الثلاثاء، 30 أكتوبر 2012

ثقافة إعادة تدوير الورق!

صورة

د.أيوب أبودية - انطلقت ظاهرة إعادة تدوير الورق في الأردن منذ سنوات بهمة جمعية البيئة الأردنية وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني ورعاية وزارة البيئة، ولكن ما لبثت أن تعثرت لغياب الحوافز وضعف مردود الاستثمار وقلة المتابعة وفقر الثقافة العامة لأهمية التدوير في عالم يفقد نحو 2% من مساحة غاباته الممطرة كل عشر سنوات، ولكن ما لبثت أن انطلقت حملات جديدة بمبادرات خاصة بدأت تنداح بسرعة في العاصمة عمّان وتطمح هذه المبادرات أن تغطي مدن المملكة كافة في زمن قياسي.
إن فائدة ارتقاء ثقافة إعادة تدوير الورق تتجاوز خفض الحاجة إلى كميات من مادة الورق الخام والتي هي أصلاً من الأشجار وأغصانها وأوراقها التي باتت مهددة بالزوال على هذا الكوكب، وبخاصة في دول العالم الثالث، حيث تفقد إفريقيا وأمريكا اللاتينية أكبر مساحات من الغابات مقارنة بأماكن أخرى في العالم؛ إذ تتعدى ذلك إلى «تنمية» ثقافة المواطن وتدريبه على هذا النمط من التدوير الرفيق بالبيئة كي يستطيع أن يؤسس لحملات إعادة تدوير مواد مستهلكة أخرى أو بقايا صناعية أو زراعية أو منزلية أهم وأعظم في المستقبل، وهي حملات فصل النفايات عن بعضها البعض.
فهل من المستهجن أن نرى في السنوات القادمة أمانة عمّان أو وزارة البلديات تخصص يوماً للنفايات الزجاجية وآخر للنفايات الكرتونية والورقية وآخر للنفايات العضوية ورابع للنفايات الإلكترونية وهكذا، بحيث ينتظم المواطن في تصنيف هذه النفايات وإخراجها على الطريق في الأيام المخصصة لذلك، على نحو ما فعلت الأمانة مشكورة بتنظيم التخلص من النفايات الإنشائية؟
 إن أي تفكير منهجي بتحقيق أي تنمية مستدامة يستدعي بالضرورة أن نقلل من كمية الفضلات إلى الحد الأدنى وأن يتم تدويرها بالشكل الأمثل لجعل الموارد الطبيعية أكثر استدامة وخلق فرص عمل والمحافظة على البيئة من التلوث.
 وبما أنه لا يجوز منطقياً الحديث عن أزمة الطاقة قبل الشروع في تحضير برنامج متكامل في إدارة الطاقة وترشيدها وزيادة كفاءّة استخدامها، وكذلك فإننا نطمح أن نرى استخداماً لوجهي الورق أولاً، ثم يتبعه الالتزام بإعادة تدوير الورق ليصبح محارم ورقية، أو لإعادة تدوير الصحف والمجلات لتصبح كرتونا؛ ففي فترة من الفترات كنا نرسل الصحف إلى الهند والسعودية وغيرها من الدول لإعادة تدويرها، بل وكانت الحكومة تفرض ضرائب عليها! ألم يحن الوقت لوضع حوافز للمبادرين بهذه المشاريع البيئة على غرار اعفاءات الجمارك عن مستلزمات الطاقة المتجددة والمركبات الهجينة؟
 وبالرغم من أن هناك كتاب صادر عن رئاسة الوزراء تحت رقم 25/11/1/3925 بتاريخ 13/2/2012 يشجع الوزارات على إعادة تدوير الورق فإن الإقبال ما زال محدوداً؛ إذ نأمل من الحكومة الجديدة أن تنجز هذا العمل الوطني وتعممه على المدارس والمباني العامة والخاصة، وذلك كي نهيئ الطفل وهو على مقاعد الدراسة للإشراف على تدوير النفايات الصلبة والعضوية في منزله بعد سنين، وكي ننتقل بعدها من العاصمة إلى الأرياف والقرى، لأنها أيضاً جزء من هذا الوطن الطيب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com