الثلاثاء، 18 سبتمبر 2012

"الكراكيب": أدوات تحتفظ بمكانها رغم انتهاء صلاحيتها


مروة بني هذيل

عمان- لا يخلو بيت عربي من تلك التراكمات التي تكون أحياناً عائقاً في المنزل، وعند البعض هي حاجة مؤجلة في وجودها، فأغلب البيوت تحتفظ بتلك الأدوات الكهربائية والإلكترونية، التي انتهت صلاحيتها، لكن الحنين للماضي يفرض عليهم الاحتفاظ بها، بدون بيعها أو استخدامها، بحجة أنه سيأتي يوم وتستخدم فيه تلك "الكراكيب".
منذ طفولته، والعشريني مازن الخالد يهوى الاحتفاظ بكافة القطع الإلكترونية التي يحصل عليها من جائزة ما، أو هدية من قريب، أو اشتراها من مصروفه المدرسي.
ويقول "لم أكن أدري لماذا احتفظ بكافة الألعاب من سيارات وقطع كهربائية وإلكترونية في صندوقي الكبير الذي احتفظ به بذكرياتي، ولكن عندما بلغت سن الرشد، تطورت تلك العادة، إلى هواية الاحتفاظ بالهواتف الخلوية، إذ يوجد معي الآن أكثر من ثلاثين جهازا خلويا، مختلفي الموديل والكفاءة، وأستخدمهم أحياناً عند الحاجة، لكن بشكل عام أشعر براحة بالاحتفاظ بكل الهواتف الخلوية المتعلقة بي"، وتلك العادة أو الهواية تطورت لتغدو حلماً في فتح محل خلويات خاص، وفق الخالد.
الطالبة الجامعية فاطمة أحمد، تقول "لم أدخل يوماً إلى بيت إحدى صديقاتي، بدون أن أجد فيه أمام عيوني قطعة أثرية موضوعة في زاوية الصالون أو الممرات، شيء انتهت صلاحيته أو لا يعمل، كطابعة أثرية جداً، أو سشوار معطل، وما يدهشني أن أغلب تلك الحالات تفتقد قطعاً أساسية منها، أي أنها لا تعمل، لكنها ما تزال محفوظة في زوايا البيت، وكأنها من أحد أفراد العائلة".
وتحاول الثلاثينية ميس درادكة أن تتفهم غاية بعض الأهالي في الاحتفاظ بتلك الآلات المنتهية الصلاحية في بيوتهم. وتقول "لا أعلم إن كانوا يظنون أن تلك القطع ستنفعهم في المستقبل، أو سيحتاجونها لفتح محل قطع مستعلمة، أم ينتظرون الفرصة المناسبة لبيعها، أم للاحتفاظ بذكرى معينة"، موضحة "فأنا أفعل كذلك في تلك الملابس التي لا ارتديها، ولكن لا أتجرأ على رميها أو حتى تمزيقها، لأنه قد يكون لها ذكرى خاصة او مناسبة مميزة".
أما الخمسيني عمّار معايطة، فهو من الأشخاص الذين يحتفظون بكل ما يشترونه من أدوات كهربائية، ويعتبر أن المكان الآمن لتلك الكراكيب هو أسفل السرير، أو فوق الخزانة. ويبين "عشت في هذه الدنيا 50 عاماً، ويوجد لدي أكثر من 50 قطعة أحبها واحتفظ بها، ومنها قطع لا تعنيني لكن يعز عليّ رميها أو بيعها، ومن أمثال تلك القطع، راديو قديم جداً، وتلفاز قبل عشرات السنين، ويوجد شاشة كمبيوتر، وآلة طابعة، وكاميرا لا تعمل".
يقول اختصاصي علم النفس الاجتماعي الدكتور فؤاد كعوش، إن أغلب البيوت العربية لديها نفس الطابع في الاحتفاظ بأدوات منزلية وآلات كهربائية والكترونية انتهت صلاحية عملها، وتكون تلك القطع مستقرة في إحدى زوايا البيت، وفي الأغلب تكون في غرفة المخزن، وهذه السلوكيات تعود بالدرجة الأولى للتفكير العاطفي لدى الناس، الذي يسيطر عليهم، ما يجعل تلك القطع غالية على القلوب في الوقت الذي يقرر فيه الشخص رميها أو بيعها، "وفي سيطرة العاطفة على التفكير العقلي، ينسحب الشخص عن قراره، ليكتب لتلك القطع عمر جديد بين أفراد العائلة".
ومن جانبها، فإن الاربعينية نبيلة عليان تواجه مشاكل مع زوجها على هذا الأمر. وتقول "أعشق الأدوات المنزلية، واحتفظ بكافة القطع التي اشتريتها أو أهديت إلي منذ يوم زفافي إلى الآن، والقطع التي يصيبها عطل، فإنني أضعها في خزانة المطبخ، بدون استخدامها أو بيعها"، لكن زوجها يجد في هذا الأمر ضرراً في تعطيل مساحة المطبخ، مما يثير الأمر استفزازه. 
وتضيف عليان "منذ 18 عاما وأنا أتحايل في طريقة الاحتفاظ بتلك القطع، وأحارب زوجي إن منعني عن ذلك، ما جعله يتساهل معي، ويصلح أي قطعة لا تعمل، كي لا يكون وجودها عائقاً في المنزل".

life@alghad.jo

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com