رشا الكساسبة  - مرت ذكرى وفاة شاعر الامة العربية نزار قباني وكأن شيئاً لم يكن، وهاهي الشام التي ولدته وتغزل بها , غارقة في بحر الازمات. 
يعد نزار ظاهرة شعرية في تاريخ الشعر العربي متميزاً بحس مرهف ممزوج بعذوبة وسلاسة لا حدود لها, فليس هناك من جسّد احاسيس المرأة بالكلمات كما جسده نزار في قصائده .
ولد نزار في دمشق عام 1923 وترعرع في بيت دمشقي عريق فوالده كان تاجراً وداعماً للحركة الوطنية بما يملك وعاشقاً للفن والشعر الموروث من جده المسرحي ابو خليل القباني .
تخرج من كلية الحقوق في الجامعة السورية والتحق بالسلك الدبلوماسي بوزارة الخارجية السورية في بداية حياته وشغل بين سفاراتها في مدن عديدة في بداية حياته ثم تفرغ لكتابة الشعر الذي بدأ يأخذ جانبا كبيرا من حياته واضعاً لنفسه قواعد مدرسة شعرية جمعت أطراف السياسة والمرأة مما جعلها مثيرة للجدل في أغلب الأحيان فقد طالب رجال الدين وقتها بطرده من الخارجية وفصله من العمل السياسي بعد نشر قصيدتة الشهيرة «خبز وحشيش وقمر « التي أثارت عاصفة شديدة ضده وصلت للبرلمان .
لقب بشاعر المرأة وقد أخذت أشعاره في هذا الصدد شهرة واسعة جداً إلا أن وفاة زوجته «بلقيس « في إنفجار حدث بالسفاره العراقية بأحداث الحرب الأهلية اللبنانية, أثـّر على مسار الكتابة محملاً ألم فقدانه لبلقيس للأنظمة العربية فتحول للشعر السياسي في أشعاره.
ولـّد هذا التغيير في مسار الكتابة عند نزار عداء بعض الأنظمة والحكومات العربية ومنع تداول مؤلفاته في تلك البلدان الا ان هذا كله زاده شهرة ومحبة وتهافت القراء لاشعاره والوصول اليها بأي شكل كان.
تغنى بكلماته أجمل أصوات الغناء العربي فغنت له فيروز «لا تسألوني « وعبد الحليم حافظ «قارئة الفنجان « و»وسالة من تحت الماء» وماجدة الرومي « كلمات « ومع جريدة « وكاظم الساهر الذي غنى نصيب الأسد من قصائده .
«أنا وردتكم الشامية يا أهل الشام ..  فمن وجدني منكم فليضعني في أول مزهرية ..  أنا شاعركم المجنون يا أهل الشام ..  فمن رآني منكم فليلتقط لي صورة تذكارية ..  أنا قمركم المشرد يا أهل الشام ..  فمن رآني منكم فليتبرع لي بفراش وبطانية صوف ..  لانني لم أنم منذ قرون « ... بهذه الكلمات إختزل نزار وصيته وهو على فراش الموت في لندن,  فقد اعتبر ان دمشق هي الرحم الذي علمه الشعر والابداع واهداه أبجدية الياسمين .
في 30 ابريل 1998 توقف قلب نزار قباني عن النبض, لكن نبض حروف أشعاره كانت ولا تزال وستبقى تسري داخل كل من قرأ « أشعار مجنونة»  أشهد أن لا امرأة الا أنت « و «أحلى قصائدي «.