الثلاثاء، 11 سبتمبر 2012

أمثال "عصرية": تحوير لعبارات بهدف التسلية


منى أبو صبح

عمان- "اللي ما يطول العنب.. أكيد إنه قزم"، "من راقب الناس.. صار مشرفا"، "ما كل ما يتمنى المرء يدركه... تأخذ الشاني وفي نفسك السفن"، "إذا صاحبك عسل... سده واستريح"، أمثال عصرية يتبادلها الشباب فيما بينهم، ويستعينون بالأمثال القديمة ويقومون بتغيير جزء منها. 
يتبادل طالب الجامعة عدنان أيوب (21 عاما) مع أصدقائه الأمثال العصرية فيما بينهم، ولا يعلمون من انتج هذه العبارات لكنها مسلية ومضحكة بالنسبة لهم حسب قوله.
ويذكر أيوب بعض العبارات التي يرددها مع من حوله مثل "اجري يا بن آدم جري الوحوش.. إن كبر ابنك خاويه"، وأيضا "اجري يا بن آدم جري الوحوش.. تكسي المميز ملتحقوش"، "من طلب العلا... يتفضل في كابينة رقم 4"، "فاقد الشيء... يدور عليه".
يقول: "لا أردد تلك الأمثلة في المنزل، لأنني أواجه توبيخا شديدا من والدتي، فهي ترى أن الأمثلة أصل وتراث يجب الحفاظ عليه ليس تحريفه والاستهزاء به".
تشير الاختصاصية الأسرية والإرشاد التربوي سناء أبو ليل إلى دور الأهل في توعية أبنائهم لأهمية الأمثال وحضورها عبر التاريخ، فهي تلتقط وقائع وتجارب الأجداد.
وتضيف: "يتبادل الأبناء هذه الأمثلة ويأخذون المثل الصحيح ويقومون بتغيير الجزء الثاني، ولا يدركون أنهم يبنون قيما يسيرون عليها، وتصبح لديهم قاعدة في المستقبل، كما أن التخزين ينتقل لفعل، فيروجونها بشتى الوسائل سواء بالحديث أو وسائل التواصل الاجتماعي الإلكتروني".
وتحذر أبو ليل من انتشارها، بحكم أن الطبع السيئ يصل أسرع من المألوف، كما أنها تبني لدى الأبناء أشياء سلبية، وبالتالي يدمرون الايجابيات التي خلفها السابقون لنا.
وتؤكد على ضرورة الحوار مع الأبناء بالتأكيد على أهمية تلك الأمثلة وعدم الاستهزاء بها حتى لا تنتقل أمثال محرفة للأجيال القادمة، بل علينا ترك بصمة ايجابية أو حكمة ما حتى لو كانت بسيطة.
يعرف محمود الصالح (28 عاما) المثل بأنه جملة مفيدة موجزة متوارثة شفاهة من جيل إلى جيل، وهي محكمة البناء بليغة العبارة، وشائعة الاستعمال عند مختلف الطبقات.
إنه ملخص لقصة عناء سابق وخبرة غابرة اختبرتها الجماعة حسب الصالح، فقد حظي عند الناس بثقة تامة، فصدقوه لأنه يهتدى إليه في حل مشكلة قائمة بخبرة مكتسبة من مشكلة قديمة مشابهة، انتهت إلى عبرة لا تنسى. 
ويرى أن الأمثال العصرية لون من ألوان التنفيس عن النفس، وما قولها بصيغها الحديثة إلا تعبير عن مرارة الواقع وضراوة حاله، فيحاول قائل المثل العصري أن يجمع غرضين أو أكثر في قوله.
ويضيف، إنه ينفي صحة المثل كما ورد في أصله الأول، إضافة إلى إشاعته نوعا من الفكاهة الممزوجة بالتجربة الواعية.
ويرى الخمسيني أبو فؤاد أن الأمثال الشعبية تحمل قيما كبيرة جدا، ويجب عدم المساس بها، فهي تروي وقائع وتجارب الأجداد، وكلمات مختصرة تحمل في طياتها معاني كثيرة.
ويستذكر الأمثال القديمة مثل "اقلب القدرة على ثمها تطلع البنت لأمها"، منوها إلى أن هذا المثل يؤكد على أهمية ودور الأم في تربية الفتيات وانعكاس شخصيتها عليهن، ويندهش للفائدة المرجوة من المثل الذي يتبادله الشباب "اقلب القدرة على ثمها... يقع الرز منها".
سفيان عودة (17 عاما) يستخدم الأمثلة القديمة ويقوم هو وأصدقاؤه باستبدال جزء منها حسب المناسبة والحدث، فمن الممكن أن يشتق مائة مثل من المثل الواحد حسب قوله.
الأمثلة العصرية ليس لها حدود أو ضوابط وفق القاعدة التي ينتهجها عودة وأصدقائه، ويقول "إن فكرة استبدال كلمات الأمثلة مسلية ومضحكة، كما أنها تعمل على تشغيل الدماغ بانتقاء مفردات جديدة فيها تتناسب مع الوزن والقافية".
يقول خبير التراث نايف النوايسة، "لقد عملنا في لجنة التراث الوطني الأردني على جمع ألوان التراث الشعبي في الأردن، ومن هذه الألوان المثل الشعبي والكناية الشعبية، وقطعنا شوطا كبيرا في جمع هذه الألوان، وتحصل لدينا عدد كبير منها، فهي موجودة الآن في وزارة الثقافة".
ويتابع: "كلفنا عددا من طلاب الجامعات الأردنية بمساعدتنا بالبحث عن هذه العناصر، فجمعوا لنا عددا كبيرا منها مما نعرفه من الأمثال والكنايات بصورة مقلوبة، وهي موجودة بكثرة في الإنترنت والفيس بوك".
ويضيف "حضرنا مشهدا تمثيليا لمجموعة من الطلاب والطالبات في الجامعة يتناولون مفردات وأمثالا شعبية بشكل درامي مضحك إلى حد ما، وطلبنا من هؤلاء وغيرهم ممن يعملون معنا أن يسجلوا الأمثال الشعبية الصحيحة وبدقة".
يشير النوايسة أن الموضوع لا يحتاج إلى تندر، وأن الهوية الثقافية الأردنية مهددة بالتعتيم والمحو أمام العولمة وسطوة وسائل الاتصال الحالية، وأن الإخباريين (كبار السن) قد يغيبون في أي لحظة وتغيب معهم هذه الثقافة الشعبية التي لم تدون.

muna.abusubeh@alghad.jo

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com