السبت، 6 أكتوبر 2012

عفوية الأطفال تحرج الآباء


ديما محبوبه

عمان- تختلف طريقة تعبير الاطفال عما يختلج في نفوسهم، حيث تتباين قدراتهم اللغوية على البوح بما يشعرون به من مشاعر حيال من يحيطون بهم، أو فيما يرغبون بتحقيقه من حاجات.
 وحتى لو امتلك بعض الأطفال اللغة السليمة للتعبير إلا أن هناك قاسما مشتركا يجمع هذا العالم "الملائكي"، وهو البوح بما في داخلهم وما يفكرون فيه بعفوية وتلقائية، على عكس الكبار الذين قد يختلف لدى بعضهم ظاهر ما يقولون عن باطن ما يشعرون.
الانبهار يتملك العشرينية سمر عطا الله من إمكانية الأطفال على التعبير عن مشاعرهم وحديثهم البريء، والذي لا ينم إلا عن أحاسيس صادقة في الحب والكره، مستذكرة أن ابن اختها تحدث مع شخص من عائلتها لا تحب حضوره ولا ترتاح إليه بصدق المشاعر: فقال له "روح من هون والله إني ما بحبك ولا بحب اشوفك".
وتضيف مبتسمة بأنها عملت على ردع الصغير بقولها: "لا حبيبي عيب هاد عمو بيحبك"، إلا أنها تؤكد بأنها هي من كانت تداري مشاعرها والصغير هو الصادق.
غير أن حديث الاطفال العفوي ليس بالضرورة أن يكون دائما محبذا، وعن ذلك تقول ريا خليل وهي أم لثلاثة أولاد "كثير من الأطفال يجلبون لذويهم الخجل من بعض مقولاتهم غير المقصودة وبعض الروايات الخاصة التي تحدث في المنزل، ومن دون الشعور بأي ندم".
وتضيف أنها كثيرا ما عملت على معاقبتهم لكن من دون فائدة، وأخيرا تمت بينها وبين زوجها مشاجرة وصفتها بـ"عظيمة الشأن" من وراء حديث الأطفال بعفوية لكل ما يدور بينهم كعائلة.
ومن وجهة نظر طفولية يبين أحمد عز الدين (6 أعوام) بأنه يكون غير قاصد للخطأ والحديث بما يغضب والديه.
فيقول "أنا ما بحب أزعل ماما وبابا بس لما أحكي مع حدا من الكبار بحس انهم بيزعلوا مني وبصيروا يحكولي عيب، مع إني بكون بحكي كلام عادي".
وتتعدد الأسباب التي تدفع الطفل إلى إفشاء أسرار المنزل أمام الآخرين، من أبرزها، بحسب الاختصاصيين، الشعور بالنقص والرغبة في أن يكون محط إعجاب، والحاجة للحصول على قدر أكبر من العطف والرعاية.
 التربوية رولا أبو بكر تبين أن هذه الحالة تنتهي عند الأطفال عندما يصل عقله إلى مستوى يمكّنه من التمييز بين هذه الأمور والتفريق بين الحقيقة والخيال.
وتلفت إلى أن علاقة الطفل بأمه علاقة قوية ومتينة جدا، واهتمام الأم بطفلها من الأمورالمسلم بها، وحرصها على تربيته تربية سليمة يأخذ كثيرا من الوقت حتى يتأقلم الطفل كلما كبر بالجو المحيط به.
لذا مهما حاولت الأم السيطرة على عفوية الطفل وصراحته أمام الناس، فهذا يتطلب وقتا وحذرا شديدين، مبينة عندما تزور الأم بعض الأقارب تجد طفلها يقوم بذكر حادثة حصلت في المنزل، أو تفوهه بتعليقاتها ومشاعرها على بعض الأشخاص، أو اعتراضه على ما تقوله الأم بالنفي، مما يضعها في موقف محرج أمام الناس، أو ذكره لأي أمور خاصة لا تود الأم أن يطلع عليها الآخرون، فهذه المشكلة قد تسبب لها بالكثير من المتاعب.
وربما تصل إلى قطع علاقات مع بعض الأشخاص، وعلى الرغم من أنها صفة جميلة ان الطفل لا يتلكف ولا يكذب إلا أنها صفة محرجة للأهل.
وتشدد أبو بكر بأنه لا داعي للتوبيخ واللوم فهو تصرف "غير إرادي"، فهو يعتقد بفعلته أنه سيجلب انتباه الناس له أو يكون محط إعجابهم واستحسانهم، وحصوله على أكبر قدر من الحب والاهتمام والرعاية، وشعوره بانعدام ثقته بنفسه، لكن مع مرور الوقت سيتخلص منها كلما تقدم في العمر، واستطاع عقله أن يميز بين المكروه فعله، والعيب، وما هو صائب وصحيح.
وعن الأسباب التي تجعل بعض الأطفال يكشفون الأسرار برأي اختصاصي الطب النفسي د. محمد حباشنة، فهو إثارة الاهتمام والانتباه حوله، وإعطاؤه الأهمية والاستماع لما يتحدث، وعلى الأم في هذه الحالة ان تبحث وراء السبب الحقيقي الذي يجعل طفلها يتفوه بكلام غير لائق فإن كان قصده الحصول على انتباه واهتمام الذين من حوله، فعليها تقديم المزيد من الحب والاستحسان والاهتمام به.
وبرأي الحباشنة هناك بعض الأطفال يحاولون زيادة ثقتهم بأنفسهم، وعلى الأم هنا أن تمنح طفلها الثقة، وتعوّده أنه هو الجيد وذو الأخلاق الحسنة، ومكافأته إن التزم بعدم إفشاء أسرار المنزل، وإن فعل عكس ذلك، فلا تقسو عليه كثيرا.
ويتفق حباشنة مع أبو بكر بأن على الأم ان تتعامل مع الأمر بهدوء وأن تحاول تعليم الطفل وتذكيره باستمرار أن الأمور التي تدور في المنزل هي خاصة بالعائلة وحدها و لا يجب اطلاع الآخرين عليها ومع الوقت سيعتاد على ذلك.
وعليها أيضا شرح أن التحدث في خصوصيات المنزل والأسرار غير مستحب ومزعج للناس والعمل على تدريبه على أن يقوم بالتحدث حول مواضيع أخرى.
ومن وجهة نظر علم الطاقة في عفوية الطفل والتعبير عن مشاعره بتلقائية وصحة من دون تجميل أو كذب تبين خبيرة الطاقة ريا خضر، بأن لكل شخص طاقة وحاسة تمكنه من الاحساس بالآخرين من حيث قبولهم في حياته أو غير ذلك، وهذه الحاسة تكون أيضا عند الأطفال ومنطلقة من دون تجميل.
وتضيف أنه قادر على التعبير بشكل اصدق من الكبار؛ لأنه يقوم بما يشعر به ويريحه، وغير ذلك يعبر عنه ويظهر توتره ورفضه إما للموقف او الشخص.

dima.mahboubeh@alghad.jo

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com