الخميس، 24 مايو 2012

الراحل صلاح مرعي يسرد تجربته في (المومياء) و(اخناتون)



صورة

ناجح حسن - اختار الناقد السينمائي امير العمري الذي يشغل المدير التنفيذي لمهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والروائية القصيرة، ان يحتفي بدورته الجديدة التي تعقد الشهر المقبل، باشتغالات مصمم المناظر ومهندس الديكور الراحل صلاح مرعي في أول دورة تقام للمهرجان بعد رحيله، حيث تولى مرعي إدارة المهرجان قرابة 10 سنوات متتالية.
قبل عقد من الزمان حل المبدع السينمائي المصري الراحل صلاح مرعي ضيفا بمناسبة مشاركته ضمن ركن السينما في فعاليات (ايام عمان المسرحية) والتي كانت تنظم بالتعاون بين فرقة الفوانيس المسرحية وفرقه الورشه المصرية.
ظل الراحل مرعي الذي غيبه الموت العام الفائت على الدوام قريبا من والده الروحي ومعلمه المخرج الراحل شادي عبد السلام صانع التحفة السينمائية (المومياء)، والعديد من الافلام القصيرة الاخرى المسماة : (جيوش الشمس) و(الفلاح الفصيح).
رافق صلاح مرعي عروض مجموعة افلام شادي عبد السلام لدى عرضها بالمهرجان المذكور في صالة المركز الثقافي الملكي، وكان من بينها فيلم (افاق) الذي انجزه العام 1996.
وناقش وحاور مفهوم العمل السينمائي ,حسب اسلوبية شادي عبد السلام وعرض لاعماله وتصاميمه ,وكان من بينها مشروع لفيلم يحمل عنوان ( اخناتون) الذي لم يستطع شادي عبد السلام اكماله قبل وفاته .
وكان الراحل صلاح مرعي هو الشخص الدي اّلت اليه هذه التركة السينمائية حيث الفيلم صار مصورا على الورق، واخد على عاتقه تحقيقه بعد طول انتظار تجاوز عقدين من الزمان .
وفي اكثر من مرة تناقلت وكالات الأنباء العالمية خبر عثوره على منتج سينمائي للمشروع, ثم لا تلبث الامور ان تعود الى السكون والانتظار !.
عد الراحل صلاح مرعي المولود العام 1942 احد اشهر العاملين في تصميم المناظر السينمائيه في السينما المصرية اليوم، وذلك ضمن خيارات تتلائم مع وجهة نظره في العمل السينمائي دون أي تنازل، حيث عمل في بداياته الاولى الى جوار المخرج ومصمم المناظر شادي عبد السلام كمصمم في افلام : (رابعة العدوية)، (امير الدهاء), (السمان والخريف) .. وقد منحته وزارة الثقافة المصرية شهادة تقديريه عن مجموعة من اعماله السينمائيه .
هنا ثبت لحوار الراحل صلاح مرعي اجريته معه ابان تلك الزيارة ، كاشفا فيه عن محطات في علاقته الفريدة مع المخرج شادي عبدالسلام، وما اثمرت من تعاون ابداعي متواصل رفد السينما العربية بخبرة وحرفية متمكنة في تقنيات وجماليات الصورة وما تفيض به من تاثيرات بليغة، ودلالة ذلك اسهاماته الاخيرة مع مجموعة من المخرجين الشباب والمكرسين الذي تبدى بافلام : (بحب السيما)، (عفاريت الاسفلت).
 
هل لك ان تحدثنا عن بداية العلاقة بينك وبين المخرج شادي عبد السلام , وكيف تولد اهتمامك بهدا الحقل من الابداع السينمائي وأعني به تقنيات وحرفية تصميم المناظر السينمائية ؟ 
 
كنت قد تخرجت من معهد السينما بالقاهرة العام 1963 , في تخصص هندسه الديكور السينمائي, لكن في الوقت الدي كنت ارغب فيه الحصول على الهندسة المعمارية , ولم يحصل ذلك بسبب ظروف خاصة، فقد كنت اهوى الرسم وامارسه في اوقات الفراغ ,|ولم يكن هدفي الولوج في عالم السينما، لكن مشاهداتي للافلام الكلاسيكية والعالمية الشهيرة التي كانت تعرض على طلاب معهد السينما جعلت مني مفتونا بهدا الفن حينها بدات أهيئ نفسي للاستعداد بالعمل في الافلام السينمائية . 
وعزز هذه الرغبة لدي بعض الاساتدة والعاملين في الحقل السينمائي، ابان تلك الفتره مثل صلاح عبد الكريم, وعبد الفتاح الابياري, وكان من قبيل الصدفه ان شاهدت فيلم (واسلاماه) الذي صمم مناظره المخرج الر احل شادي عبدالسلام في بداية الستينات، وكنت مبهورا بعمله الفني في هدا الفيلم لما تضمنه من دقه متناهيه في اختيارات الملابس والاكسسوارات وقطع الديكور وتكييفها مع أجواء وملامح الامكنه وحركة الشخصيات و الالوان الموظفة على خلاف ما هو سائد في الافلام التاريخية المشابهة . 
لم يكن شادي عبد السلام في تلك الفترة قد تجاوز الثلاثين عاما, فيما كنت ما ازال طالبا لا يجرؤ على اقتحام او دخول استديوهات الافلام التي تجري فيها صناعه السينما المصرية، الى ان اقتربت منه واخد بيدي وقد وجه لي مجموعه من النصائح التى ساعدتني على العمل، وكان منها مثلا ان لا اتعجب بالعمل السينمائي , وعلي ان اراقب الافلام بعين ثاقبة تتعقب كل التفاصيل الصغيرة ومطابقة ذلك مع احداث الفيلم , واعطاء العين القدرة على التناغم مع مفردات العمل السينمائي وعناصره الاخرى .
لقد كان شادي عبد السلام ينحدر لعائله من الطبقة البرجوازيه التي تعيش في الاسكندرية , وقسم اخر من العائلة يقطن في المانيا، ثم تابع دراسته الاولى في كلية فكتوريا, ووالدته كانت تعمل في حقل التدريس ووالده يعمل في سلك المحاماة له باع من النجاح والشهرة.
بدأ شادي عبدالسلام يمارس الفن التشكيلي مند الصغر، وكان تأثير المكان عليه واضحا في اعماله خصوصا منطقة الصعيد المليئة بالاثار والمخلفات النفسية لعصور مغرقة في القدم، وكان يرى في الصعيد وجه مصر الحقيقي، وبعد متابعه دقيقة لاعمال شادي عبد السلام واشتغالاته في تصميمم المناظر لاكثر من فيلم طلب مني ان اصبح مساعد له , الى ان اتيحت لي الفرصة للعمل منفردا في افلام مخرجين مثل: حلمي حليم وتوفيق صالح في افلام: (الحياه حلوة), (المتمردون), (الظلال على الجانب الاخر) لغالب شعث , و(الجوع) لعلي بدر خان وسواها كثير. .
لكن يبقى فيلم (المومياء) أيقونة حقيقية في مسار السينما المصرية، حيث شكل بشهادة نقاد عرب وعالميين ظاهرة غير عادية في الابداع السينمائي العربي عموما .

لكن بحسب رأيك لماذا لم تتكرر تجربة فيلم (المومياء) في السينما المصرية ، مثلما تردد ان مشروع فيلم (اخناتون) تراجع وسكن ضجيجه؟
 
ولدت فكرت (المومياء) بالصدفة، وذلك حين سافر شادي عبد السلام الى بولندا مع مخرج بولندي كان يصور في مصر وعاد معه مستشار في التاريخ للمخرج الايطالي روسليني الدي كان يصور في مصر احد الافلام التاريخية، لكن لظروف سياسيه غادر المخرج الايطالي دون ان يكمل عمله وطلب من شادي عبد السلام ان يصور المشاهد المتبقية من العمل بعد ان اعجب بعمله الى جواره, وهو ما جعله يرشحه الى وزير الثقافه انداك ثروت عكاشه للقيام باخراج مجموعة سيناريوهات تعتمد اسلوبية سينما المؤلف التى كانت دارجه في عامي 1967و1968 وكان من بينها سيناريو عكف عليه شادي عبد السلام طويلا حمل اسم (المومياء) او (ليلة ان تحصى السنين) وهي التسمية التي كان يرغب فيها كثير من النقاد الاجانب للفيلم . 
وبعد محاورات ومناقشات صاخبة، جرى اسناد الفيلم الى شادي عبدالسلام لاخراج العمل بعد ان تمت ترجمته الى اللغه العربية الفصحى, ووضع له الحوار علاء الديب ووقع الاختيار على الممثل احمد مرعي مساعدا له الى جانب قيامه على الاشتغال بالفيلم كورشهة عمل متكامله على صعيد التمثيل والاخراج والانتاج وكافه العمل برمته، فقد كان شادي قد رسم جميع مشاهد الفيلم على الورق ووضع الكاريكاتورات الخاصة له، واختار الملابس وصممها كما اراد له ذلك وتقدم بالسيناريو للحصول على منحة تمويل لكن جرى رفض المشروع بالبدايه نظرا لغرابة موضوعه! .

هل ثمة تعديل او تغيير على اسلوبية أو رؤية المخرج شادي عبدالسلام في مشروع فيلم (اخناتون)، بحيث تتفق مع الوضع الراهن أو خصوصية لغتك الدرامية والجمالية؟ 

طبعا، سأفعل ذلك بحدود لكن دون اخلال بتلك المبادئ الجوهرية, التي كانت ضمن تفاهمنا نحن الاثنين حيث ساصر على ما اراه يتفق مع قناعاتي حتى لو كان الاقدام عليه مجازفة ومخاطرة , نعم انا الان مختلف عن تلك السنوات لان الاشياء باتت واضحة في ذهني واعني الاشياء المهمة والاساسية، لكن لا شك سوف ترفرف روح شادي عبد السلام على الفيلم انها الامانه اليس كذلك؟

انت الان على راس جمعية تحمل اسم (جمعيه اصدقاء شادي عبد السلام) .. ماذا عن هذه الجمعية أو الغاية من وجودها في مصر اليوم؟

قامت جمعيه اصدقاء شادي عبد السلام والتي تاسست عقب وفاته عام 1986 بمحاوله جمع تراثه السينمائي المكون من لوحات واسكتشات رسمها لمناظر وأزياء في افلام اشتغل عليها سواء من اخراجه او اخراج غيره الى جوار الاحتفاظ بمكتبته واوراقه وصوره المختلفة التي تجمعه مع اقرانه المبدعين العرب والعالميين في اكثر من مناسبة ، كما وتضم نصوص سيناريوهات افلامه وملخصات لافكار حضارية وثقافية، وهناك مكتبة ضخمة في شتى المعارف الانسانيه, ومن ضمنها الحضارة المصريه القديمه، و ايضا هناك مقتنيات من حلي و اكسسوارات 
ولملابس خاصة واكسسوارات وقطع ديكورات ظهرت بافلامه، وهذا الموروث السينمائي سوف يبقى يرفد السينما المصريه وعشاقها بالكثير من الدعم والمسانده ويعزز من قيم الثقافه السينمائية المتخصصة 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com