الأحد، 7 أكتوبر 2012

مــــوت الجنــــين «الترويــــح» المفاجــــئ

صورة

مستشار الأمراض النسائية والتوليد والعقم
د. سميح خوري -  الترويح كلمة عامية, تعني موت الجنين الذي لم يصل الى الأسبوع الرابع والعشرين (الشهر السادس) من الحمل. وكثيراً ما يسأل الزوجان الطبيب بألم عن سبب الترويح المفاجىْ, فيحاول الطبيب عندئذ الاجابة عن هذا السؤال المهم تخفيفاً لآلام الزوجين ورغبة في طمأنتهما للحمل المقبل.
يمكننا تحديد عدم نمو الجنين, بانتهاء الحياة في داخل الرحم قبل الأسبوع الثامن والعشرين من فترة الحمل. أما الأسباب المؤدية الى هلاك الجنين, فهذا ما يعرف طبياً بعبارة Etiology في حين أن طرق حصول تلك الأسباب, تعرف بعبارة Pathogeny.



اذا حاولنا دراسة العوامل المسؤولة عن سقوط الجنين العفوي, لواجهتنا نظريات متنوعة تحاول حصر جميع الأسباب, وتحاول أيضاً تقييمها تبعاً كنسبة ظهورها وأهميتها من جهة, وكيفية حصولها والطرق التي تمت بموجبها من جهة أخرى مما يعقد الموضوع الذي نحن بصدده ويصعب اختيار التصنيف الأفضل.
وكما أن سبباً واحداً يحدث الترويح بطرق متعددة, هكذا تحدث الأسباب المتعددة والمختلفة لحدوثه بطريقة واحدة. لهذا السبب أن الاعتماد على تصنيف شخصي للاسباب وطرق حصولها, قد لا يكون كاملاً, بل ربما يزيد التعقيد تعقيداً. الأفضل, هو عرض العوامل التي تساهم في المحافظة على الجنين ونموه الطبيعي, بحيث أن اضطراباتها هي التي تؤدي الى اسقاط الجنين.
هناك عدة شروط تحتم على البويضة الملقحة أن تسيرها لتصل الى مبتغاها وهي:
أولا: ان تكون حاوية على حيوية, ومقدرة نمو, ونشاط بيولوجي (حياتي), جديرة بأن توصلها الى نهاية الحمل, وهذا يتطلب سلامة تكوين الحيوان المنوي والبويضة معاً.
ثانياً: ألا تهلك البويضة الملقحة, في أثناء اجتيازها وعورة مسلك الأنبوب الرحمي, وهذا يشترط وجود المواد الغذائية.
ثالثا: أن تجد البويضة الملقحة, عند وصولها الى الرحم استقبالاً ودوداً من حيث المورفولوجية (الشكلية) والعمل الوظيفي في الرحم, أي استعداداً لقبولها في البطانة الرحمية والانغراز في داخلها بطمأنينة في الرحم.
ولا يتم هذا الاستعداد الا بفضل التأثير الهرموني المزدوج, الا هو الاسترو – بروجيستروني. فالتأثير البروجيستروني يعزز بفضل العمل الاستروجيني, وبغض النظر عن الدور الهرموني في الرحم, لا بد من الاشارة الى الاحوال الاضطرابية الخاصة ببطانة الرحم, ما يعرف بالتهاب البطانة الرحمية, التي تنتج عن التهاب عنق الرحم المزمن – وهذا الالتهاب البطاني الخاص بمجال نمو البويضة يؤدي أحياناً الى الاجهاض العفوي.
فالتأثير الهرموني في الحمل, يكثر من عدد الالياف العضلية الرحمية, كما يكبر من حجمها, مما يسهل بقاء الحمل في الرحم الذي يخضع الى الاتساع والنمو. وهكذا, وكلما كبر الجنين, تتمدد الألياف العضلية الرحمية, التي تتخذ شكلاً مناسباً لتتقلص لاحقاً وقت المخاض. فاذا ما اضطرب العمل الفسيولوجي المذكور هنا, حصل الاجهاض, كما هو الامر لنقص في النمو.
رابعا: أن تحصل صلة حميمة ويتم اتحاد تام بين الأم والجنين, لتكتمل طرق التبادل الغذائية والغازية بينهما.
يمتص الجنين بواسطة المشيمة, المواد الغذائية والغازية الضرورية لنموه والمـتأتية من والدته, فاذا حصل ارتباك ما, أو خلل في هذه الوحدة النسيجية, سهل حصول الاجهاض.
فالتفسخ الحاصل بين المشيمة والرحم, والمؤدي الى اضطراب في تبادل المواد الغذائية, يسهل التقلص الرحمي بحيث ينتج نزفاً ثم اجهاضاً.
 اذاً هناك علاقة وطيدة, لا بد منها, بين الحامل وجنينها, توصل الجنين في نهاية المطاف الى الولادة. وتتم هذه العلاقة بواسطة اتصالات في الدم. والمواد المسهلة لهكذا علاقة وطيدة, نذكر منها الهرمونات والفيتامينات. واذا حصل اضطراب في هذه المواد المذكورة, فقد تتحطم أسس العلاقة الوطيدة, ويحصل الاجهاض المؤدي الى هلاك الجنين.
من هنا يتبين لنا أن أي سبب داخلي أو خارجي, مورفولوجي أو وظائفي, تناسلي أو غير تناسلي, يلحق الضرر بواحد أو أكثر من الشروط المذكورة اعلاه, يستطيع تلقائياً احداث اسقاط الجنين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com