الأربعاء، 17 أكتوبر 2012

إهمال الأهل يودي بحياة الأبناء


مجد جابر

عمان- صدمة كبيرة عاشتها العشرينية رهام أحمد، التي سقط طفلها أمام عينيها ليلقى مصرعه. فإلحاح رهام المتكرر منذ أكثر من عام على زوجها لإزالة سلك الكهرباء الذي اهترأ من أمام باب المنزل لم يفدها، ولم تكن نتيجته سوى موت ابنها ذي الأربعة أعوام.
ولم تكن تعلم رهام أن خروج ابنها للعب على باب منزلهم سيؤدي إلى عدم رجعته الى المنزل مرة ثانية، فطفلها خرج ليلعب بخرطوم الماء وبدأ يقترب من سلك الكهرباء المكشوف، الا أن والدته رأته من النافذة وحتى لا تفزعه فيقترب أكثر من السلك الكهربائي نادت عليه بهدوء وبدأت تقنعه بالعودة الى الخلف، إلا أنه استمر في التقدم وبدأت تتحول نبرة الأم الى التوسل والرجاء منه بالابتعاد، وما كان منه إلا الاقتراب أكثر وأكثر حتى أمسك بالسلك ليقع مكانه ساكناً بدون حراك ويلقى مصرعه في اللحظة نفسها.
رهام الآن تعيش على المهدئات والمسكنات، كما أنها انفصلت عن زوجها، كونها اعتبرت أن إهماله وعدم مبالاته كانا سبب موت ابنها.
"فيش كهرباء"، "أسطوانات غاز"، "مواد خطيرة في متناول اليد"، كلها أشياء تنتشر في زوايا البيوت يتم تأجيل صيانتها أو وضعها في أماكن سهلة تكون نتيجتها انتهاء حياة طفل لا ذنب له سوى إهمال أهله.
الثلاثينية إيمان محمود، تداركت الأمر قبل وقوع الكارثة، ففي أحد أيام عودتها من العمل، دخلت الى المنزل لتفاجأ بابنها يربط على نفسه لباسا معينا ويحاول الطيران في أرجاء المنزل بعد قيامه بحضور فيلم "باتمان".
فاعتقدت الأم في بداية الأمر أنه يلعب كباقي الأطفال حتى جلست مع ابنتها الصغيرة تتحدث معها، فأخبرتها عن نواياه في أنه يتقن الطيران داخل المنزل حتى يستطيع أن يطير من النافذة بعد ذلك.
وتقول "عند سماعي القصة، أصبت بالهلع الشديد والخوف، خصوصاً وأن شبابيك المنزل كبيرة وسهلة الفتح، وهو الأمر الذي دفعني لأخذ إجازة من العمل فوراً وعمل صيانة في المنزل وتركيب حماية على الشبابيك كافة".
وتضيف أنها تحمد الله على أنها تنبهت قبل وقوع الكارثة، لافتة إلى أنه من واحب كل الأهالي تأمين كل سبل السلامة في المنزل كون الإنسان لا يعرف ما قد يقدم عليه الأطفال.
رولا أبو بكر، تقول إنه حالياً، ومع التطور الذي يحدث والتكنولوجيا والإعلام الحديث وما يعرض على المحطات، أصبح الأطفال بحالة فضول وتقليد لأي شيء يرونه، الى جانب خروج المرأة الى العمل الذي زاد من فرص حدوث ذلك.
وتبين أنه لا يمكن وضع الخطر أمام أعين الأطفال ومن ثم لوم الطفل على تجريبه أو اكتشافه، خصوصاً وأن الأطفال بشخصيتهم فضوليون ويحبون الاكتشاف، الى جانب أن على الأهل تنبيه أولادهم وتوعيتهم على كل شيء داخل البيت وخارجه، لافتة إلى أنه على الطفل أن يتلقى المعلومة بطريقة مناسبة وليس بتخويف وإرهاب له "فكل ما هو ممنوع مرغوب"، لذلك لا بد من الشرح للطفل كل شيء بتفاصيله، خصوصاً وأن الطفل يخزن كل ما يراه بذاكرته.
الناطق الإعلامي في مديرية الأمن العام، المقدم محمد الخطيب، يشير إلى أنه في حالات وفاة الأطفال بمثل تلك الحوادث، تسجل القضايا قضاء وقدرا، كون الأب هو ولي الأمر، وبالتالي له الحق في أن يشتكي أو لا، الى جانب أن كل قضية لها ظروفها ومعطياتها الخاصة.
اختصاصي طب الأطفال د. نبيل فرادجة، يقول إن تلك الأمور مرتبطة بعمر الطفل والشخص الذي يقوم برعايته، مبيناً أن غالبية الحالات تحدث للأطفال الذين تكون أمهاتهم خارج البيوت ويكونون برعاية الخادمة، لذلك يفضل عدم الاعتماد على أي شخص غريب يرعى الطفل.
ويضيف أنه في أحيان كثيرة، يكون الأهل أنفسهم في البيت، لكنهم لا يراعون السلامة العامة، خصوصاً وأن الأطفال من عمر 3-5 أعوام يجب الانتباه إليهم جيداً، لافتا الى أن هناك أهالي لديهم إهمال وعدم مسؤولية، ما قد يسبب الكثير من المشاكل.
ويؤكد ضرورة أن يعي الأهل أنفسهم أكثر من الأطفال، وأن ينتبهوا لأشياء قد تكون بنظرهم بسيطة إلا أنها قد تسبب مشاكل، لافتا الى أن أي شيء يسبب خطورة على الطفل لا بد من الانتباه له؛ مثل تأمين الكهرباء وأسطوانات الغاز والأماكن المرتفعة والدرج المكشوف.
وحاولت "الغد" مرات عديدة الاتصال بالناطق الإعلامي في الدفاع المدني العقيد فريد الشرع، إلا أنه لم يرد على أي من الاتصالات الهاتفية.
من جهته، يذهب الاختصاصي النفسي د. أحمد الشيخ، الى أنه لا شك أن التربية بشكل أساسي تتعلق بالمسؤولية، بمعنى أنه عندما تكون هناك أمور تسبب الخطر على الطفل، فإن هذا يقع على مسؤولية الأهل التي تكمن في توفير بيئة آمنة، وبالتالي فإن أي أذى للطفل يكون الأهل مسؤولين عنه.
ويشير الشيخ الى أن التربية "لا تتعلق بالقدرية"، فلا بد من الأخذ بالأسباب والمسؤولية، وهذا يتعلق بكل شيء خطر سواء كهرباء أو حتى مواد خطرة أو أدوية، فكلها أمور يتحمل مسؤوليتها الأهل.
ويضيف أنه عندما يحدث الخطأ، فإن الإنسان بطبعه يبرر هذا الخطأ ويعزوه لأسباب أخرى؛ مثل القضاء والقدر، مبينا أن هذه طريقة لتخفيف الآلام والتعايش مع المصاب، إلا أن الأجدى من ذلك أن لا يبرر الشخص بهذا المبرر وأن لا يصل لهذه المرحلة أصلاً، وإنما عليه الأخذ بالأسباب والعمل على الوقاية، حتى لا يضطر للتعامل مع أزمة فقدان 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com