الأحد، 23 سبتمبر 2012

رومانسية سقوط المطر ..ولكن؟!

صورة

غدير سالم  -  ..كان همس الصوت الاتي من  الاذاعات يودع الايام الاخيرة من ايلول،ينبئ ان الشتاء ات:
 «رجعت الشتوية، ضل افتكرني. 
  رجعت الشتوية . 
يا حبيبي الهوي غلاب عجل وتعي السنة ورا الباب. 
شتوية وضجر وليل «.
  .. كلمات عندما يغرد بها الصوت الملائكي « فيروز»،تشعرنا بالراحة والسعادة الغامرة ، فقد عاد الشتاء ... فصل الخير والرحمة والبركة . 
..الشتاء حين تجمع العائلة بجميع أفرادها سوياً للحصول على الدفء الأسري الجميل الذي قد تلهينا عنه الفصول الأخرى خاصة فصل الصيف لوجود العديد من الأعمال والأمور التي قد تقل بمجئ الشتاء ،فصل السكون والهدوء والطمأنينة .

عودة التجمع العائلي 

السكون والهدوء في فصل الشتاء له ميزة خاصة ورائعة  ، فعندما تطل من نافذة بيتك لترى منظر هطول المطر الرائع وقد خلت الشوارع من الناس وأصبحت فارغة يسكنها الهدوء والراحة وقطرات المطر ، وفي ذات الوقت تجمع العائلة حول المدفأة وقيامها بحفلة شواء بعض الثمار كـ «الكستناء والبطاطا الحلوة»  وقد ملئ الجو بالضحك والفرح  ،  فسعادة اللقاء والتجمع و لذة هذه الثمار المميزة تكاد لا توصف من جمالها ، هذا عدا عن الذهاب للقيام بجولة تحت المطر فيا له من شعور غاية في الجمال ويملأ القلب بهجة وسرور  .

ما بين الماضي والحاضر
في الحديث مع أسر عاصرت القديم والحديث  ، وشاهدت كم من جمال وروعة الشيء القديم رغم صعوبته ، تحدثنا عن فصل الشتاء واستعداداتهم ما بين الماضي والحاضر ، فوجدنا أن لاستعدادت الماضي جمال يكاد لا يوصف ولا يعبر عنه فقد كان مميزاً وله رونقاً خاص في نفوسهم يختلف عن هذه الأيام .
الحاجة «أم محمد « تتحدث عن الإستعدادات القديمة والحديثة قائلة:» فيما يخص الطعام والشراب كنا نقوم في فصل الصيف بتجهيز العديد من الأطعمة فقد كنا نقوم بتنشيف الميرمية ، وتنقاية العدس المجروش والحب ، ونقوم بتنشيف الفريكة وطحنها ، وايضا تنشيف البامية وتجفيف البندورة ووضعها في قناني وفتل الشعيرية ، وتخبئة هذه الاطعمة لفصل الشتاء ، هذا كله يختلف عن ما يحدث الآن فهذه الامور جاهزة لا نقوم سوى بشرائها ووضعها بالمنزل «.
وتضيف :» أما فيما يتعلق بالملابس فنقوم بتحضيرها وكويها وفي حال حاجتها إلى إصلاح نقوم بإصلاحها ، وفيما يتعلق في أمور البيت فنقوم بفرش السجاد وتجهيز الأمور جميعها «.
اللافت في كلام الحاجة «أم محمد» أنهم كانوا في السابق يقومون بتعبئة برميل كامل من الكاز ووضعه لاستخدامه طيلة الشتاء ، ولكن في الوقت الحاضر هذا الأمر صعب جداً ولا نتمكن من القيام به «.
ومن المعترف به أن الرجل يقوم بالأمور التي تتعلق بصيانة المنزل و في حال وجود عطل أو خلل في البيت أو السيارة أو غيرها ، فالحاج «أبو محمد « يقول : « أقوم كل شتاء بعملية صيانة كاملة  للمنزل في حالة وجود أي عطل ، وايضاً سطح البيت أقوم بفتح المصارف والتأكد من انها سليمة قبل مجئ الشتاء ، هذا عدا عن تجهيز الصوبة ووضع الكاز فيها وتجهيز الفتيلة ووضعها يوم كامل في الكاز ، وأقوم بتفقد السيارة ومساحاتها وكل أمورها «

آه على زمان وأيام زمان 
وتتنهد الحاجة «أم مروان « تنهيدة جميلة قائلة :» آه على زمان وأيام زمان ، فقد كانت تحمل رونقاً خاص في جميع الأمور والظروف ، كانت جميلة رغم أنها صعبة في بعض الأحيان لكن يشعر فيها الفرد شعوراً لا يوصف  ، فمثلاً إعداد الملابس قديماً من أجل قدوم الشتاء كان لا يوجد الجاهز كالآن وانما كنا نقوم بحياكة  هذه الملابس الصوفية وتحضيرها للكبار والصغار ، وايضاً الفراش كنا نصنع السجاد والحرامات من الصوف ولكن الآن كل هذه الامور جاهزة نجلبها إلى المنزل دون الشعور بقيمتها «.
وتضيف :» أما فيما يتعلق بالطعام فمثلاً كنا نقوم بتقطيع البندورة وعصرها ، وعصر الزيتون وتكبيسه ، وعمل قلائد من البامية وكبس الدوالي في ماء وملح ، هذا عدا عن المكبوس وانواعه وكنا نستخدم الحمص لعمل القضامة وتحميصها للشتاء ، وايضاً العنب لعمل الدبس والعنبية  ، وعمل المربى من التفاح والخوخ وغيرها الكثير الكثير من الأمور «.
وفيما يخص الإعدادات والتجهيزات الأخرى تقول :» كنا نقوم بتعزيل قنوات البئر وتنظيفها من أجل أن تنزل المياه إلى البئر نظيفة ، وكنا نقوم بتحضير الخشب وتقطيعه من أجل النار والتدفئة ، وهذه الأمور جميعها التي نحضرها الآن بأقل وقت ممكن ولا نشعر بعظمتها ، ولكن الشتاء يبقى فصل الخير والبركة والسعادة  «.
قد تكون استعدادات الحاجة «أم رامي» تختلف قليلاً عن البقية فتقول :» من اول الاستعدادات هي غسل السجاد وتنشيره في الشمس لوضعه وتحضيره للشتاء ، عدا عن غسل الحرامات الصيفية ورفعها لتنزيل الشتوية ، وأقوم بتفقد ملابس الأولاد في حال كان احدهم بحاجة إلى ملابس شتوية جديدة وغيرها ، ومن حسن الحظ أن في هذا العام يأتي عيد الأضحى في بداية فصل الشتاء وسيتم شراء الملابس الشتوية الجديدة «.
أما « أم سيف» فمن أولويات ما تقوم به هو تفقد كل ما يحتاجه أبنائها الصغار من الملابس وغيرها قائلة :» أهتم أولا بتفقد ما يحتاجه أبنائي الصغار من الملابس والمعاطف وغيرها لأطمئن عليهم ، ومن ثم أقوم بتحضير كل أمور البيت من تفقد المدفأة وأنها صالحة للإستعمال ، وفرش السجاد وتفقد كل أمور البيت وأنه لا يوجد أي عطل فيه «.

إهتمام من نوع خاص 
ويأتي المزارع « أبو اسماعيل» الذي تأتي  أرضه أول إهتماماته وكيفية اعدادها لفصل الشتاء فيقول :» أبدأ بحراثة الأرض وتحضيرها للزراعة ، وتحضير البذار قبل بدء موسم الشتاء ، وفي بداية الموسم نقوم بقطف ثمار الزيتون وعصره ، فالأرض هي مصدر رزقنا ومصدر الخير لنا فنقوم باعدادها  وتجهيزها لتمدنا بهذا الخير «.

راحة وسعادة المواطنين
ولا يقتصر تحضيرات واستعدادات فصل الشتاء على المواطنين فقط ، فتقوم ايضاً  الأجهزة الأمنية بتحضيرات واعدادت لراحة المواطنين وتأمين السلامة لهم ، ومن بين هذه الأجهزة يأتي الدفاع المدني وأمانة عمان  ، حيث ان جل اهتمامهم راحة وسعادة المواطنين.
مدير الإعلام الناطق الإعلامي باسم المديرية العامة للدفاع المدني العقيد فريد الشرع  تحدث لــ « أبواب» قائلاً :»أن المديرية العامة للدفاع المدني تتخذ عدة إجراءات وقائية مسبقة لإرشاد المواطنين بكيفية استقبال فصل الشتاء وما يحتمل فيه من هطول للإمطار أو تساقط للثلوج وهبوب للرياح ، والتي قد تلحق بعض الخسائر في الأرواح ، وتحدث أضرار في الممتلكات بسبب مداهمة مجاري مياه الأمطار والسيول للمنازل والمرافق لاسيما المناطق المنخفضة ، كما يتسبب تراكم الثلوج في إغلاق الطرق وإعاقة حركة السير».

إجراءات الدفاع 
المدني الوقائية والتوعوية 
وأضاف :» أن المديرية العامة للدفاع المدني تحرص في الاول من تشرين الاول من كل عام على وضع الخطط واتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة للحيلولة دون وقوع خسائر أو أضرار عند هطول الأمطار أو تساقط الثلوج، وذلك برفع نسبة الجاهزية من حيث الكوادر البشرية إضافة إلى تجهيز المعدات المخصصة لهذا الفصل مثل ماتورات شفط المياه واللودرات وصيانة كافة الآليات كسيارات الإسعاف المتخصص والتدخل السريع بحيث تتلاءم مع أرضية الشوارع المتوقع أن تُكسا بخيرات هذا الفصل من أمطار وثلوج إضافة الى فتح غرف العمليات الرئيسية وإدامتها على مدار الساعة «.
وفيما يتعلق بالجانب التثقيفي أكد العقيد الشرع : على تقديم جملة من الإرشادات الوقائية والتوعوية لاستقبال فصل الشتاء من خلال البرامج التلفزيونية والإذاعية والتقارير الصحفية لتلافي وقوع المخاطر المتوقعة في هذا الفصل، ومن أهمها تفقد المنازل ،والعمل على ترميمها ،وضرورة صيانة تمديدات التدفئة المركزية  و المدافئ المتنقلة بمختلف أنواعها، نظراً لما قد تشكله من خطر على حياتنا بحيث يجب توفير التهوية المناسبة داخل الأماكن التي تستخدم فيها مدافئ الغاز والكاز ومواقد الفحم للحفاظ على سلامة المواطنين ووقايتهم من خطر الاختناق ، بالإضافة إلى التأكد من إطفاء المدافئ قبل النوم ومغادرة المنزل تجنبا لنشوب الحريق لا قدر الله.

خطة أمانة عمان السنوية لاستقبال الشتاء  
ومن جهتها  أعدت أمانة عمان الكبرى بحسب مديرية الإعلام لديها خطتها السنوية  استعداداً لفصل الشتاء،  والتي تم اعتمادها بالتنسيق مع مديريات ومناطق الامانة وباشراف مباشر من رئيس لجنة أمانة عمان المهندس عبد الحليم الكيلاني ، وتعمل الأمانة ضمن خطتها السنوية التي يتم تنفيذها مطلع شهر آب من كل عام على تنظيف مناهل تصريف مياه الامطار بالشوارع والأنفاق والتقاطعات المرورية ،  ومجاري الوديان والسيول  ، من خلال كوادر وورش عمل تنفذ اشغالها على مدار الساعة في مختلف المناطق ،وتعتمد الخطة على التقارير الواردة من دائرة الارصاد الجوية في تحديد درجة الطوارئ التي قسمت الى ثلاث فئات هي « خفيفة « و « متوسطة « و» القصوى «  .
وحسب الخطة ؛تقوم مديرية الطرق بعد انجاز فتح  الشوارع الرئيسية بمساندة المناطق لاستكمال فتح الشوارع الداخلية من خلال مدها بـ آليات المديرية  ، ويتم التعامل مع حالات الطوارئ من خلال غرف الطوارئ الرئيسية والغرف المصغرة بالمناطق  . 
وكانت الأمانة انهت معضلة النسبة الاكبر من حالات تجمع مياه الامطار التي تم رصدها بالموسم المطري العام الماضي من خلال إقامة شبكات تصريف مياه امطار طالت مختلف مناطق العاصمة ، وأناطت الخطة مهام دوائر ومناطق الامانة بالتعامل مع اغلاقات مناهل وخطوط تصريف مياه الامطار والعبارات الصندوقية ، وتأمين طرق بديلة في حال حدوث اي طارئ بالشوارع والعبارات ، وفتح الطرق الرئيسية والفرعية في حال تراكم الثلوج أو حدوث حالات انجماد وصقيع ، والتعامل مع حالات تدفق المياه للبيوت.
ويبقى لفصل الشتاء طقوسه الخاصة والمميزة التي تختلف بتعاقب الأزمان واختلاف الأجيال واهتماماتهم  ، حتى أن  هذه  الطقوس تختلف عن باقي الفصول حيث أن لها  لذة وجمال وعظمة ، فهو فصل الخير ورومانسية سقوط المطر والثلج فيه يجعلنا نستعد لقدومه بلهفة وشوق كبيرين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com