الثلاثاء، 11 سبتمبر 2012

مبادرات شعبية تحد من العادات الاجتماعية السيئة


منى أبوحمور

عمان- فرضت الظروف الاجتماعية والاقتصادية على العديد من العشائر الأردنية في أنحاء المملكة كافة، إطلاق مبادرات لمحاربة بعض العادات الاجتماعية والسلوكية الخاطئة التي تزيد من الأعباء المادية، وتنعكس سلبا على المجتمع وتعود به إلى الوراء، وفي الوقت نفسه تعزيز السلوكات الإيجابية التي تسهم في نهضة المجتمع وتقدمه.
وتسهم هذه الوثائق العشائرية بالحد من العادات السلبية، وفق رئيس ملتقى أبناء الكرك للفعاليات الشعبية خالد الضمور، لافتا إلى دور الملتقى في تلمس احتياجات أبناء المحافظة، ومحاولة معالجة السلبيات وتلافيها ما أمكن بالتعاون مع الجهات المسؤولة.
ويشير الضمور إلى وجود العديد من المبادرات التي تناولت الكثير من المواضيع التي تهم أبناء المجتمع، وتهدف إلى محاربة بعض السلوكات السلبية؛ مثل إطلاق العيارات النارية، ثم مبادرة لمكافحة ظاهرة انتشار المخدرات بين الشباب والفتيات، وما آل إليه الحال بهم من تزايد حالات الانتحار.
ويهتم الملتقى، بحسب الضمور، بوثيقة الشرف التي تتعلق بالأفراح والأتراح والجيوش الجرارة من الناس، الذين يصاحبون "الفاردات"، خصوصا وأن الأمور في هذه المناسبات تكون شبه منتهية، لافتا إلى أن الكثير من الناس يربطون الوجاهة بعدد المعازيم.
أصبحت الأعراس الآن تشكل عبئا ماديا وهما كبيرا، الأمر الذي دفع بالكثير من الشباب للعزوف عن الزواج، في حين كان للوثيقة دور إيجابي في التخفيف من مظاهر البذخ والترف والتقليل من النفقات في الأعراس؛ حيث أصبح الناس، وفق الضمور، يبتعدون عن حفلات الغداء للتكلفة المادية الكبيرة، ويستعيضون عنها بتوجيه بطاقات الدعوة للمقربين من العائلة فقط.
ويرى أن التجاوب مع الوثائق كبير من قبل الناس، الذين يطبقون ما جاء في هذه الوثائق، مؤكدا أن تطبيق هذه المبادرات بحذافيرها كافة يتطلب الكثير من الوقت، الأمر الذي يزيد من إصرار استمرارية السعي لتحقيق هذه الوثائق.
ويشير رئيس بلدية غرب إربد سابقا ياسين الشناق، إلى توقيع العديد من الوثائق العشائرية التي تضم جميع قرى إربد، محتوية على أربعة بنود تتعلق ببيوت العزاء؛ بحيث يقتصر العزاء على ثلاثة أيام، وتجاوز بعض عادات الضيافة التي تكلف الكثير مثل توزيع التمور.
وتتناول الوثيقة، وفق الشناق، مظاهر الفرح مثل؛ البذخ، الفاردات والسماعات، حيث تم توقيع وثيقة تفاهم بين العشائر حول العادات المتبعة في الزواج، مبينا وجود تجاوب كبير من قبل العشائر مع ما جاء في الوثائق؛ لأن القصد منها مراعاة الوضع الاقتصادي للناس والشعور بالفقراء من أبناء المحافظة.
في حين يتمنى الشيخ محمد الخطيب، أن تعمم الوثائق العشائرية على مستوى محافظة معان والمملكة بأكملها، وخصوصا أنها تسعى لتغيير العادات والتقاليد السلبية التي ما يزال المجتمع الأردني أسيرا لها.
ويعتقد أن المناسبات الاجتماعية تشكل عبئا ماديا ومعنويا على صاحب المناسبة، خصوصا العريس الذي يتكلف بجميع الأعباء المادية المترتبة بعد الزواج؛ مثل النقوط الذي أصبح "سداد ودين"، ويزيد ذلك من المستلزمات المترتبة على كاهله.
ويقول: "إن المجتمع الأردني مجتمع حساس ويهتم بالمظاهر بشكل عام"، لافتا إلى توجه أبناء العشائر في محافظة معان إلى الحد من هذه المظاهر، التي ترهق كاهلهم، وكان لها الدور الكبير في عزوف الشباب عن الزواج، الأمر الذي أدى إلى زيادة نسبة العزوبية بين الجنسين.
وتحمل الوثائق العشائرية في مدينة السلط بين طياتها، العديد من البنود والمقترحات، التي نادت بها جمعية السلط وبعض العشائر؛ مثل الحد من المغالاة والبذخ في بعض العادات والتقاليد، التي لا تتفق مع الواقع الاجتماعي وتبتعد عن المنهج الديني.
ويشير عضو جمعية إصلاح ذات البين لشؤون عشائر إقليم الوسط، الشيخ زيد النسور، إلى الدور الذي قدمته هذه الوثائق التي وقعتها العديد من العشائر في محافظة البلقاء، وصادقت عليها، في محاربة الكثير من العادات الاجتماعية المبالغ بها، والتي كانت تجبر المواطن على القيام بها خوفا من توجيه اللوم والانتقاد.
وتلتزم الكثير من العشائر بما جاء بهذه الوثائق في المناسبات؛ وخصوصا (الأعراس)، وفق النسور، الذي يؤكد دور رجالات المدينة في الحفاظ على هذه الوثيقة، وتحقيق الهدف المنشود في إبراز الجوانب المشرقة في المجتمع وتخفيف العبء على المواطن في هذه الظروف الصعبة والقاسية.
"إن الواقع الاجتماعي والاقتصادي في الوقت الراهن، أحوج ما يكون إلى الحد من السلوكات الخاطئة والمغالاة فيها، والابتعاد عن التكاليف التي تثقل كاهل المواطن الذي يعد بحاجة إلى العيش بأمان وضمن المعقول، بعيدا عن الانتقاد الذي يكثر هذه الأيام"، وفق النسور.
ومن العادات التي اشتملت عليها الوثيقة، بحسب النسور، بيوت العزاء وما يرافقها من تكاليف النعي في الصحف والتباهي بها؛ إذ توجهت بعض العشائر إلى فتح بيوت العزاء من الساعة الخامسة تيسيرا على أهل الميت وتخفيفا للنفقات، إلى جانب إعطاء فرصة لأهل العزاء من الراحة، إلى جانب شجب الوثائق لظاهرة إطلاق العيارات النارية التي تعد هدرا ماديا لا قيمة له، عدا عن الأثر المعنوي، إذ إن كثيرا من الأفراح تحولت إلى أتراح.
ويثمن النسور التجاوب الكبير من قبل العشائر في تنفيذ بنود الوثيقة الشعبية، حتى أصبحت تمارس في مختلف مناطق المملكة ويمكن أن تعمم لتصل إلى الجميع.

muna.abuhammour@alghad.jo

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com