة الحقيقية على الأداء الزوجي المطلق

 الحقيقة الخامسة
 التوقف عن التدخين لزيادة فرص الحمل والاخصاب لكلا الزوجين، حيث أن الأثر السلبي يتوزع بالتساوي بين الطرفين في الحصول على الحوامل. غالبا ما تتحسن الخصوبة للمرأة بعد أن التوقف عن التدخين، لتشير الدراسات إلى أن النساء المدخنات يمكن أن تزيد من فرصهم بالحمل والانجاب بمحاولة الإقلاع عن التدخين من قبل الحمل بشهرين على الأقل، ويمكننا إبداء النصيحة ذاتها للرجال الذين يحاولون تحويل حلم الأبوة لواقع ضمن قناعة الضرر والمنفعة الصحية.
الحقيقة السادسة: ارتفاع نسبة المدخنين بين الفئات العمرية للشباب يمثل جرس الانذار الحقيقي للواقع والمستقبل، خصوصا أن هناك ربط ساذج بين السيجارة ونوع الخلوي والسيارة، أحلام تمنع من رؤية المستقبل بمسافاتها، وتشكل خيط العلاقة العاطفية بين الأطفال الكبار وللحديث بقية!


خبرات 

حفر خندق الإنتحار ! 

التدخين باشكاله المختلفة وأسمائه ومبرراته، يمثل حفر خندق الانتحار بتصميم يفتقر لأدنى البديهيات الصحية والشخصية، فتحليل أركان الشخصية لا يشمل أبداً زاوية التدخين وتاريخها، كما أنه يفتقد لبرهان نتيجة ايجابية واحدة على مستوى الفرد، خصوصا أن هناك تزايدا مضطردا بين فئة الشباب بأعداد رواد المقاهي لتناول الأرجيلة والتي تمثل بواقها التزود بجرعة مكثفة من السموم التي تتخزن بالجسم وتتلف جزءا يسيرا من خلايا الدماغ بدون أن تسجل براءة فائدة واحدة، والمؤسف أن الأهل «بعلم أو بجهل» هم شركاء بتنفيذ الجريمة. ونذكر بسطر عاجل أن التدخين سبب رئيسي للاصابة بالسرطان، معلومة مهمة تسطر بحكم القانون على علب السجائر لمن يتعظ.

أستاذ مشارك/ كلية الطب- الجامعة الأردنية
استشاري النسائية والتوليد/ مستشفى الجامعة الأردنية
kamilfram@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com