الأربعاء، 21 نوفمبر 2012

ارتفاع الأسعار يضعف آمال الشباب في الزواج


مجد جابر

عمان- انتظر الثلاثيني حسام أحمد اللحظة التي يستقر بها، ويتزوج ويؤسس عائلة، إلا أنه عاد إلى نقطة الصفر، معرضا عن الفكرة تماماً، بعد أن جلس يحسب بصورة مبدئية المصاريف التي سيحتاجها بعد الزواج.
حسام كان يعلم أن عليه توفير مصاريف زفافه، ومن ثم مصاريف الحياة الزوجية، لكنه لم يكن يتوقع أن يحجم عن الفكرة بسبب غلاء المعيشة. ويقول:"بعد أن حسبت المصاريف وجدت أنني بحاجة إلى أضعاف دخلي، فأعرضتُ عن الفكرة تماماً".
علاء مسعود شاب آخر يقول:"اختصرت الموضوع منذ البداية، فلا داعي لأن أرهق نفسي في التوفير لأمر لن أقدر عليه"، مبينا أنه كلما فكر في الزواج بأبسط وأقل التكاليف والعيش بأبسط الأوضاع، يأتي قرار جديد برفع الأسعار ويحبط كل مخططاته.
ويضيف أن ذلك جعله يكتفي بالعلاقات السريعة التي تقتصر على الطلعات والمكالمات، وفي حال كانت مكالمات مكلفة فلا داعي لها كذلك.
ولعل ارتفاع الأسعار المتكرر وغلاء المعيشة الذي يطرأ يومياً حتى على أبسط أولويات الحياة التي يحتاجها الفرد في حياته اليومية، وقف حاجزاً كبيراً بين كثير من الشباب كانوا ينوون الزواج الا أن ظروف الحياة خيبت آمالهم. 
الاختصاصي الاجتماعي الاقتصادي حسام عايش، يرى أنه بكل الأحوال كلما ارتفعت الأسعار فالأكثر تأثراً بها هم الشباب، كونهم هم باستمرار يتطلب منهم أن يكونوا خارج البيت سواء للعمل أو للدراسة بالتالي هم الأكثر تأثراً.
ويشير إلى أنه بهذه الطريقة فإن تفكيرهم سيختلف مع تغير الأسعار والارتفاع الذي يحدث يوميا في مجتمع يعاني من البطالة وانخفاض الدخل مع ارتفاع الأسعار، ما يؤدي إلى قرارات مصيرية كتأجيل قرار الزواج أو الامتناع عنه، أو الزواج من غير أردنية وأحيانا الهجرة إلى الخارج.
ويرى عايش أن الزواج مسؤولية، ويحتاج الى تكاليف يومية الى جانب وجود الأبناء بعد الزواج أي أن المصاريف في تزايد، وهذا يعني أن كل خطط الزواج تطيح بها الأسعار ما يجعلهم يضعون ألف علامة استفهام قبل التقدم لهذه النقطة.
الى جانب أن الزواج يحتاج الى السكن وتكاليف المنزل والمصاريف اليومية والكلف الاضافية التي تظهر يومياً، ما جعله بالأمر الصعب على الشباب، حتى في حال كان الأهل يساعدونهم في ذلك، ففي النهاية الأهل لديهم طاقة وقدرة، لافتاً الى أن 80 % من الشعب الأردني بحاجة الى دعم فكيف سيساعد ابنه في الزواج.
ويؤكد عايش أن المخاطر المترتبة على عدم الزواج تفوق أي مخاطر أخرى، فقد يتم فسخ كثير من عقود القران، خصوصا وأن المال هو سبب معظم المشاكل الاجتماعية في الأسرة، لافتاً إلى أهمية عقد ندوات ومحاضرات، بحيث يكون هناك صندوق وطني لدعم المقبلين على الزواج.
ويضيف "الأسعار ترتفع باستمرار وما يزال العجز موجودا، والحكومة غير قادرة على ايجاد حلول والشباب هو من يدفعون الثمن".
ربا محمود (29 عاما) مرت بتجربة تصفها بالعصيبة بسبب ضيق الأحوال المعيشية وانخفاض دخل خطيبها الذي جعلها تفسخ خطبتها بعد ثلاثة أعوام عنه. وتقول "بعد أن اقتنعت بفكرة عمل كل شيء بأقل التكاليف وأبسطها من أجل السترة والعيش مع زوجي، توصلنا إلى أنه حتى بهذه الطريقة لا نستطيع العيش بسبب غلاء المعيشة، وهو ما وضعنا بين خيارين؛ إما العيش بشح كبير وتأخير الإنجاب ومساعدات من أهلي وأهله، وإما فسخ الخطبة تماماً وبعد محاولات عديدة لإنجاح الأمر باءت كلها بالفشل فسخنا الخطبة".
وتضيف أنها غير غاضبة من خطيبها، بقدر غضبها من الحياة نفسها التي تضعهم في مثل هذه الظروف، دون أن يلتفت لهم أحد أو يحاول أن يحسن من ظروف حياتهم كشباب وفتيات.
اختصاصية العلاقات الزوجية د. نجوى عارف تقول، إن ذلك له تأثير كبير وسيئ للأسف الشديد على الشباب، فبالماضي كان يتم مناقشة تكاليف الزفاف والمهر، بينما الآن بات الأمر مختلفا حيث أصبحت تكاليف ما بعد الزواج هي المشكلة بالنسبة لهم.
الى جانب أنه في الماضي كان هناك بديل لكثير من الأمور، بينما الآن بات الطعام والشراب هو المرتفع وهو المشكلة ولا يوجد أي حلول لذلك، وفي حال وجدت تكون حلولا خيالية، مبينة أن ذلك كله مع مساعدة الزوجة لزوجها.
وتضيف عارف أن الشباب بات يختار الجلوس في البيت على أن "يبهدل نفسه وزوجته بالرغم من أن الفتيات والشباب باتوا يقتنعون بأبسط الأشياء وبتخفيض النفقات، والاستغناء عن الترف في الأعراس والمصاريف الزائدة، إلا أنه مع كل ذلك لم تفلح معهم الأمور".
وتؤكد أهمية أن يتزوج الشباب قبل أن يقعوا في كارثة الانحراف والغضب المجتمعي كونهم لم تشبع حاجاتهم، ذلك عدا عن الآثار السلبية الكبيرة على المجتمع، وهو ما ينعكس على الفتاة كذلك بالأثر السلبي نتيجة تأخر سن الزواج الذي قد يترتب عليه تأخر سن الانجاب، بالتالي يؤثر على مخاطر نوعية الانجاب الذي قد تزيد من ورائه الأمراض والتشوهات.
في حين يرى اختصاصي الطب النفسي د.محمد حباشنة، أن الزواج من أهم مقوماته القدرة على الاستقلال المالي والاقتصادي، وفي حال لم يكن هذا الركن متوفرا لن يصلح للزواج، مبيناً أنه عندما لا يقدم هؤلاء الشباب على الزواج فبالتأكيد لهم أسبابهم الحقيقة وله مؤثرات سلبية كبيرة.
بالتالي تصبح علاقات الشباب كلها عابرة وغير جدية، وبالتالي تصبح طبيعة العلاقات الانسانية في المجتمع غير عميقة ومؤقتة وسطحية ولا تؤسس لمستقبل وتربط الاستقرار المجتمعي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com