الثلاثاء، 11 سبتمبر 2012

غياب الأب يحمل الأم المسؤولية التربوية كاملة


منى أبو صبح

عمان-  يترك غياب الآباء عن المنزل لساعات طويلة أو لأيام وأسابيع، أثرا خطيرا على نفسية الطفل، فالأب يعد مصدر الأمن والحماية بالنسبة للطفل، لذا فمهما كانت مشاغله، يجب أن تبقى الأسرة في مقدمة مسؤولياته، وعليه الحفاظ عليها وتوزيع الأدوار بينه وبين الأم.
الأربعينية أم علي، تشيد بالعادات والتقاليد الأسرية الموروثة التي نشأ عليها الآباء والأجداد، فرغم تواضع تعليمهم، إلا أنهم نجحوا في إدارة حياتهم الخاصة وحياة من ارتبط معهم وبهم من أبناء.
وتقول: "أما اليوم، فقد افتقدنا الكثير من القيم، وتخلى عدد من الآباء عن مسؤولياتهم وأوكلت للأم فقط، بحجة التعب والمشقة أثناء العمل، والعودة إلى المنزل للراحة والاسترخاء بعيدا عن المشاركة في تربية الأبناء والأعباء المنزلية".
وترى الاختصاصية الأسرية والمرشدة التربوية سناء أبو ليل "أن (الأب الحاضر الغائب) حاضر جسديا غائب معنويا، فهو يوفر المادة والمنزل وغيرها من ضروريات الحياة، لكن ينقص الأسرة حضورها العاطفي".
وتضيف: "هناك فجوة ضرورية بين الزوجين، فإذا كانت طبيعة عمل الزوج تتطلب منه العمل خارج المنزل لفترات طويلة، فيجب على الأم أن تجعله حاضرا، فهناك يوم الجمعة والإجازات السنوية والعطل، فتعمل برنامجا وتنظيما تتشارك به الأسرة في التحدث عن الأحداث التي تواجهها".
وتؤكد أن الدور التربوي والمعنوي غير مرتبط بالساعات، فحتى لو رأى الأب أطفاله ساعة، فمن الممكن محادثتهم وتوفير الراحة النفسية والمعنوية وخلق جسور المحبة والود والاحترام، ولا يقتصر الحديث على تلقي الأوامر فقط.
ويمكن للمرأة أن تربي أطفالها، بتوزيع المهام عليهم والتركيز على الاعتماد على النفس، فهذا يخفف عليها وتستطيع أن تتكيف مع ظروف الحياة.
أما فايزة العتال (38 عاما)، التي تعمل موظفة في إحدى الشركات، فتقع على عاتقها إدارة وتنظيم أمور المنزل كافة، فتقوم بعمل الواجبات المنزلية بمفردها، والعناية بأطفالها الأربعة، كما تهتم بمتابعة واجباتهم المدرسية كافة.
وتستذكر العتال أكثر الأمور التي أزعجتها وسببت لها توترا نفسيا كبيرا عندما أنجبت مولودها الرابع، وكان من المفترض بها في الوقت ذاته مساعدة أبنائها في الامتحانات النهائية، ولم يبادر زوجها بمد يد العون في تلك الفترة، وكأن المهمة مقتصرة عليها بمفردها.
ويرى وليد صبري (32 عاما)، أن غياب الأب عن أسرته جسديا ومعنويا بداعي السفر أو فترات طويلة في العمل، يؤثر بشكل كبير على أسرته؛ وخصوصا الأم، فتضطر لأن تلعب الدورين معا.
ويقول: "وهذا الأمر يسبب إرهاقا كبيرا لها، ولكن ماذا يفعل الأب، فكل هذا لصالح الأسرة وتحسين أوضاعها".
ويعقب على ذلك بقوله: "أخطر ما في نتائج غياب الوالد هو حضوره الجسدي وغيابه المعنوي، الذي تنجم عنه لاحقا آثار سلبية تؤثر في تكوين الأطفال النفسي".
وتشتكي رندة عباسي (28 عاما) من غياب زوجها الطويل عن المنزل، من الساعة السادسة صباحا وحتى الواحدة ليلا، وبهذا تقع جميع المسؤوليات على عاتقها.
وتقول، "أنا عاملة ولدي 3 أطفال أعمارهم 5 سنوات و3 سنوات و10 أشهر، وتقوم والدتي برعايتهم أثناء عملي، وحين عودتي من العمل، أقسم نفسي لتغطية متطلبات المنزل المتعددة، من شراء المستلزمات والطبخ وزيارة الطبيب وغيرها من المهام".
وتضيف: "لا يعرف أطفالي أباهم سوى بالشكل، ويقضي أغلب وقته نائما في يوم الإجازة الأسبوعي، كما أنني أتألم جدا عندما أرى صغاري يحدقون بنظرهم عندما يرون الأطفال الآخرين برفقة والديهم في مكان ما، أو عند رؤيتهم أبا يقوم بمداعبة أبنائه أمامهم".
وتشير المتخصصة بعلم نفس الأطفال، حنين جرار، إلى أهمية دور الأبوين في تربية الأبناء، فيجب تكامل دورهما في تربية ورعاية وتوجيه الطفل في إطار العمل المشترك والمنسجم بينهما.
وتعتمد تربية الأطفال منذ الصغر على المساواة بينهم في التعامل، حسب جرار؛ فدلال الفتيات والقسوة على الأولاد يخلق بين الأشقاء غيرة، وتتعود الفتاة أن كل شيء ممكن ومسموح به، فتواجه الصعوبات في المستقبل.
وتضيف: "هناك أطفال لديهم صعوبات تعلم ويحتاجون لرعاية واهتمام كبير من قبل الأبوين، وأغلب المشاكل التي تواجه الأسر هذه هي عدم وجود أحد الأبوين، فتلقى المسؤولية على أحدهما، وأحيانا تنهار الأم جراءها".
وتنصح جرار الأمهات المتزوجات اللواتي يعانين من غياب أزواجهن لسبب ما، بعدم توجيه النقد لهم واستبداله بتقديم الحلول العملية في حل المشكلة، وطرح النتائج الإيجابية منها؛ فمثلا يمكن أن تقترح الزوجة على زوجها أن يحاول العودة للمنزل مبكرا، وقبل موعد نوم أطفاله للجلوس والتحدث معهم.

Muna.abusubeh@alghad.jo

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com