الخميس، 10 مايو 2012

"الساحرة المستديرة" تأسر الرجال وتستفز الجنس الناعم



منى أبو صبح

عمان- يطلق عليها "الساحرة"، كيف لا وقد سحرت الرجال وجذبتهم إليها، وأغضبت زوجاتهم وتسببت في إرباك الأسر، تلك هي كرة القدم التي يتابعها الرجال، ولا يتغيبون أبدا عنها، أما النساء فبعضهن لا يمانعن متابعتها، ومنهن من تعشقها بشغف، وأخريات يكرهن كرة القدم لشغف أزواجهن في متابعة مجريات المباريات وتفاصيلها، بل تحليل النتيجة.
تشتكي ولاء الطاهر (27 عاما)، بأنها تنظم حياتها مع زوجها على أساس البرنامج اليومي لمباريات كرة القدم سواء كان عربيا أو عالميا.
لا تحتمل الطاهر، وجود أصحاب زوجها في زيارتهم لمتابعة مباراة كرة القدم، والتسمر أمام التلفاز، عندها يبدأ الصراخ مع صافرة الحكم، ولا ينتهي إلا مع صافرة النهاية، وبعدها يحين موعد متابعة ستديو التحليل الرياضي.
لا يتوقف الأمر عند ذلك، ولكن التحليل يستمر في صباح اليوم التالي، حيث يكمل زوجها وأصدقاؤه الحديث على الهاتف عن الأخطاء والتشكيلة والحكم والتمريرات والتسلل، وأمور أخرى لا تفهمها أبدا، وتستعجب كيف يرون كل هذا في المباراة، وهي لا ترى سوى كرة يتحرك بها اللاعبون.
يعتبر استاذ علم الاجتماع بالجامعة الأردنية د. مجد الدين خمش أن كرة القدم لم تعد تشكل خلافا بين الأزواج، كما كان في السابق، إلا ضمن فئات محدودة في المجتمع، فكثير من الأسر لديها أكثر من تلفاز، فإذا رغب الزوج بمشاهدة المباراة، فتستطيع الزوجة متابعة ما تريد على جهاز آخر.
ولكنه يرى أن هناك نسبة كبيرة من الصغيرات والشابات يعشقن كرة القدم مثل الرجال، خصوصا المباريات المتميزة، فيتحمسن للمتابعة وتشجيع الفريق المفضل، فأصبحت كرة القدم هواية مشتركة بين الإناث والذكور.
ويقول "إن الشباب بعمر 15-40 عاما تستهويهم كرة القدم وبشغف، لكن هناك الكثير من الرجال خصوصا كبار السن لا يهتمون بها، ولا يمتلكون الوقت لمتابعتها، ويفضلون متابعة نشرات الأخبار". 
تتصنع سناء عمار (30 عاما) وتضحي بساعتين من وقتها لمتابعة مباراة كرة القدم إرضاء لزوجها، وحتى تكون منصفة تتابع معه أغلب مباريات كأس العالم، لأن الجميع يتابعها وتحترم رغبته.
يحاول زوجها بين الحين والآخر إقناعها بحب هذه اللعبة، ويشجعها على متابعة المباراة مرة أو مرتين، ويقوم بشرح تفاصيل المباراة لها وليس أكثر.
ولم ييأس الزوج من تحقيق هدفه، ووجدت الزوجة نفسها تجاريه في الأمر، وتتفاعل بمشاهدة المباراة شيئا فشيئا، إلى جانب تطور معرفتها بهذه اللعبة، فأصبحت لديها معلومات متعددة عن الفرق الرياضية وكذلك اللاعبين.
أما الخمسينية نجاة الشيخ، فهي من مشجعي كرة القدم، بل تتابعها بشغف، وتوزع الحلوى على العائلة عند فوز الفريق الذي تشجعه، على عكس زوجها الذي لا يهتم سوى بمتابعة النهائيات في مباريات كأس العالم.
وتقول "إن كرة القدم والرياضة بشكل عام تهذب النفس وتحفز العمل الجماعي، ونتعلم منها تقبل الخسارة والحفاظ على الأمل بالفوز، وهي لعبة مسلية في الوقت ذاته"، وتستغرب من السيدات اللواتي يشتكين من اهتمام أزواجهن بهذه اللعبة.
تشارك الشيخ بالتحليل الرياضي أثناء الجلسات العائلية، وتتمسك بموقفها ودفاعها عن الفريق الذي تحب، كما أن معلوماتها الرياضية تكاد تنافس وبشدة معرفة الشباب بكرة القدم في تواريخ المباريات وأسماء اللاعبين وأساسيات اللعب والمباراة.
وتستهوي كرة القدم أيمن بدير (40 عاما) كغيره من الشباب، فلا تفوته المباريات، وحتى لو كان في عمله أو في الطريق لا يهدأ له بال إلا عند معرفته بمجريات المباراة وتفاصيلها.
يزعج هذا الأمر زوجته كثيرا، خصوصا عندما يكرس وقته في المنزل لمشاهدة ثلاث مباريات على التوالي، وهناك خلافات كثيرة بينهما حول هذا الأمر، ويصف زوجته بأنها لا تحترم ميوله.
يضحك بدير قائلا "نصحتني زوجتي بتقديم طلب للتلفزيون الأردني، وهي فرصة لكافة المواطنين لكي يصبحوا معلقين رياضيين، لكنني أجبت بأنني استطيع العمل كمحلل رياضي وليس معلقا".
"إن ميول وهوايات الرجال تختلف عنها لدى النساء"، وفق الاختصاصي النفسي خليل أبو زناد، معتبرا ان المرأة لها هوايات مختلفة ومتعددة، والرجال عادة يحبون متابعة المباريات وكذلك نشرات الأخبار، وهناك الكثير من السيدات يتذمرن من هذا الأمر.
ويرى ان اهتمام الرجل بكرة القدم كثيرا تشعر الزوجة بأنها مهمشة في المنزل، وأنه يفضل كرة القدم عليها، ولذلك تشعر بالبعد والجفاء، عندها تزداد الخلافات بين الزوجين وقد يتفاقم الأمر.
ويقول "من المفترض أن يحترم الزوجان رغبات بعضهما بعضا، وعدم التشبث بالرأي، فالحياة بحاجة لصبر وتعاون، وأخذ وعطاء بينهما".
ويرى المتخصص بالشؤون الأسرية الدكتور فتحي طعامنة، أن الموضوع إذا كان في الإطار المعقول فجميل، وعلى الزوجة أن تقدر اهتمامات زوجها وهواياته، وبالوقت ذاته أن لا يكون الأمر على حساب الأسرة ومتطلباتها، فيجب الاعتدال وتقدير الطرف الآخر.
ويقول، "يجب أن تكون هناك اهتمامات ووسائل مشتركة بين الزوجين، مثل متابعة الأخبار والبرامج الاجتماعية، فهذه الأمور تعكس إطار السعادة الزوجية وهو أعظم الوفاق في الحياة".
ويؤكد أن التنافر في الاهتمامات وعدم احترام رغبات الطرفين لبعضهما، يخلق فجوة شيئا فشيئا، ينتج عنها المزيد من الخلافات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com