الثلاثاء، 18 سبتمبر 2012

الخيانة الزوجية .. مسؤولية من : المرأة أم الرجل

صورة

ياسين الجيلاني - ظاهرة الخيانة الزوجية، قديمة قدم التاريخ البشري نفسه، ظاهرة لا تعرف قيوداً من مكان ولا حدوداً من زمان، وقلما يخلو مجتمع إنساني منها، إذ تتسع دائرتها وتنتشر وفقاً لظروف الحياة الانسانية المتداخلة، وبمقدار مساحة الحرية الممنوحة للرجال والنساء على حد سواء، نتيجة الاختلاط بين الجنسين، إما لضعف الوازع الديني، وإما لتلاشي القيم الخلقية في حياتنا العامة.

 دوافع الوجاهة الاجتماعية 
فالتلاشي – في قيمنا الدينية والخلقية - مرده إلى انتشار ظاهرة الخيانة الزوجية، التي كثيراً ما تأتي أيضاً؛ لدوافع الوجاهة الاجتماعية عند الاغنياء، أو العوز المادي عند الفقراء، وغيرها من الذرائع النفسية والاجتماعية، التي تعيق من عملية التوافق بين الزوجين، وتجعل تحقيق التكييف بينهما أمراً عسيراً.
بعض الدراسات النفسية الحديثة تشير أن السلوكيات غير السوية وراء الخيانة الزوجية، التي كثيراً ما تؤدي إلى الطلاق وتشريد الأسر والاطفال، وأن الجانب الحسي في الحب – وخاصة عند المرأة – في حاجة إلى تربية دقيقة ومستمرة عبر مراحلها التعليمية المختلفة، وتبين تلك الدراسات أيضاً؛ أن التوازن الفسيولوجي في المرأة أشد تعقيداً وأدق تركيباً وأكثر تعرضاً للتغيير والاختلال، من التوازن الفسيولوجي في الرجل... ومن هنا يكون التوازن السيكولوجي لدى المرأة أعسر تحقيقاً من التوازن السيكولوجي لدى الرجل، وهذا الارتباط الوثيق بين النفسي والجسمي، والتبادل بينهما، يؤكد أن المرأة تستكمل نموها الجنسي في السنوات الأولى من حياتها الزوجية.

 الاحتجاج والتمرد
 في التدقيق، يتبين أن الخيانة الزوجية عند المرأة تحديداً، هي وليدة الاحتجاج والتمرد، لا سعياً وراء الحب ولذة الجنس فحسب، بل لثورة المرأة على أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية والمعنوية، والنفسية، وباعتبارها سلاحاً تطعن المرأة به زوجها، حين تتأكد أن زوجها يخونها مع امرأة أخرى، أو حين تجد نفسها أسيرة للزوج وقيوده التعسفية أو امتيازاته الذكورية، أو لمعاملتها بالقسوة الزائدة والعنف ضدها. أضف إلى ذلك؛ أن امكانات المرأة الشبقية تكاد تكون غير محدودة عند بعضهن، فضلاً عن انعدام التوافق الجنسي في حياتها، التي لم تستطع أن تظفر بها في صحبة زوجها.

 تحقيق «التوافق» أو «التكييف»
أما الخيانة الزوجية عند الرجال، فإنها تمارس بصلف أعمى، حتى غدا من يمارسونها لا يميزون بين العقل والعاطفة، بين الحلال والحرام، فيعمدون إلى حل مشكلاتهم مع زوجاتهم بالخيانة، خاصة في أسفارهم الخارجية أو تنقلاتهم الداخلية، أو حينما يتوافر المال في جيوبهم، فإنهم إنما يعبرون بذلك عن فشلهم التام في تحقيق «التوافق» أو «التكييف» في حياتهم الزوجية. وفي هذه الحالات، قد تكون اسباب خيانتهم لزوجاتهم، هي بعينها أسباب «انعدام التكامل في شخصياتهم»، ولا نرى حاجة إلى القول: بأن الرجال الذين يقدمون على الخيانة الزوجية، ظناً منهم بأنها علاجاً لمشكلاتهم مع زوجاتهم، كثيراً ما يصابون بالندم وبخيبة أمل جديدة مع المرأة الأخرى! .

 التبرير في طلب اللذة المؤقتة
 ان الرجل حين يطلب المتعة الجنسية خارج نطاق حياته الزوجية، فإنه لا يستند فيه إلى الاسباب الحقيقية، وإنما إلى نوع من التبرير في طلب اللذة المؤقتة، معتقداً أن زوجته هي السبب الوحيد في شقائه وبؤسه وحرمانه من المتعة، وأن الوسيلة الوحيدة لينال قسطه من السعادة والمتعة – وإن كانت سعادة ومتعة جزئية وعابرة – هي أن تتاح له فرصة أخرى، ليبدأ حياته مع امرأة أخرى، لعلها في ظنه ووجدانه تخفف من حدة الصراع الذي يعانيه فيما بين نفسه وفيما بين زوجته... أو بعبارة أدق؛ أن طريد الفردوس يحن دائماً إلى الجنة المفقودة، ببواعث طيش الشباب ومراهقة الكبار الذي يتصاعدا باستمرار في اعماق النفس البشرية ، الأمارة بالسوء!.

سلاح «الغيرة»
..ليس هذا كل شيء؛ فهناك أسباب أخرى للخيانة عند الرجل والمرأة، قد تكون أعمق مما ذكر، وآية ذلك؛ أن الجاذبية الجنسية نفسها قد تنعدم، حينما تصبح العلاقة الزوجية، قائمة على العداء والمناكفات أو الصراع النفسي والاشمئزاز، أو انعدام الاكتراث بينهما... فالمرأة لتعلق الآمال الكبار على الزواج، فإذا وجدت نفسها غارقة في الهموم والسأم، فإن ثورتها على «الزواج» سرعان ما تتحول إلى «الزوج» نفسه، وحين تعجز المرأة في حل مشكلاتها بالدموع والشكوى والمشاجرة ، فقد تلجأ إلى سلاح «الغيرة» أو قد تعمد إلى تحطيم عشها الزوجي فوق رأسها ورأس زوجها معاً؟!.
وفي هذا الاتجاه، فإن الطب النفسي يؤكد، أن مثل هذا الزواج المنحرف بطبعه، وبتربيته وسلوكه غير السوي، قد لا يجد ما ينشده من سعادة في محاولة الخيانة الزوجية، لأن أسباب الداء كامنة فيه، وهو يحملها معه، مهما تغيرت الظروف وتعددت الذرائع، فالزوجة مثلاً – إذا كانت منحرفة نفسياً وتربوياً وخلقياً، أو شاذة لا يمكن أن تقوم إلى حين، إلا في جو خاص من الشذوذ والتوتر، وجميعها تؤدي إلى تصدع الحياة الزوجية أو انهيارها، والتي تأخذ في البداية القطيعة والنفور والهجران، ثم الشروع في الخيانة الزوجية.

 هذا العقل وذلك القلب
 كل مشكلات الحياة الزوجية وما يتبعها من خيانة أو انفلات عند البعض، مردها الجنسين معاً، لانعدام التوافق أو التكليف بينهما، فالأصل في الزواج أنه عقد ديني إلهي مقدس، ونظام اجتماعي سائد، وليس «منحة» بل «كسباً» بطيئاً يتم بتظافر جهودهما معاً... وهذا ما أكدته الأديان السماوية الكبرى، حين جاءت بتشريعات ووصايا عن الحلال والحرام، حيث ارتفعت بالإنسان من مستوى بهيمي غرائزي، إلى مستوى إنساني كريم، فالله سبحانه وتعالى – لم يجعل للإنسان قلبين في جوفه، ولا عقلين في رأسه، وإنما جعل له قلباً واحداً وعقلاً واحداً، فإذا أفسدت الحياة هذا العقل وذلك القلب، فقد أفسدت الإنسان كله، وقضت عليه، وجعلته يسير في طريق الخيانة أو عدم الأمانة الزوجية، وأن يسير على هواه ونزواته ونزعاته العارمة، وذلك هو الاعواج والفساد الخُلقي في الأرض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com