وليد سليمان - نتعايش بشوق وبلهفة وبمحبة كبيرة لهذا الزمن السابق الذي مر على عمان المدينة الاثيرة والصغيرة المليئة بالألفة وبالناس الطيبين .. ومنهم غالب حمد أبو صالحة الذي دوٌن معظم ذكرياته عن حياته وحياة عمان المدينة الإجتماعية والثقافية والتي كان الناس فيها وكأنهم أقارب يعيشون في بيت محبة هو البيت العماني الحنون الذي أحب كل من شرب من مائها العذب وتنشق من هواء جبالها الشماء العريقة .
وصاحب هذه الذكريات غالب أبو صالحة كان قد نشر كتابه { ذكريات عمان أيام زمان} في أواخر العام 2011 في عمان حيث تحدث عن طفولته التي بدأت في حي الأشرفية القريب جداً من شارع الطلياني المعروف في قاع المدينة وسط عمان .
وفي ذكرياته الممتعة تحدث ومن خلال فترة الثلاثنيات والأربعينيات عن القديم الذي كان في ذلك الزمن من خلال معرفته الشخصية بكل من : الشخصيات السياسية ومعاشرته لها مثل جلالة الملك الراحل الحسين بن طلال , وعن بعض كبار موظفي الدولة الاردنية آنذاك , وعن معايشته ومعرفته للدكتورة الشهيرة شارلوت برنل , ثم يستعرض قديماً عن أشهر الأطباء والقابلات والكتاتيب والمكتبات والحلاقين والسفريات والسيارات والمطاعم والمقاهي والجسور وسيل الماء ونبعاته الكثيرة وحياة الناس الإجتماعية والإقتصادية والإنسانية أيام زمان في عمان .
وفي فصل من فصول الكتاب خصصه المؤلف وصاحب الذكريات غالب حمد عن أشهر شوارع عمان قديماً في لك الفترة نستعيد معه ومن خلاله هذه المعلومات والتي جاء فيها ما يلي : 

شارع طلال
لم يكن هذا الشارع معبداً تعبيداً جيداً ولكنه كان أحسن حالاً من شارعي الأشرفية ورأس العين وعلى جانب الشارع توزعت (خشابيات) كانت تستعمل كدكاكين , وهي عبارة عن صناديق سيارات إسعاف الجيش البريطاني التي كانت تعطب أثناء الحرب العالمية الثانية , إذ أنها كانت تحمل شارة الصليب الأحمر وفي منتصف يمين شارع طلال تواجدت المدرسة الثانوية وهي مدرسة حكومية وتنتهي بالصف الثاني الثانوي (التاسع حالياً) ومن أراد إكمال دراسته كان عليه أن يلتحق بمدرسة السلط الثانوية وهي المدرسة الثانوية الحكومية الكاملة في ذلك الوقت , وكانت المنطقة الممتدة من المدرسة الثانوية وحتى شارع المهاجرين مخصصة لأصحاب الحرف والحدادين والنجارين والبياطرة (حاذي الخيول) والكندرجية والإسكافية والخضرجية , واللحامين , ومن أشهرهم وديع الأرمني , وأبو حنا الأرمني , وبائعي الحطب والفحم وقد اختص أهل برمة بهذه الحرفة وأما المنطقة الممتدة من المدرسة الثانوية وحتى المسجد الحسيني فكان يغلب عليها الطابع التجاري ففيها محلات الأقمشة والجملة والصاغة وأهم معالمها كان سوق البخارية الذي كان أمام المسجد الحسيني مباشرة وقد احترق فيما بعد واستقر في موقعه الحالي ولا انسى ساحة المسجد الحسيني عندما كان يصطف فيها الجنود يوم الجمعة لاستقبال الأمير عبد الله عندما كان يأتي لأداء صلاة الجمعة .

شارع السعادة 
وهذا الشارع كما هو حالياً يصل بين ساحة المسجد الحسيني وبداية شارع فيصل الحالي وقد تواجدت في هذا الشارع عدة مطاعم ومن أشهرها مطعم الأوتوماتيك لصاحبه أبو هاشم وفيما بعد انتقل إلى مكانه أمام مطعم جبري ومحلات محمد حسن عزيزية التي انتقلت إلى مكانه الحالي تحت مقهى السنترال ومحلات فريد خرفان وأبو هاني الحاج حسن ومثقال وشوكت عصفور وبعض الفنادق وملحمة سكرية وملحمة عودة الزعمط أبو عواد , ومن أهم معالم هذا الشارع مبنى بلدية عمان الذي كان يقع على رأس الجزيرة المحصورة بين شارع السعادة وشارع الرضى .

شارع فيصل 
يعتبر هذا الشارع مركز عمان في ذلك الوقت , وهو من أوسع وأجمل شوارعها آنذاك , وكان يضم معظم المحال التجارية والبنوك والصيدليات ومضخات البنزين ومن الصيدليات في هذا الشارع :
- الصيدلية العربية الكبرى لصاحبها عبد الرحيم جردانة / أبو نزار ولا تزال في موقعها حتى الآن .
- صيدلية الإمارة لصاحبها أمين قعوار وموقعها في نهاية شارع الرضى ومدخل شارع فيصل , وأمين قعوار هو أول من اكتشف الفوسفات في الرصيفة , وكان يعمل في هذه الصيدلية السيد إبراهيم قعوار صاحب محل أوبتكا للنظارات فيما بعد .
- صيدلية الهلال لصاحبها ملحم حداد / أبو وليم , تحت بلدية عمان نهاية شارعي السعادة والرضى وبداية شارع فيصل .
- صيدلية الصباغ ولا زالت موجودة حتى الآن في نفس موقعها في شارع فيصل .
- بعد الصيدلية العربية الكبرى يسار الشارع يقع محل باتا لبيع الأحذية وفوق هذا المحل وفي بيت متواضع تواجد البنك العربي وعلى بعد مئة متر منه البنك العثماني وعلى جانب الشارع تواجدت مضخة بنزين لشركة موبيل أويل وكان وكيلها أبو الوفا الدجاني وكانت تعمل يدوياً وبجانب هذه المضخة محل تجاري للسيد عبد الفتاح ملحس والد الدكتور زهير ملحس , والدكتور زهير ملحس من خريجي مدرسة المطران الحالية , وفوق هذا المحل كان فندق فكتوريا لصاحبه ميرون خوري , وعلى الجانب الآخر من شارع فيصل كان مقهى حمدان وكان مشهوراً آنذاك إذ أنشأ مع عمان وكانت ترتاده جميع طبقات الشعب ومكانه سوق الصاغة الآن وبجانب هذا المقهى مضخة بنزين لشركة شل وكان وكيلها إسماعيل البلبيسي وكان تعمل يدوياً وفوق هذه المضخة كانت سينما الأمارة وكانت عبارة عن عريش واسع غطي سقفه وجوانبه بالقماش الأسود السميك وكانت خلال الحرب العالمية تعمل ليلاً ونهاراً وبعد الحرب العالمية نقلت فوق عمارة شريم وكانت مكشوفة لذلك كانت تعمل ليلاً فقط .
- بعد مضخة شل ومقابل البنك العثماني كان موقع بريد عمان , ولا يزال المبنى موجوداً ويستعمل لبيع البن المطحون والبهارات ولا يفصله عن مبنى البنك العربي الحالي سوى دخله , وفي هذه الدخله ومكان بناية البنك العربي كان يوجد نبع ماء غزير عرف نبعة(دار الور) وعندما يكون الشتاء غزير الأمطار تتفجر هذه النبعة داخل البنك العربي ويضخ ماؤها إلى الشارع بوساطة مضخة , وبعد هذه النبعة سفريات طبلت وبعدها مقهى البرازيل .

شارع المحطة / الشارع الهاشمي 
- يبدأ هذا الشارع من سوق الخضار وسط عمان وينتهي في المحطة وقد تواجدت فيه بعض المحال التجارية مثل محلات صبري الطباع وإحسان البعلبكي , وفريد سبع العيش وحمدي فريز , وزعتر وعلي البلبيسي , والسروجي الذي اختص بعمل سروج الخيل , وقد انحصرت هذه المحال في المنطقة الممتدة من سوق الخضار إلى جسر الخشب المؤدي إلى جبل الجوفة وفي المنطقة الممتدة من جسر الخشب إلى جسر العسبلي تواجدت بعض الورش الحرفية مثل مبيضي أواني الطبخ النحاسية , والسمكرية والمواسرجية , وما بين جسر العسبلي وجسر رغدان انتشرت الكراجات وورش تصليح السيارات , كما تواجد في هذا الشارع مركز إطفائية عمان ومخفر شرطة رغدان , وممن سكن هذا الشارع الدكتور جميل توتنجي , ودار حسونة , ودار أبو الراغب ومنهم باكير وأسعد ويوسف وعزات , كما سكنه إبراهيم شمشم .
كان جسر رغدان صغيراً وضيقاً ولا يستوعب مياه السيل عندما يرتفع منسوب المياه في فصل الشتاء , وعلى يمين هذا الجسر كان يتواجد مسلخ عمان , والمنطقة الممتدة من جسر رغدان إلى المحطة كانت كلها بساتين , وكان معظمها على يسار الشارع إلى جهة السيل أذكر منها بستان الرفيدي , وعلى يمين الشارع تواجدت بعض البيوت أذكر منها بيت محمد علي الضباطي وبيت كلبونه , وشركة دخان قرمان وديك وسلطي , وكان يديرها السيد فوزي المفتي .
في المحطة وقرب حي الضباط تواجد ملعب كرة القدم الوحيد في عمان , والذي كانت تقام عليه المباريات , وكنا نأتي إليه لمشاهدة مباريات كرة القدم ونعود إلى عمان مشياً على الأقدام , ولا بد أن نعرج على بعض البساتين لسرقة الفواكه والخضراوات .
كانت شوارع عمان المعبدة قد عبدت على الطريقة الإنجليزية , أي أن يرصف الشارع أولاً بالحجارة ثم توضع عليه خلطة الاسفلت وهي طريقة قوية وتخدم مدة طويلة ولكن عملية التعبيد بهذه الطريقة بطيئة وتأخذ وقتاً طويلاً لأنها كانت تتم يدوياً بوساطة العمال وهذا كان يستدعي تحويل مسار السير وعندما كان يتم تعبيد أو إصلاح شارع المحطة كان السير يحول قبل جسر رغدان إلى قصر رغدان تجاه المحطة فكنا نمر من أمام القصر ونشاهد الأمير عبد الله جالساً في باحة القصر فنحييه ويرد علينا التحية بكل تواضع , ولم تكن هناك حراسات ولا حواجز , وكثيراً ما كنت أمر من أمام قصر رغدان بصحبة الدكتورة بيرنل عندما نذهب لزيارة السير كيركبرايد في بيته المجاور للقصر .

شارع السلط 
يبدأ شارع السلط من حدود مطعم جبري الحالي , وحانة السماوي على الجهة المقابلة قرب درج الكلحة , ومن ثم أرض خلاء قامت فيها بعض البيوت الترابية , ثم محل أبو فطيس لبيع الخردة ومقابله دائرة الجوازات العامة وكان مديرها عيسى مرار , وبجانب دائرة الجوازات وفي نفس المبنى تواجدت دائرة محافظة العاصمة , وكان المحافظ السيد صدقي القاسم وهذه البناية موجودة حتى الآن وقد شغل الطابق الأرضي منها بنك انترا فيما بعد , ويأتي بعدها مكتب الخطاط أنطون باسيل ومسجد التلهوني , وبعده تأتي مطبعة الأردن ومبناها لا يزال قائماً وصاحبها ومؤسسها المرحوم خليل نصر مقابل مطبعة الأردن تواجد بيتا المرحومين علمي النابلسي ودولة سليمان النابلسي , وفي الطابق الأرضي من بيت المرحوم علمي النابلسي تواجد فرن أبو نايف نوار , وبعد هذا البيت مدرسة الصناعة , وكانت عبارة عن براكيات من الزينكو , وكان مديرها السيد بشير خير ويشغل مكانها الآن مبنى مختبرات وزارة الصحة , وبعد هذا المبنى تواجد مستشفى حكومي , وقد قامت مكانه بناية البنك المركزي الحالي , وبعد هذا المكان حارة الجبالية , ومقابلها على الجهة الأخرى بيوت السادة , الدكتور بلوفلد ، الذي كنته العامة (أبو نوفل) ، معالي الأستاذ نوري شفيق ، محمد غزاله وأبو عادل الخليلي ، وأبو احمد النركوسي ثم معمل الثلج , وعنده ينتهي شارع السلط .