الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012

تفهم الأهل يقلل من آثار "الرهاب الاجتماعي" على الأطفال


عمان- تشكو أم حازم (32 عاما) من عدم قدرة طفلها على النطق في أوضاع يتطلب فيها الكلام كالمدرسة، رغم أنه يتكلم بشكل طبيعي في المنزل، وهذا الصمت يؤثر على أدائه الدراسي وتواصله الاجتماعي مع الآخرين.
وتقول "أبلغتني المعلمة أن طفلي يعاني من الخجل الشديد عندما تتحدث معه أو يحاوره أحد زملائه، فعندما يأتي دوره في الصف لتسميع الدرس أو آية قرآنية يحمر وجهه ويرفض الأمر ولا يتكلم، مع أنه يحفظ ذلك جيدا أمامي، حتى إنه يحرز علامات كاملة في الامتحانات العملية".
قلق وحرص أم حازم جعلاها تتعاون مع المعلمة والمرشدة التربوية في المدرسة لتتمكن من حل المشكلة، فأفادتها المرشدة في كيفية التعامل مع ابنها ودعمه معنويا، وأطلعتها على وسائل تشجعه على الكلام، وبعد فترة وجيزة لاحظت أن طفلها تحسنت حالته وأصبح لديه أصدقاء.
كثيرا ما نرى أطفالا يلتصقون بوالديهما عند مقابلة الغرباء، ويمتنعون عن السلام عليهما، ويفسره الآباء على أنه خجل زائد، ويلاحظ أحيانا عند مراقبة الطفل أنه لا يُنشئ صداقات مع زملائه بالمدرسة، بالرغم من رغبته في ذلك، ويمتنع عن مواجهة الناس ويبكي عند الضغط عليه، ويعجز دائما عن التعامل مع ما يواجهه من مواقف جديدة أو الدفاع عن نفسه.
الطفلة رهف في الثانية عشرة من عمرها، قررت والدتها اصطحابها لاختصاصي نفسي بعد تيقنها بأن ابنتها تعاني من مرض الرهاب الاجتماعي، وعندما ذهبت للعيادة أخبرت الطبيب بأنها تعاني من آلام في الساقين وصداع، وهذا يعوقها عن الذهاب للمدرسة.
تقول الوالدة "في البداية رفضت ابنتي الدخول للطبيب إلا برفقتي لها، وعندما جلست كانت غير مرتاحة في جلستها، وتتحرك كثيرا للأمام والخلف، وتنظر إلى الأرض أثناء حديث الطبيب معها، وتقول إنها لا تريد المشي بمفردها في الشارع، وتشعر بدوار من حين لآخر".
شرحت رهف للطبيب ما تشعر به وعدم تأقلمها في المدرسة وقلة أصدقائها، وبعد عدة جلسات وإجراء كشف طبي لها تبين خلوها من أي امراض عضوية خاصة بالجهاز العصبي، واتضح أنها تعاني من خوف شديد نتيجة حادثة حصلت أمامها وهي في السادسة من عمرها.
ويعرف الاختصاصي النفسي د. خليل أبو زناد الرهاب الاجتماعي عند الأطفال بأنه مرض نفسي يتسم بالخوف والقلق من المواقف الاجتماعية، يشعر معه الطفل بأنه محل سخرية أقرانه أو المحيطين به، أو أن أداءه غير لائق فيتعرض للنقد وهو الأمر الذي يحاول تجنبه جاهدا، وبالتالي يتجنب ذلك كليا وينسحب من المواقف الاجتماعية.
ويضيف، المواجهة تسبب له الإحساس بعدم الأمان والقلق، وتجنبها يبعده عن ذلك فيرى أن تجنب المواقف الاجتماعية هو ما يريحه، وفي هذه الحالة على الوالدين مساندة طفلهما وتقبل مشكلته، والامتناع عن الإساءة للطفل أو وصفه بالجبن أو الغباء.
ويؤكد أبو زناد مسألة الثقة بالنفس وتقدير الذات وكيف نرفع ثقة الطفل بذاته، وتشجيع الطفل بدلا من نقده، وتجنب نقده أمام الآخرين، وتشجيع السلوك المرغوب كالتعامل مع الناس بالهدايا، واصطحاب الطفل للمناسبات الاجتماعية المختلفة، وإشراكه تدريجيا في تحمل المواقف، فإنه بالتأكيد سيتخطى تلك المشكلة.
وانتقل مرض الرهاب الاجتماعي مع وجدان (21 عاما) من مرحلة الطفولة للمرحلة الجامعية، فهي فتاة تتمتع بسمعة طيبة، تعاني من الخجل الشديد ومن الانطواء، وترى أن السبب في ذلك يعود لخوف وحرص والديها الشديد عليها.
تقول "هذه المشكلة لازمتني منذ الصغر، فلا أتذكر أنني ذهبت لزيارة صديقة لي، فكان الجواب دائما "دعي صديقتك تأتي لزيارتك"، فأنا لا استطيع مواجهة الناس أو التعامل معهم".
وتضيف "لا يمكنني التوجه للدكتور في المحاضرة بسؤال ما، أو المشاركة في المحاضرة مثل صديقاتي، وهذه الحالة تتعبني كثيرا، وبصراحة أحاول أحيانا قراءة المواضيع الخاصة بالرهاب الاجتماعي، ومجددا قمت باستشارة طبيب نفسي وأنوي زيارته للعلاج".
تؤكد التربوية ومديرة إحدى المدارس الحكومية د. أمل بورشيك أهمية التواصل الفعال مع الأهل عندما تظهر عوارض الرهاب الاجتماعي لدى الطفل، فيجب على الأهل مساندة الطفل وتقبل مشكلته والاعتراف بها تمهيدا للتعامل معه.
وتوضح كيف يتم التعامل من قبل المدرسة مع الطلبة الذين يعانون من "الرهاب الاجتماعي" بالوقوف على أسباب المرض، وذلك بالتنسيق بين المرشدة ومربية الصف ومجموعة المعلمات ذوات العلاقة مع الطلبة، وكذلك دمج الطالب في النشاطات الجماعية في البداية حتى يكون صداقات تزيل أسباب الخوف الاجتماعي لديه.
وتلفت بورشيك إلى أن خبرات الطفولة لها أهميتها بل خطورتها في المراحل المتأخرة من نمو الشخصية، فالإطار الأساسي لشخصية الفرد يتشكل خلال السنوات الست الأولى من عمر الطفولة، كذلك العادات التي تتم في مرحلة الطفولة فمن الصعب التخلص منها في مراحل لاحقة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com