الثلاثاء، 22 مايو 2012

أشخاص يربطون التفاؤل والتشاؤم بوجوه الآخرين




سوسن مكحل

عمان- يبدو أن هناك أشخاصا يرون في وجوه البعض مصدرا للخير والرزق والتفاؤل، في حين يجدون في وجوه آخرين مصدرا للتشاؤم والنحس وغياب الخير. فهم يربطون بينهم وبين تسبب الحوادث السارة أو المحزنة التي يتعرضون لها. 
ويرى مختصون أن ذلك الأمر وَهْم وخزعبلات، لكن ما يزال المجتمع للأسف يؤمن بها، رغم أنها ليست أكثر من وقائع تصدف أن تقع بوجود أشخاص معينين.
وهنادي (35 عاما) التي انفصلت عن زوجها قبل نحو خمس سنوات، تشعر بالحزن الشديد عندما تتذكر ما حصل معها من قبل حماتها التي كانت تتهمها بأنها صاحبة "وجه نحس".
وهنادي الأم لطفلين تقول "منذ أول يوم في زواجي ولأجل حادثة بسيطة لابنها الصغير اعتبرت حماتي أن وجهي نحس، وقالتها بالحرف الواحد أمامي، مما شكل لدي صدمة كبيرة وبعدها بسنة تطلقت ابنتها الكبرى لتكرر الكلمة في وجهي".
وتوالت الاحداث والمواجهات بين الحماة والكنة، وكانت علاقتها بزوجها مشحونة منذ البداية ومتوترة بين العائلتين، الأمر الذي أدى الى الانفصال.
"وما زاد الطين بلة" وفق هنادي هو يوم الطلاق في المحكمة والذي انفصلت فيه عن زوجها حين جاءت والدة زوجها وأخبرتها بالحرف الواحد "من يوم ما شفناكي ما شفنا الخير، الحمد الله انا خلصنا منك".
هنادي تعتبر الامر برمته تعليق الأخطاء على مشاجب خيالية عارية عن الدقة والمنطق، فمن غير المعقول ان تكون كافة الأمور الجيدة والتي حدثت اثناء زواجها من انجاب اطفال وغيره أمور إيجابية يمثل "نحس" بالنسبة الى حماتها إلا ان الجهل بحقيقة الأمور مرده دوما التصرف الخاطئ كما تقول.
في المقابل، ترى مي فؤاد (28 عاما) أن بعض الوجوه تحمل النحس وأخرى تجلب الأمور الجيدة، اذ انها صدف وتعرفت على صديقة على مدار عام فتوالت عليها المصائب واستمرت على تلك المعاناة طوال العام من وفاة وحوادث سير للمحيطين بها اضافة الى اخفاقها بكل مشروع عمل تبدأ به.
وبإدراك منها قررت مي قطع علاقتها بتلك الصديقة من باب انها تجلب النحس، مبينة ان الأمور بالفعل بدأت تنجلي نحو الافضل بعد قطع علاقتها بصديقتها والتي ترى فؤاد انها ربما ليس لها علاقة بشيء فقط يكون "طالعها" يجلب الشؤم والمشاكل.
في حين يرفض محمد علي (24 عاما) تحميل وجوه الأشخاص ووجودهم في حياة البعض مصائب وأمورا قد كتبت من عند الله ان تحدث، ولا بد للفرد بنظره التمييز بين التفاؤل والتشاؤم.
ويضيف علي انه يدرك أن بعض الوجوه بشوشة وقد تجعل مثلا اليوم جميلا اذا ما صادفتهم، وعلى النقيض تماما فقد تلتقي بأشخاص لا تود مشاهدتهم فيشعر الفرد ان يومه سيئ من بدايته.
ولا ينفي علي ان لديه أصدقاء "بشوشين" بالمقابل يملك أصدقاء لا يبتسمون بنظره ولا حتى "للرغيف السخن" وهو مثل يقال للشخصية "النكدية" او التي تكشف عن عصبيتها.
ومع ذلك فإن علي يرفض ان تكون المصائب او المشاكل معلقة على "وجوه" أصدقائه لأنهم فقط يملكون شخصية غير مرحة او غير محظوظين بالحياة. مؤكدا ان كل شيء يحدث مع الإنسان مكتوب عليه، ولا علاقة للوجوه ولا لغير الوجوه بتغيير مسار الأحداث.
المجتمع والأفراد يحملون مسؤولية ما يحدث معهم لآخرين، ويسقطونها على وجوههم بدون وجه حق، وفق ما يقوله أستاذ علم الاجتماع المشارك في الجامعة الاردنية الدكتور حسين الخزاعي.
وقد تلعب الصدفة أحيانا دورها في قضية اتهام الشخوص بأنهم أصحاب وجوه "خيّرة" او تجلب "النحس"، ويضرب الخزاعي مثالا على وقوع حادث بوقت تواجد شخص ما، فيصبح الطرف الذي يتهرب من المسؤولية يعّلق الواقع ويرحّل القضية من محلها الحقيقي وتلبيسها الى الثاني ما يعكس الوَهْم والخزعبلات.
المشكلة بقضية وجه الخير والنحس لا تمثل الظاهرة حاليا قياسا بما كانت عليه بالسابق وفق الخزاعي نتيجة "الأمية" والجهل آنذاك، إلا ان الوقت الحالي بعض الافراد يتصرف بشكل غير مباشر وربما بدون وعي، ما يعني ان التوعية ضرورية لمثل تلك الأمور من قبل الاهل لأبنائهم، وضرورة زرع الانسجام مع الواقع وعدم تعليق ما يحدث من أمور سيئة وجيدة وربطها بالآخر.
ويتفق معه اختصاصي علم النفس الدكتور خليل أبو زناد الذي يرى أن المجتمع وللأسف ما يزال يؤمن بمثل تلك الأمور والتي تعد أحد اشكال الوَهْم والخزعبلات وربط الصدفة بالواقع بطريقة غير صحيحة.
ويبيّن ان مضار تلك السلوكيات سيئة للأسف دوما وليس بها جانب ايجابي مطلقا، وتؤدي الى ضرر نفسي على الأشخاص المحيطين.
وللخلاص من تلك الاوهام ينصح أبو زناد الافراد الذين يفكرون بتلك الطريقة أن يعيدوا حساباتهم ويبتعدوا عن التوهم والخيال والإضرار بالآخر، وإذا لم يستطيعوا عليهم مشاركة المحيطين بهم مثل العائلة ومساندتهم للخروج من تلك الأوهام والتي بالمستقبل ستؤدي بشكل سلبي على الفرد ذاته.
ويعتبر خبير علم الطاقة حسام القطب، "أن كل شيء في المحيط يؤثر في أجواء الانسان، التي تأتي من المواقف والأحداث اليومية كالمشاهد المؤلمة"، مبينا ان بعض الأفراد يشعرون بتأثير الشخوص ليس لانهم "وجه نحس أو خير"، بل لأن تعابيرهم احيانا قد تجعل البعض يشعر بالأجواء غير المريحة، ضاربا مثالا بان يذهب موظف ويشاهد كل يوم مدير عمله لا يبتسم.
ويرى أن بعض الايماءات في الوجوه من ابتسامة وغضب، تحمل مشاعر تدفع الآخر لردة فعل ينتج عنها السلب أو الايجاب، وفقا لقانون الجذب، الذي يعمل على جذب الأشياء السيئة حين يتم التفيكر فيها كثيرا، والعكس فكلما شعر الانسان بالاشياء الجيدة فإنها تأتيه بالمقابل.
ويؤكد أن على الافراد أن يدركوا طاقة الأشياء السلبية والإيجابية خصوصا في الصباح والذي يحمل بداية يوم جديد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com