الأربعاء، 19 سبتمبر 2012

رجل من الأردن الشامخ .. محمد نزال العرموطي

صورة

وليد سليمان  - أصبحت الصورة في وقتنا الحاضر توازي قيمة الكتابة الابداعية .. وإذا كانت الصور قديمة فانها تصبح مع الزمن أرشيفاً للعمر والحياة ، لأنها تؤثر على مراكز الأعصاب وحالات الوجدان والعواطف ... فكم من زيارات وجلسات كان محورها مشاهدة ألبومات الصور الفوتوغرافية وبالذات الابيض والأسود حتى يذهب جميع من في هذه الجلسة إلى عناق الماضي وتذكر لحظات وحكايات وقصص وأشخاص من الزمن البهي والجميل .

لماذا الكتاب 
السيدة انتصار محمد نزال العرموطي الناشطة الإجتماعية المعروفة ونائبة رئيسة الإتحاد النسائي الإردني العام وعضو الصالون الدبلوماسي في عمان , اختارت بعد تأليف كتابها (المسافرة) في العام 2010 , أن تؤلف كتاباً آخر جديداً في هذه السنة 2012 وبعدد صفحات بلغ اكثر من 300 صفحة عن شخصية هامة من رجالات الأردن هو والدها محمد نزال العرموطي الوزير والسفير والحاكم الاداري السابق .
أبواب الرأي إلتقت انتصار العرموطي وكان السؤال عن الظروف التي دعتها لتأليف هذا الكتاب المزين بمئات الصور القديمة والذي جاء بعنوان (محمد نزال العرموطي – رجل من الاردن) حيث قالت : لقد أردت من ذلك تكريم والدي بعيد ميلاده التسعين .. ثم لكي تتطلع عليه الأجيال الأردنية الحديثة لتتعرف من خلال هذه الصور الفوتوغرافية على عمان كيف كانت ثم كيف صارت من نمو وتقدم وازدهار وكفاح ،وذلك عبرعرض وشرح وتوثيق هذه الصور الخاصة والعامة .
وقد رجعت إلى أرشيف والدي الذي يتكون من آلاف الصور القديمة وكان أكثرها بحجم صغير وتعود بعض الصور إلى بداية الثلاثنيات من القرن الماضي .. وقد قمت باختيار المناسب منها ثم تكبيرها وتوضيحها على أيدي مهرة في تقنية الصور الفوتوغرافية .
هذا وقد ساعد المؤلفة في إعداد هذا الكتاب معايشتها مع والدها ومعرفتها الجيدة لدائرة معارفه وأصدقائه ومراحل حياته وتوليه لمناصبه الكثيرة ومنها سفيراً في عدة دول حيث كانت ترافقه مع الأسرة وهي فتاة صغيرة قبل زواجها من الدبلوماسي السابق كليب الفواز .
ومع كل ذلك - وهي سنة الحياة - فان شرح بعض الصور لم يكن كافياً وذلك بسبب استحالة تذكر جميع اسماء الأشخاص اذا كانت الصورة قديمة جداً!! وهذا الأمر يبدو قليلاً في الكتاب .. حيث علقت المؤلفة على ذلك انها سوف تحاول استكمال نقص شرح بعض اسماء الشخصيات في الطبعة الثانية فيما بعد إن شاء الله 0

صور ومذكرات 
ومن مقدمة الكتاب بقلم المؤلفة تشير إلى ما يلي : 
لقد عكفت على استعراض ألبومات صور – محمد نزال العرموطي – وتصنيفها وفهرستها زمنياً , فانتقيت بعض الصور من كل حقبة , فللوالد حس تنظيمي رائع , يملك ثروة هائلة من الصور التي توثق لجميع مراحل حياته , وهي أيضا لمرحلة مهمة من تاريخ الأردن الحديث بأحداثه وشخصياته ... فقد كان مولعاً بالتصوير واقتناء الكاميرات , ويظهر ذلك جلياً من خلال الأعداد الهائلة من الصور التي توثق مسيرة حياته منذ الطفولة مروراً بالدراسة وانتهاء بالوظيفة في العمل العام والخاص .
بالاضافة للصور فهو يملك مذكرات رائعة بدأها منذ أيام الدراسة , وامتدت لتوثق لأبنائه وبناته منذ الولادة حيث ترصد ولادتهم ومراحل نموهم ونشأتهم , عند بدئهم المشي , وتصف طباعهم وأول كلماتهم , توثيقاً ينبض بالحنان والحب والكثير من الحمد والشكر لله على نعمه .

نشأته المميزة 
وكان لمولده ونشأته المميزة شأن كبير في إعداده وتكونيه وتمتعه بمواهب الذكاء والوداعة والطموح , وكان مميزاً عند أبيه – نزال – بين أخوانه وأقرانه في طفولته وصباه , ليس فقط لأنه الابن البكر بل لأن والده توسم فيه شخصية واعدة لأن يكون إنساناً مميزاً , مما أكسبه قوة الشخصية واتزانها والجرأة في الحق ... ورضع الحنان وطيبة القلب والصدق من والدته التي أغدقت عليه الحب والرعاية ... كان ابناً باراً بوالديه , يصل الرحم ويرعى أقاربه ويقدس الصداقة , فهو وفيّ محب لأصدقائه وزملاء الدراسة والمهنة والحياة , وكان وما يزال بحراً من العطاء للمعارف والأصدقاء والأبناء وكل من يقصده .

الحياة عبر الصور 
يبدأ الكتاب عرضه للصور الفوتوغرافية منذ كان الشيخ محمد نزال العرموطي تلميذاً صغيراً في المدرسة العبدلية الابتدائية في عمان وعمره (12) سنة حيث مجموعة من الطلاب معظمهم يرتدون الكوفيات البيضاء اللون ومعهم بعض المدرسين وسط الصورة وذلك في العام 1934.
وصورة للطالب محمد نزال يسبح في بركة ماء مع زملائه الطلاب الصغار في الزرقاء وذلك من خلال رحلة كشافة , ويظهر الاستاذان يوسف الجيوسي وزاهي الشاعر وهما يسبحان مع الطلاب في العام 1935.
وهناك صور اخرى لمجموعة كشافة عمان في أثناء رحلاتهم إلى كل من حمامات ماعين وبساتين الزرقاء وذلك في العام 1938 ومعهم الكشاف العرموطي .
وبعد ذلك بصفحات نشاهد صوراً لشهادات مدرسية للطالب محمد نزال منها , ماكان في الثلاثنيات والاربعينات حيث درس في كل من مدارس عمان الثانوية والسلط الثانوية00 ومن خلال علاماته في المواد الدراسية نلاحظ تفوقه وأنه كان من الأوائل .
وبعد تخرجه من مدرسة السلط الثانوية يذهب للإلتحاق بجامعة دمشق لدراسة الحقوق لنشاهد عدة صور له مع بعض زملائه في حديقة معهد الحقوق من مثل : عبد الله عربيات , عبد اللطيف عابدين , عدنان عطية , هاني عشكة , أحمد عطيات , داود بشارة في العام 1945 .. ثم في رحلة جامعية لطلاب الحقوق وهم في زيارة لمصر لعدة اماكن منها محكمة مصر الأهلية , وصورة اخرى تظهر معهم الممثلة الحسناء رجاء عبده أثناء زيارتهم استوديو مصر للأفلام السينمائية .. ثم صور اخرى خلال زيارتهم إلى متحف القطن , ومصانع الغزل والنسيج في المحلة الكبرى , وأمام متحف الأثار , وفي الإسكندرية, وفي منطقة الاهرامات بالجيزة .

دراسة الحقوق 
وفي الصفحة (32) من هذا المجلد الضخم نشاهد صورة لشهادة اجازة الحقوق والتي حصل عليها محمد نزال في العام 1946 من دمشق , وكتب بخط يده في مكان أخر من نفس الصفحة ما يلي : 
لقد كانت فترة الدراسة في دمشق فترة يمكن أن نسميها (فترة الحماس الوطني ) وفترة النشاط السياسي والحزبي , وكنت مع اخوان لنا ننتسب إلى ما كان يسمى (الرابطة الاردنية) في الجامعة السورية في دمشق , وهي رابطة طلابية تجمع شمل الطلاب الاردنيين .. وكانت تتجاذبنا في تلك الفترة تيارات سياسية متعددة, ولم ينج من تلك التيارات إلا من كان نظره بعيد , وصبره طويل , ومراسه شديد .
وكان في صفه عدد غير قليل من الطلاب الاردنيين منهم : 
هزاع المجالي , ضيف الله الحمود , جريس حدادين , سليمان الحديدي , أحمد عطيات , عبد الحليم النسور عبد الله عربيات , نبيه الملقي.. ومن أساتذته : محمد سعيد محاسن , د.عدنان الأتاسي , عبد الجواد السرميني , د.أحمد السمان , الشيخ أبو اليسر عابدين , الشيخ مصطفى الزرقا , د.محسن البرازي , د.نادر الكزبري , د.منير العجلاني , وكان عميد الكلية د.سامي الميداني .
ونشاهد أيضا صورة لشهادة من معهد النهضة العلمي في مسك الدفاتر حصل عليها في العام 1953 من عمان .
لكننا نلاحظ صورة اخرى للعرموطي حيث يجلس على مكتبه يمارس عمله كسكرتير مجلس الامة الاردني00 ومن وصورة اخرى منفرده له وهو يجلس في مكتب استوديو فيلادلفيا للتصوير الفوتوغرافي في عمان وهو يشرب القهوة في العام 1955.

رحلات الصيد 
ومن هوايات السفير السابق محمد العرموطي وهي عديدة00 مثلا الصيد ، فقد كان مولعاً بهذه الهواية وحريصاً على اقتناء معداتها المختلفة من أسلحة وملابس خاصة , وكان الصيد يشمل الغزلان والأرانب البرية والطيور بمختلف أنواعها .. فضلاً عن أنه كان يهوى اقتناء الطيور النادرة من ببغاوات وطواويس وفزنت وغيرها .. ومن هواياته الاخرى كانت السياحة والمطالعة والزراعة .
ومن خلال الصور نشاهد لقطات من رحلات الصيد في البراري الاردنية ومعه الرفاق والأصدقاء وسط أجواء من المرح والانبساط والطعام والسباحة , والصيد في منطقة الأزرق كذلك .

رأس العين – اللويبدة 
وفي صورة نادرة وقديمة التقطت عام 1950 من جبل حي نزال – من شرفة بيت العائلة- حيث يظهر فيها جبل عمان وحي المهاجرين وبعض من سفح جبل النظيف00 ومنطقة سيل عمان وهي الموقع الحالي لمباني أمانة عمان الكبرى في رأس العين0 
وتأخذنا هذه الصورة المؤثرة إلى ذكريات قديمة حيث نشاهد بعض آثار مقبرة قديمة , ثم نلاحظ بيوت ومنازل هذه الجبال والتي كانت تتسم بالبساطة .. كذلك يبدو أن شارع رأس العين لم يكن مزفتاً ولا توجد له أرصفة ولم تكن هناك تلك الكازيات الثلاث التي أنشئت فيما بعد , انما تظهر وبكل وضوح تلك البساتين الجميلة على جانبي السيل .
وفي نفس الصفحة تظهر بعض الصور وفيها محمد نزال مع أفراد من عائلة زوجته من آل المعاني وهم يجلسون في حديقة المنزل بجبل اللويبدة عام 1950.

حي نزال 
ونشاهد صور والده الشيخ نزال ووالدته الحاجة حمدة , بينما الابن محمد وهو شاب بجانب والده ... وقد كتبت المعلومة التالية : والده نزال العرموطي من الوجوه البارزة , إذ كان من كبار المزارعين في قرية منجا ومحيطها وفي جنوب عمان وجوارها , ومن كبار الملاكين , حيث اشترى جبل نزال من الشراكسة سنة 1915 بمبلغ (150) ليرة ذهب , واشتهر بأعمال الخير والقضاء العشائري , وكان عضواً في مجلس أمانه عمان منذ التأسيس لعدة سنوات .. وكان من الوجوه الذين استقبلوا سمو الأمير عبد الله بن الحسين حين قدومه من معان إلى عمان في أوائل عام 1921 , وشارك مع اخوانه عشائر بني صخر والبلقاء في التصدي لغزو الوهابيين 1922 -1924 وأصيب خلالها .

السيارة رقم (65)
كان وما زال الحاج محمد نزال العرموطي يحتفظ برقم سيارته (الاردن65) وحتى هذه اللحظة رغم تبدل السيارة إلا ان رقمها مازال هو نفسه منذ الأربعينات وحتى الآن هو الرقم 65 .

صور أخرى كثيرة 
 وتظل مئات الصور النادرة والمشوقة على صفحات هذا الكتاب تتحدث عن هذه الشخصية الفذة أفضل من سردنا .. فقد كان شيخنا الجليل أمد الله في عمره الطيب وزيراً للداخلية عام 64 وسفيراً في عدة دول عربية00 وقبل ذلك حاكما إدارياً في عدة مدن اردنية , ومناصب أخرى مختلفة في دوائر ومؤسسات الدولة الاردنية , وايضاً في المؤسسات والهيئات الخاصة والعالمية والعربية , ونال العديد من أوسمة التقدير الهامة من عدة دول0
ومن خلال هذا المرجع المصور التي أعدته الناشطة الإجتماعية والدبلوماسية إنتصار العرموطي الأبنة المثقفة نشاهد صورا مدهشة لشخصيات هامة جداً اردنياً وعربياً وعالمياً 00ونستمتع برؤية مناطق ودولاً جميلة عرفها الدبلوماسي العريق محمد نزال العرموطي وتعايش معها بكل حب وتقدير وانسانية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com