الخميس، 22 نوفمبر 2012

غيرة الطفل الكبير من المولود الجديد مؤقتة


منى أبو صبح

عمان- استفاقت أم نادر (28 عاما) على صراخ طفلها الرضيع، لتراه ساقطا أرضا، و يقف شقيقه الأكبر ذو الأعوام الخمسة بجانبه، ولا ينفك عن ترديد عبارة "أنا ما عملت إشي هو وقع لحاله"، لم تتمالك الأم أعصابها، وبدأت بضرب طفلها بشكل مبرح.
لم تكن هذه الحادثة الأولى منذ قدوم نورس المولود الجديد، بحسب أم نادر، التي وبمجرد أن تغفل عن طفلها الصغير، حتى تسمع أو ترى طفلها الأكبر يحاول إيذاءه بحجة اللعب معه، ونتيجة لذلك تضطر أحيانا لإغلاق باب الغرفة التي ينام فيها نورس، مشيرة إلى أنها تخشى من تفاقم هذه الغيرة وحدوث أي ضرر لطفلها الصغير.
غيرة الأطفال من المولود الجديدة حالة لا يكاد يخلو منها أي بيت، بحيث يعيش الابن الأكبر حالة من الدلال والحنان التي لا يشاركه فيها أحد، وبمجرد قدوم أخ، يبدأ بالبحث عن هذه المكانة، فلا يجدها، فتتولد لديه مشاعر الكره للضيف الجديد، فيبدأ بمناكفته وإيذائه.
إنعام البنا (34 عاما) عانت المشكلة ذاتها عندما أنجبت مولودها الثاني، مؤكدة أن حياتها انقلبت رأسا على عقب، فظهرت علامات الغيرة على طفلتها الكبرى، فكانت دائما تحاول إيذاء أخيها الصغير، منوهة إلى أنها لم تقتصر على ذلك، بل أخذت "تغافلني وتصرخ بأذنه".
وتردف البنا "استخدمت معها أسلوب الترغيب والترهيب والعقاب لكن بدون جدوى، وصدمتي الكبرى عندما أخبرني الطبيب أن ابني فقد سمعه بالأذن اليمنى، ولم يكن هذا عندما أنجبته، فعند ولادته أجرى الطبيب له فحصا كاملا ولم يتبين ذلك".
وتضيف "يبلغ طفلي الصغير من العمر الآن خمسة أعوام، ويسمع بأذن واحدة فقط، وعندما أراه يشكو صعوبة الاستماع للآخرين؛ خصوصا في الروضة، أشعر بالألم والحزن يعتصر قلبي".
الاختصاصي النفسي د.خليل أبوزناد، يرى أن غالبية الأطفال يشعرون بالغيرة لحظة وصول المولود الجديد، وهي حالة مؤقتة تصيبهم بعد أن اعتادوا نيل كل الدلال والاهتمام، فلا يتقبلون فكرة وجود الطفل في المنزل، منوها إلى أنها تزول بعد مدة وجيزة.
ويعاني بعض الآباء والأمهات مجموعة من المشاكل عند قرب مجيء المولود الجديد، وفق أبوزناد، ويلاحظون بعض التغيرات التي تطرأ على أطفالهم، موضحا "وعلى سبيل المثال، يزداد التعلق بالأمهات، وحدوث بعض التصرفات العدوانية، واتخاذ وسيلة البكاء كمنفذ لتلبية الرغبات".
ويقول "يجب على الأم منح طفلها الكبير قدرا أكبر من الاهتمام والرعاية، وترغيبه بحب شقيقه الجديد، بأن يتحسسه ويلعب معه، على أن يكون هذا في حضورها، وإشراكه في العناية بالمولود الجديد".
وتنزعج أم سلطان (32 عاما) من غيرة ابنتها الشديدة ذات الست سنوات من مولودها الجديد، مع العلم أنها تهتم بها، مضيفة "الغيرة واضحة لديها عندما تقترب منه، فهي تحاول أن تؤذيه، وهذا يجعلني متخوفة دائما من تصرفاتها".
وتقول "انعكست غيرتها على صحتها، فأصبحت أقل وزنا من السابق، وكثيرة الصراخ، وترفض الطعام، وأحاول الحديث معها وإقناعها بأنه سيكبر وستلعب معه، لكنها لا تستجيب".
وتؤكد الاختصاصية الأسرية والمرشدة التربوية سناء أبوليل، غيرة الطفل من المولود الحديث، عازية ذلك إلى اعتقاده بأن هذا المولود سيأخذ مكانه.
انشغال الأم عن الطفل بالعناية بالمولود الجديد، كما تقول أبوليل، يوهم الطفل بأن أمه أهملته من أجل هذا الصغير. وقد تشتد حدة الغيرة، وفق أبوليل، لدى الطفل حتى إيذاء أخيه، موضحة "وهنا يأتي دور الأهل في منحه الراحة النفسية للتغلب على الشعور بالغيرة تدريجيا"، مؤكدة في الوقت ذاته أنه من الخطأ مخاطبة الطفل بأنه أصبح كبيرا.
وتضيف "على الأهل تفهم الأمر وتقبله ومحاورة الطفل بالطريقة التي تناسب سنه، ومنحه مزيدا من الحنان، ومن الممكن إبلاغ المهنئين بإحضار الهدية للطفل الأكبر وليس للصغير، فعندما تنظم الأمور ويشعر الطفل أن له الأولوية ستجري الأمور بشكلها الصحيح".
وتبين أن هناك عوامل وأسبابا تزيد من كره الطفل وعنفه تجاه المولود الجديد، فقد ينجم ذلك عن البيئة المحيطة بالطفل مثل؛ كثرة المشاجرات والصراخ والضرب، فيحاول الطفل تطبيق الضغط الواقع عليه (العدوانية) على أخيه الصغير ومن حوله، أما إذا شعر الطفل بالحب والاهتمام، فلا يضطر لإلحاق الأذى بأخيه الصغير.

muna.abusubeh@alghad.jo

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com