الخميس، 27 سبتمبر 2012

الإجهاض.. التعريف ، الأسباب و العلاج 2-2

صورة

د. كميل موسى فرام
أستاذ مشارك/ كلية الطب- الجامعة الأردنية
استشاري النسائية والتوليد/ مستشفى الجامعة الأردنية

انتهاء محطات الحمل خلال النصف الأول من فترة الحمل يمثل صدمة عائلية تحمل أبعادا تتعدى حدود القبول والتفسير، وربما هناك عنوانان رئيسيان لهذا الحدث الصحي; الاجهاض والحمل الهاجر برغم الاختلاف الجذري للتفسير، فكلاهما خسارة عائلية لفرد مستقبلي حيث الأول يتمثل بخسارة لحمل استقر داخل تجويف الرحم وهو المكان الطبيعي لذلك بينما يمثل الشكل الآخر أنغراس الجنين خارج تجويف الرحم وهناك اجتهادات متعددة حول تعريف الاجهاض بشكله العلمي حيث استقر التعريف بالعموم حسب منظمة الصحية العالمية «بخسارة الحمل الذاتية أو الناجمة عن تدخل أو انتهاء فترة الحمل قبل بلوغ الاسبوع الرابع والعشرين» .




هذا التعريف هو ما استقر عليه الاجتهاد العلمي والمطبق بجميع أنحاء العالم-  تقريبا - بما فيها الأردن ،باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية؛ التي تعتبر الاسبوع العشرين من الحمل بأنه الحد الفاصل بين الاجهاض والولادة.
خسارة الحمل بعد الأسبوع الرابع والعشرين تحمل صفة الولادة بغض النظر عن مصير المولود والذي قد يكون جنينا متوفيا أو يتوفى بعد الولادة مباشرة وربما يتوفى بعد انتقاله لوحدة العناية الحثيثة الخاصة، حيث تلعب الامكانات البشرية ومهاراتها وخبراتها والأجهزة الطبية الحديثة والحاضنات دورا مؤثرا وحيويا في النتائج والتي تعتبر متواضعة جدا بقدرتها على مساعدة الخديج لتعدي مرحلة الخطورة، فتلك الجهود تحتاج لأبجديات العمل الجماعي المؤسسي كفريق متكامل وهناك خط بياني مضطرد يوازن بين عمر الحمل عند الولادة وقدرة الفريق على رعاية المولود حتى اكتمال مراحل النمو والاستقلال، وهي جهود لا تضمن النتائج خصوصا في وجود عوامل صحية أو مشاكل وراثية.

العربة والسكة 
علينا تبسيط المفاهيم ذات العلاقة فنبين بأنه يبدأ الحمل عادة باتحاد المادة الجينية للحيوان المنوي الذكري مع مثيلتها للبويضة الأنثوية بالشرفة الجانبية لقناة المبيض، وتترتب المادة الجينية حسب معطيات الشيفرة الوراثية بأحماضها الأمينية وروابطها بالشكل الذي يضمن انضباطية الصفات الوراثية فتبدأ الانقسامات الأولى بالتزامن مع إفرازات هرمونية من الجسم الأصفر في المبيض والتي تنحصر وظيفتها بشكل أساسي في تلك الفترة بتهيئة بطانة الرحم لاستقبال الجنين وغرسه هناك واحتضانه طيلة فترة الحمل، ففترة الحمل بذاتها تحتاج لدراسة ورعاية تتعدى حدود المعرفة المتداولة لخطورتها على طرفي المعادلة إن إنحرفت عربتها عن سكة المسار، وهي الحدث البشري اليتيم الذي ينثر السعادة بشكل مطلق بنهاية الرحلة.

 الخلل التركيبي للجنين 
تتراوح نسبة الاجهاض بالدراسات العلمية بين 10-20% من نسبة الحمل المثبت في البداية لتنخفض بعد الاسبوع الثامن لأقل من 10% وتنخفض بصورة أكبر ودون نسبة 3% عندما يبلغ الجنين داخل الرحم مرحلة ظهور نبضات القلب كمؤشر على الحياة، فقائمة الأسباب طويلة ومعقدة ونجد أحيانا صعوبة بالغة بتحديد السبب المباشر لحدوث الاجهاض ليفسر الأمر من باب الاجتهاد المقرون بالايمان ويمكنني الاشارة لبديهيات ،تتمثل بعمر السيدة أو الزوج بسبب ضعف الجودة بالحيوانات المنوية أو البويضات والتي تتسبب بخلل جيني بالجنين الناتج لينتهي الأمر بإجهاض وخسارة حيث أن المسبب الأكبر لحدوث الاجهاض المبكر وخلال أسابيع الحمل الأولى هو الخلل التركيبي للجنين والذي يفقده المقدرة على الاستمرارية والبقاء، وينطبق الأمر بالتماثل على أفراد جيل الزواج المبكر لضعف تكيف أجهزة الجسم مع الواقع الصحي الجديد بتوقيت غير مناسب ويفتقر لاكتمال العلاقة الفسيولوجية والتشريحية بين أعضاء الجسم، على أن نذكر بخطورة زواج الأقارب كسبب رئيسي لذلك.

فرضية القدر 
الأمراض التي تخدش صحة المرأة الحامل، لها نصيب كبير بالتسبب بالاجهاض خصوصا :مرض ارتفاع ضغط الدم وخلل بمستوى سكر الدم وأمراض الغدة النخامية والتهابات المجاري البولية المتكررة وفقر الدم وقائمة الأمراض المناعية واستخدام العقاقير العلاجية بصورة عشوائية، خصوصا لتلك العلاجات التي تستخدم لفترات زمنية طويلة بشكلها المزمن، كما أن تعرض السيدة الحامل للمواد الكيميائية والاشعاعية والعمل لفترات زمنية يتخللها اهمال مدقع للحمل والأسير داخل الرحم وعدم البحث عن النصيحة الطبية بالتوقيت المناسب لأهل الاختصاص، كلها عوامل تساعد على زيادة نسبة الاجهاض خصوصا أن نسبة لا بأس بها من الأزواج تتردد بالاستفسار وتترك فرضية القدر حاضرة بالتطبيق. 
التدخين وممارسة الريجيم وبعض السلوكيات الغذائية وارتداء أنواع من الملابس غير الصحية هي أسباب أخرى تؤثر بالنتائج، وهناك قائمة من العيوب الخلقية تتسبب بذلك خصوصا بوجود أعراض مرضية مثل وجود ألياف رحمية أو نتوءات وزوائد أو أكياس وظيفية، كما أن وجود ضعف بعضلة عنق الرحم يعتبر سببا أساسيا للاجهاض المتكرر. إن أغلب حالات الإجهاض تحدث فى الشهور الثلاثة الأولى، وبعض حالات الإجهاض تحدث مبكرا جدا حتى قبل أن تعرف الأم أنها حامل بالفعل. حدوث الإجهاض لا يعني أن الأم فقدت قدرتها على الحمل والإنجاب، لكنه يؤثر على الأم نفسيا ومعنويا حتى لو علمت بطريق المصادفة، والخلط بين المفهومين لغط مؤسف بالمعنى والمضمون. 
 التشخيص المبكر 
وتحديد نوع الاجهاض 
هناك العديد من المؤشرات ؛ تمثل اشارة تحذيرية لإمكانية حدوث مضاعفات قد تنتهي بالاجهاض ويمكنني التوضيح بالقول إن اللقب الأول لهذا الحمل يتمثل بالحمل المهدد والذي قد يتحول لأي شكل من أشكال الاجهاض والتي تنتهي بخسارة الحمل الكلية، فنزول دم بدون الم حتى لو كان بسيطاً، أو النزف بكميات متفاوتة من الدم مصحوبة بألم فى أسفل الظهر أو البطن والحوض مع تقلصات، أو حدوث كلا الأمرين بالتتابع أو إفراز سائل يشبه الماء مصحوبا بألم أو دم «السائل الامينوسى»،
التشخيص المبكر وتحديد نوع الاجهاض يمثلان المعنى الحقيقي للحكمة العلاجية خصوصا أن فرصة الانتقال من وسيلة علاجية إلى وسيلة أخرى هي مهارة طبية يجب توظيفها بالتوقيت المناسب.
فقد يكون العلاج الانتظاري صاحب الأفضلية بحالات كثيرة وعندما يكون مؤشر الحياة المتمثل بنبض القلب حاضراً ويدعم الأمر بالعلاجات المثبتة وفترة من الاستراحة الطبية، وقد يكون العلاج الجراحي هو الأمثل عندما تنعدم فرص الأمل بالاستمرار ويصبح الحمل مهددا لحياة السيدة، وقد يكون العلاج العقاري خيارا مبدئيا لتسهيل المهمة الطبية، وجميعها سوف تكون موضوع مقالة قادمة حتى أتمكن من سرد المقصود وظروفه بعيدا عن شواطىء السطحية وللحديث بقية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com