السبت، 22 سبتمبر 2012

التبرع بالأعضاء: عمل انساني يحتاج للتشجيع


ديما محبوبة

عمان- كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن فكرة التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، إذ بات موضوعا يطرح في كل مكان وتتحدث عنه كثير من العائلات ويتناولون مزايا التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، وما سيحصل عليه المتبرع من خدمات في حياته.
وتباينت آراء الأسر بين مؤيد ومعارض حول هذا الموضوع فمؤيد يرى أن تطور العلم على المستوى الطبي يستدعي تقبل الفكرة، بينما يرى آخرون أن مجرد التفكير في الموضوع يصيب المرء بحالة نفسية سيئة.
ويبين الخبراء أن ما جعل الفكرة منتشرة ومتواجدة والبعض يتقبلها؛ لأن التطور الهائل في مجال الطب جعل الحاجة البشرية تزداد لكل ما من شأنه المساهمة في علاج المرضى بكل الوسائل الممكنة، وتلك التي كانت حتى وقت قريب لا يمكن التفكير فيها كالتبرع بالأعضاء والذي أثار جدلا كبيرا.
ومن المعارضين للفكرة العشرينية علا عبد الرحمن التي تبين بأنه "ليس شخصا سويا" من يقدم وعدا بالتبرع بأعضائه بعد وفاته مهما كانت الظروف والأسباب، فمن الناحية الإنسانية المحضة "يستحيل" على الإنسان أن يجعل تفكيره ينشغل بكيفية نزع أعضائه وهو ميت.
وتقول: مجرد التفكير بتبرع الأعضاء بعد وفاة الشخص "يسبب هوسا نفسيا"، متابعة في الحقيقة "كلما تقدم بنا العمر نسمع عن أشياء لم تكن تخطر على بالنا، ولم يكن يراودنا أدنى تفكير في القيام بها"، منها "التبرع بالأعضاء الذي أسهم التطور الطبي في جعله حقيقة ماثلة". 
ويخالف الثلاثيني عاطف حامد علا في الرأي بقوله "التبرع بالأعضاء أصبح ضرورة تمليها المصلحة العامة، ولا يختلف عن التبرع بالدم أو التبرع بالكلية في حياة الإنسان"، متسائلا: "ما الذي يضر الفرد في حال تبرع بأحد أعضائه وهو ميت لإنقاذ نفس بشرية تنازع لأجل الحياة".
واختلف العلماء حول "حكم التبرع بالأعضاء"، فمنهم من "حرم" التبرع بالأعضاء بعد الوفاة "عملا بحرمة المسلم حيا وميتا" ومن هؤلاء الشيخ ابن باز رحمه الله، ومنهم من "أجاز" التبرع بالأعضاء بعد الوفاة "قياسا على التبرع ببعض المال الذي يحق للميت أن يوصي به"، فقد أفتى الشيخ يوسف القرضاوي في هذا الموضوع، و"أجاز" القرضاوي وهو رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عمليات زراعة بعض الأعضاء حال حوادث الوفاة والتوصية بذلك، مستثنيا "بعض الأعضاء مثل المخ أو الأعضاء ذات العلاقة بالموروثات والأنساب (الخصية والمبيض)".
وبين بعض علماء الدين أن الصدقة في بعض الأجزاء من جسم الانسان "أعظم" من الصدقة في المال، يقول القرضاوي "الصدقة ببعض البدن أعظم أجرا من الصدقة بالمال وفق الشروط التي وضعها الأطباء، فقد اشترطوا لقبول الكلية من المتبرع ألا يزيد عمره على (55-60 عاما)، ولقبول القلب للزرع ألا يتجاوز الخمسين عاما، وهذه صدقة عظيمة، للمتبرع أجرها وثوابها، وهي صدقة موقوتة بحياة الشخص المتبرع له، ولكنها صدقة لها قدرها عندالله".
ويعتبر اختصاصي الشريعة د. محمود السرطاوي أن نقل بعض الأعضاء كـ(الكلية، القرنية، القلب)، "نوع من أنواع الإيثار المحمود، الذي يؤجر عليه من فعله، لإزالة ضرر يعانيه مسلم مثل الفشل الكلوي، بأن يتبرع له متبرع بإحدى كليتيه السليمتين، عمل مشروع ومحمود".
ومن شروط التصدق بالأعضاء أن يكون المأخوذ منه مكلفا (أي بالغا عاقلا) مختارا غير مكره إكراها ماديا أو أدبيا، وألا يكون من الأعضاء الوحيدة في الجسم مثل؛ القلب والكبد، لأنه لا يستطيع أن يعيش إلا بها، وألا يكون عضوا يضر بالإنسان أخذه من جسمه ضررا بليغا، كالأعضاء الظاهرة من الإنسان، وإن كانت مزدوجة كالعين واليد والرجل ونحوها لما فيه من تعطيل المنفعة وتشويه الصورة.
ويؤكد أن هناك شروطا أخرى الواجب اتباعها في حال التبرع بالأعضاء كأن تكون هناك وصية من الميت أو إذن من أهله أو قانون من ولي الأمر بالتبرع، بما يصلح أخذه من جسده بعد إصابته في حادث وموت دماغه، وإن بقي قلبه ينبض، وهذا ما لم يكن هناك منع من صاحب العضو.
أما برأي اختصاصي الطب الشرعي الدكتور مؤمن الحديدي، فالتبرع وفق القانون "يأتي من خلال مصدرين: الأول الأحياء أي من خلال الأقارب، أو من خلال تبرع الأهالي بأعضاء أبنائهم المتوفين".
وتشير أمينة سر الجمعية الأردنية لتشجيع التبرع بالأعضاء رانيا جبر، إلى أن عدد المتبرعين ما يزال قليلا مقارنة بأعداد المرضى المحتاجين لزراعة أعضاء.
وتلفت إلى أن الجمعية تعقد دورات وندوات لأعضائها والاختصاصيين الاجتماعيين في غرف العناية الحثيثة لتفعيل عملية التبرع بالأعضاء وتعزيزها، عازية ضعف ثقافة التبرع لأمور عدة أهمها غياب جهة مركزية تتابع الموضوع، وصعوبة إيجاد جهات تتولى مهمة تبليغ أهل المتوفى سريرياً بحاجة مرضى لأعضائه.
كما أن مشروع المركز الوطني لزراعة الأعضاء المقدم لوزارة الصحة منذ ما يقارب 13 عاما، والذي لم ير النور بسبب تعاقب الوزارات أضعف حالة التنظيم بين الجهات المحتاجة لزراعة الأعضاء والمتبرعين.
وتضيف "الوصية التي يقدمها أي مواطن للتبرع بأعضائه إذا ما فارق الحياة غير ملزمة قانونيا فبعد الوفاة، الشخص المسؤول هو ولي الأمر".

dima.mahboubeh@alghad.jo

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com