الخميس، 31 مايو 2012

أطفال وغير مدخنين يتعرضون لدخان السجائر قسريا




منى أبوصبح

عمان-  تتعرض نوال خيري (38 عاما)، إلى حالة من التدخين السلبي أو ما يسمى بالتدخين القسري، من زوجها الذي لا ينقطع عن نفث سجائره داخل المنزل، الأمر الذي يجعلها واطفالها يستنشقون الدخان المتطاير مكرهين، ما يثير مشاحنات لا تنقطع بين الزوجين. 
توجه الزوجة انتقادات مستمرة إلى زوجها وتلومه على هذه العادة، التي تتسبب بأذى نفسي وصحي يؤثر على أفراد العائلة، لكنه يتجاهل الأمر، ولا يكترث لكل التنبيهات ضاربا بها عرض الحائط.
وتقول: "لا يكتفي زوجي بالتدخين في المنزل، بل في السيارة، حيث يقوم بفتح نافذتها تبريرا لتدخينه، وأسوأ ما ذلك عندما نجتمع مع الأقارب والأصدقاء، أشعر حينها بالاختناق، حتى إنه ينزعج مني إذا وجهت تعليقا ما، لإيقاف التدخين في تلك الجلسة".
تصف خيري، من كثرة الممارسات التي مرت عليها، المدخن بأنه "شخص أناني" في تصرفه، فهو لا يعي مدى التأثير والضرر الذي يتسببه لمن حوله، وما ينتج عنه من ازدياد التعرض لخطر الإصابة بسرطان الرئة، وسرطان الدم وتصلب الشرايين وامراض القلب وغيرها من الأمراض.
يرى الأطباء أن التدخين السلبي أو اللاإرادي، يؤثر سلبا على الشخص غير المدخن، حيث يعرضه إلى مزيج من الدخان الناتج عن احتراق التبغ في سيجارة المدخن مع زفيره، وبالتالي يستنشق هذا الدخان، ويسبب له العديد من الأضرار الصحية دون أن يدخن.
فالطبيب العام الدكتور عبد الوهاب عوض يرى أن التدخين السلبي يؤثر سلبا على الشخص غير المدخن وخصوصا على الرضع فهم غير مكتملي الرئة، حيث يتعرضون إلى مزيج من الدخان الناتج عن احتراق النيكوتين في سيجارة المدخن مع زفيره، ومن ثم يستنشق هذا الدخان، الذي يسبب له العديد من الأضرار الصحية دون أن يدخن.
كما أن التدخين في الأماكن المغلقة يؤثر على الكبار، ويسبب لهم ضيق النفس، وفق عوض الذي يجد أن أكثر المتضررين الأشخاص المصابون بأمراض الحساسية والربو، فعند استنشاق المصاب بالربو لدخان السجائر في الأماكن المغلقة، يضيق نفسه ويصبح عنده نقص بالأكسجين، ويؤدي في بعض الحالات لدخوله للمستشفى ويحتاج حينها لتبخيرة.
كان سفيان عباسي (40 عاما)، قد أقلع عن التدخين من أجل طفله الصغير، الذي يعاني من أزمة ربو، ففي السابق كان يدخن، ولا يكترث بتوجيهات الأطباء والآخرين من حوله، بأن التدخين يزيد الأمر سوءا خصوصا للأطفال ولمرضى الحساسية والربو.
"لم أدرك خطر التدخين الحقيقي، إلا حينما أدخل طفلي للمستشفى بسبب أزمة الربو الحادة التي أصابته، وتذكرت حينها أنني كنت أدخن في المكان ذاته الذي يجلس به"، وفق ما يقول.
اتخذ عباسي قرارا حينها بالإقلاع عن التدخين كليا، وخصص ركنا خارجيا للزائرين المدخنين، حتى لا يسمح بتلوث المنزل بدخان السجائر.
طبيب الأطفال الدكتور محمد ميسر يشير إلى أن الأطفال يعانون من أثر التدخين على المستوى العائلي والمجتمعي، فمادة النيكوتين لها تأثير سلبي كبير على الصغار خصوصا الأطفال دون العشر سنوات وعلى الكبار، فهي مادة سامة للرئتين. 
ويضيف لو كان لدى الطفل أي تأثير رئوي خفيف، فتدخين أحد أفراد الأسرة سوف يزيده، ومن المهيأ أن تكون مادة النيكوتين في أجسادهم حتى لو كانوا صغارا، فهناك نسبة تشير إلى أن 99 % من حالات سرطانات الرئة من المدخنين.
ويوضح ميسر تأثير التدخين على أطفال مرضى الربو، إذ تنتج عنه التهابات القصبات فتتضخم القناة ويقل حجمها، وتفرز سائلا (البلغم) الذي يسبب ضيق النفس أكثر فأكثر وكما يزداد السعال الذي ينتج عنه الصفير، وتتأزم حالته باستنشاق الدخان من المحيط.
ورغم أن فايز عبدالله (45 عاما) من المدخنين، إلا أنه يتجنب تعريض أسرته والآخرين للدخان، فيبادر بالخروج لشرفة المنزل، أو يفتح النافذة ويجلس بقربها، وبشكل عام فهو يقلل من التدخين داخل المنزل حتى لا يعرض أسرته للأمراض.
ويقول "نحن المدخنين نضر أنفسنا بالتدخين، ونعلم كثرة مضاره على صحتنا، لكننا اعتدنا عليه، ولا نستطيع الابتعاد عنه، وبذات الوقت لا ذنب لمن حولنا بهذا الضرر".
يرى أستاذ علم الاجتماع في الجامعات الأردنية د.سري ناصر، أن إشكالية التدخين السلبي مرتبطة بالمصلحة العامة، فتربية الإنسان في العالم العربي أنه يراعي مصالحه الخاصة على العامة، فدائما الشخص يفكر بنفسه، ولا يفكر بالآخر ومصلحته.
ويؤكد أن هذا السلوك يدل على غياب الثقافة، لأن الناس تخجل أحيانا أن تطلب من المدخن أن يمتنع عن التدخين في المكان الذي يتواجد به، ولكن يجب على غير المدخن أن يبادر بطلب الكف عن التدخين من الشخص المدخن دون حرج.
ويشير إلى وجود قوانين تشدد على منع التدخين منعا باتا في الأماكن العامة وأماكن العمل، لكن لا توجد متابعة لتنفيذ هذه القوانين، كما يحصل في المجتمعات الغربية بمحاكمة الشخص عند ضبطه يدخن في الأماكن العامة، "أما نحن فنعاني من عدم احترام الآخر والقانون"، حسب ما يقول.
ولا يكترث مروان العوران (30 عاما) بالآخرين عندما يدخن، ويعترف بقوله "أنا أدخن منذ سنوات، ولا أعتقد أن للدخان تأثيرا على الأشخاص من حولي، فلا يموت الإنسان وعمره ناقص".
ويعتقد أن التلوث منتشر في كل مكان، فالدخان المتصاعد من السيارات والشاحنات في الشوارع يتسبب بالعديد من الأمراض، وكذلك دخان المصانع، وهناك العديد من الملوثات في الجو، معتبرا أن دخان السجائر أقلها ضرارا.
وتنزعج إيمان ساري (36 عاما) من الأشخاص الذين لا يكترثون بضرر دخان سجائرهم على الآخرين وصحتهم، وتتمنى منع التدخين في الأماكن المغلقة منعا باتا، وتطبيق لوائح وقوانين صارمة لتفعيل ذلك.
وتتجنب ساري، أحيانا الجلوس داخل المطعم أو الكوفي، مفضلة الجلسات الخارجية، حتى تتلاشى دخان السجائر والأرجيلة، مع تواجده في المكان، لكنه أقل ضررا كونها في الخارج.
تشير الاختصاصية الأسرية والإرشاد التربوي سناء أبو ليل، إلى أن المدخن لو كان يفكر بغيره قبل نفسه، لما أقبل على الكثير من الأعمال، ومنها ضرره على غير المدخن، فالشخص المدخن تعود على الدخان ويعلم ضرره، وليس من حقه نقل هذا الضرر للآخرين.
وتنصح كل إنسان مدخن أن يقف مع نفسه، من اجل صحته وعافيته وتجنبا للسرطانات التي يتسبب بها التدخين، فيجب أن يتحمل مسؤولية تدخينه سواء كان مديرا أو رب أسرة، ويعترف بأثره على الآخرين، فهو المسؤول عن ضررهم.
وترى أن هذه المسألة تتعلق بالذوق العام، فهذه عادة سيئة في المجتمع، فالكثير من المدخنين يدخنون داخل المنزل وفي الغرف وبوجود الأطفال، إذ عليهم أن يعرفوا أن من  حولهم سوف يتضرر من تدخينهم.
وتنوه أبو ليل إلى أن "هناك من يبادر بالاستئذان والتدخين في الخارج، عندما يرى أصحاب المنزل غير مدخنين، والكثير من الأسر غير المدخنة تنزعج من زيارة المدخن، وتقوم بتنظيف وتهوية المنزل بعد خروجه لطرد رائحة وآثار التدخين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com