الأحد، 27 مايو 2012

الغدة الدرقية وأمراض العيون خلال الحمل




عمان- تظهر دلالات الأمراض المختلفة التي تصيب الجسم على العينين اللتين تعدان نافذة الجسم، ومن أهم تلك الأمراض الشائعة مَرَضُ العيون الدرقيّة المرتبط بالغدة الدرقية، وهي غدة صغيرة في مقدمة الرقبة تحيط بالحنجرة والقصبة الهوائية وملتصق بها زوجان من الغدد المختصة بتنظيم الكالسيوم في الدم، فالضّرر ناتج من الهجوم الموجه إلى النّسيج الدهني والعضلي وراء العين.
وبانتفاخ الأنسجة وراء العين يتسبب بُرُوز العَين حيثُ تَبْدُو مُحَدقَة وَجَاحِظة. وفي الحالاتِ الشديدة والأكثر ضررا يحدث تَوَرم وَتَيَبس وشلل في العضلاتِ التي تحرك العين وهذا الشلل هو الذي يُسبّبُ الحول عندما تَنْظر من جانب إلى آخر لفقدان التوافق بين العضلات. 
ونادراً ما يكون الانتفاخ وراء العينين بدرجةٍ كبيرة، حيث تضْغط الأنسجةُ على العصبِ البصري عند خروجه من العينِ إلى الدّماغِ وهذا بالطبع يُؤثّرُ على الرؤية؛ إذ يدل اسم هذا المرض على ارتباطه بمرض الغدة الدرقية وهو المعروف بأنه من أمراض المناعة الذاتية، حيث إنه من المحتمل أن يحدث في العائلاتِ كما توجد أدلة على احتمالية أَنْ يَحدث أكثر في المدخنين؛ إذ إن 40 % من النساء معرضات للإصابة بمرض العيون الدرقية الناتج عن التغيرات الهرمونية الناتجة من الحمل والتدخين.
مرض ارتفاع أو فرط الغدة الدرقية قد يصعب تشخيصه أثناء الحمل؛ لأن أعراض الحمل تكون متقاربة من أعراض هذا المرض إلا أن يكون المرض شديداً، ففي هذه الحالة تكون الأعراض واضحة. 
كما أن مرض فرط الغدة الدرقية يسبب زيادة في ضربات القلب والشعور بالحرارة ما يجعل المريض يفضل الجو البارد، ونقص الوزن بالرغم من زيادة الشهية، وكذلك الشعور بالارتعاش، وقد يؤثر فرط نشاط الغدة الدرقية إلى زيادة حدوث نقص نمو الجنين داخل الرحم والوفيات، وإذا كان لديك قصور طفيف في نشاط الغدة الدرقية، فقد لا تعاني من أي أعراض. ولكن عندما تظهر الأعراض، فإنها غالبا ما تكون غير واضحة وتتقدم ببطء وتشمل الأعراض النمطية لهذا القصور:
- التعب والشعور بالخمود والإعياء.
- التبلد العقلي.
- عدم تحمل البرد.
- الشعور بالكآبة أو خمول العواطف.
- الإمساك.
- الآلام العضلية.
- جفاف الجلد أو تقشرة أو انتفاخه.
- وخز في أصابع اليدين أو القدمين.
- نقص في تحمل المجهود الرياضي.
- آلام في المفاصل.
- بحة الصوت.
- عدم انتظام الدورة الشهرية.
- زيادة الوزن رغم ضعف الشهية.
- جفاف الشعر وتقصفه.
- نبض ضعيف مع تورم في العنق.
ومن أمراض الغدة الدرقية الأخرى، وجود تورم الغدد المتعدد والتورم الوحيد بالغدة (حميد أو خبيث). 
أما عن أعراض العيون الدرقية فهي مختلفة ومتباينة بشكل يدعو للاستغراب. فعادة ما تتأثرُ إحدى العينين أكثر من الأخرى. وتكُونُ هناك زيادة في إفراز الدموع التي تنفر من الأضواءِ السّاطعةِ، وتشعر بالوجع وراء العين خاصةً عندما يَنْظر الشخص إلى الأعلى أو إلى الجنب.
كما يلاحظ أن انتفاخ في الجفنِ الأعلى أو حول العيونِ (العيون المتهدّلة) شائعٌ أيضا ويكون أسوأ فيِ الصّباحِ الباكر. وتَظْهرُ العيون غالباً محدقة، وقد يسبب جفاف العيونِ أو الدّموع الأكثر من اللازم تشويشا في الرؤية أحياناً فالغدة الدرقية الشّديدة النشاط تدْعى مرض جريفس Graves.
يعالج مرض العيون الدرقية حسب الأعراض الآتية: 
 الحرْقَةُ واحْمِرارُ العُيونِ: تعالج عادةً بقطرة عينٍ بسيطةٍ مثل الدموع الاصطناعية. وهذه القطرات غير مؤذية ويُمكنُ أَنْ تُستعمل حسب الطلب (أي حتى كل ساعة). ولتأثير أطول يمكن أَنْ يَستعملَ المرهم خلال النهار أو اللّيل.
الانتفاخ حول العيون: وعلاجه أكثر صعوبة. منظر الانتفاخ ليس حسناً لكنه لَيس خطراً. وهو أكثر في الصّباحِ بعد الاستلقاء والنوم في الليل. ويُحتملُ أَنْ ينقص باستعمال وسادة إضافية واحدة أو وسادتين، كذلك قد ينفع استعمالُ مدرّ للبول. وعادةً مَا يتحسّنُ الورم بعد بِضْعَة أشهرٍ عندما تَستقرُّ حالة العيون. ويمكن بحث الحاجة للجراحة أحياناً لتحسين المنظر في الحالاتِ الشديدة.
- التَحْديق: إذا كانت هذه المشكلة بسيطة فيمكنها أنْ تَتحسّن مع مضي الوقتِ عندما تَستقر العيونُ. ولكن في الحالات الشديدة والمزمنة فقدْ تحتاج لوقتٍ طويلٍ قبل أن تتحسن. وفي مثل هذه الحالة يُمكنُ أَنْ يتحَسَنَ المنظر كثيراً بالجراحةِ على الجفونِ بعد أنْ تصبحَ حالة العيون مستقرّةً. ويجد بعضُ الناسِ أن النظارات الملوّنة مفيدة في إخفاء منظر العيون المحدقة.
-الحَوَلُ: إذا حدثَ هذا الأمر منْ وَقْتٍ لآخر أو فقط عندما تنظر إلى زاويةِ عيونكَ فهو لَنْ يُؤَثِر عَلى حَيَاتِكَ اليومية وبالتالي فقد لا يَتطلّبُ المعالجة مطلقاً. أمّا إذا حدث الحول والرّؤية المزدوجة بشكلٍ مستمرٍ أو متكررٍ فَهُنَا قد تَحتاج إلى مُسَاعَدةِ طبيب العيون،  والخطوة الأولى في العلاج عادةً تكون بإضافة عدسات منشورية بلاستيكية إلى عدساتك المعتادة لكي تَنْقُصَ الرّؤية إذا استمرت الرّؤية المزدوجة فالجراحةُ تشبهُ جِرَاحَةَ الحولِ في الأطفال.
- تَدَهْوُر الرّؤية: إذا هذا حَدثَ بأكثر من شكل عارض ولم يُمكن تصحيحه بالنّظاراتِ الجديدةِ فمعناه انه يَتطلّب استشارة طبية من قبل طبيب العيون بصورة عاجلة لأنه قد يَعْني بأنّ هناك ضغطا متزايدا على العصبِ البصري وراء العينِ. والمعالجة الممكنة هنا تشمل العلاج بالأدوية المحبطة للمناعة أو بالجراحة. وكلاهما يأمل أَنْ يُخففَ الضغطَ وَرَاء العينِ بأسرع ما يمكن وهذه غالباً ما تكون ضرورية. ومن ناحية أخرى فالمشاكل بالرّؤية قد يكون سببها أحياناً جفاف القرنية إذا كانت العيون بارزة جداً وخاصة إذا كانت الجفونُ لا تغْلقُ بالكامل في الليل. هنا ربما تَكَوُن الجراحةُ ضرورية كي تَحْمي العين.
عندما يَسُوءُ الحَوَلُ أو تتَدَهْوَرُ حِدّةُ البَصَرِ يُصْبِحُ العلاجُ بجرعاتٍ عاليةٍ من الكورتيزون، ليُهدّئ نظام المناعة ولإنقاص الانتفاخ وراءَ العينِ إذ يَستَعْمِلُ بَعْض العلاج بالأشعة في جرعاتٍ صغيرة موجهةٍ إِلى العين. والمعالجة بالكورتيزون فعّالةُ لكن يُمكنُ أَنْ تُسبّبَ ورم الوجهِ وزيادة في الوزنِ وهش العظامِ والأرق ومرض السكر. لذا فهو مَتْروكٌ للحالاتِ الشديدةٍ ويَجِبُ أَنْ يَكُونَ استعماله تحت إشرافِ الاختصاصي فقط. 
ويمكن استخدام علاج آخر مثل الأزاثيوبرين مع الكورتيزون كي تُسْتَخْدَم جُرْعة أقل مِنَ الكورتيزون في حالات كسل الغدة الدرقي وهذا التطبيبُ قد يُستَعْمَل مع العلاج بالأشعة. ويؤمل بمعالجة المرضِ مبكّراً تجنب المضاعفاتِ الحادّةِ لمرض العين الدّرقّي وتجنب الحاجة للجراحة لاحقاً. ولكن هذه المعالجة لَيستْ فعّالة عندما يَصلُ مرض العيون الدّرقّيَة إلى الحالة المستقرة وغير المُلتهَبة.
قلَّما ترجعُ العينُ إلى حالتها الطبيعية إلاَّ إذا كانت الحالةُ بسيطةً. وإن حدث هذا فقد يستغرق فترة سنة إلى سنتين. وكلما طالت مدة المرض كَانَ احْتِمَالُ رُجُوعِ العينين إلى الوَضْعِ الطبيعي أقلَّ فأقلَّ. لأن هذا الأمر يتحول إلى ندبة ومعالجته لَنْ تُخفّضَ الانْتِفَاخَ. وفي مثل هذه الحالات تصبح الحاجة ماسة للمعالجة بيدٍ خبيرة التي قد تشمل الجراحة المتخصصة والحذرة والتي قد تكون فعالة في تَحسينِ مظهرِ العيونِ. وإنه من النادر جداً أنْ يُؤثّر على البصر بشدة. وحتى عندما يحدث هذا فإن العلاج الجراحي يُمكِنُ أَنْ يُحسّنَ الحالة عادة.
ويمكن أن يتحسن مرض العيون الدرقية بالسيطرة الطّبيةِ الصّارمةِ ومرورِ الوقتِ. وتوجد نسبة من المريضات تبقى عليهن التغييرات على مدى بعيد. يُمكنُ أَنْ يُموّهَ هذا بالعديد من الإجراءات البسيطةِ مثل وَضْع نَظَاراتٍ مُلوّنةٍ أو غامقة. لكن البعض قد يعشن تجربةً نفسيةً صّعبة نتيجة للتّغييراتِ في مظهرهن. ويُمكنُ أَنْ تَنْتجَ في الانتقاص من الثّقة بالنفسِ ويشتد الغضب من هذه التّغييراتِ وقد تتأثر العِلاقات على العديد من المستويات.
 وليس كل هذا بمستغرب لأن الوجه، لا سيما العينان، النّقطةُ الأكثر أهميةّ في الاتصال بين الأفراد، والقرار في علاج الغدة الدرقية من الأفضل أن يتخذه كل من طبيب الغدد وطبيب النساء والولادة، ومن الأفضل لو قرر الطبيب العملية أن يكون إجراء العملية في الثلث الثاني من الحمل نظراً لزيادة حدوث الإجهاض في الثلث الأول منه، وبالطبع سيتم العلاج في البداية بالأدوية وإذا لم ينجح العلاج بالأدوية يتم العلاج الجراحي، كما لا ننسى مدى شدة الأعراض عند الأم، فكل هذه العوامل يتم جمعها مع بعض ويتم تقرير العملية الجراحية ليفي بالغرض المطلوب وهو الحصول على استقرار تام للغدة.
ومن الأفضل مقابلة المريضة الطبيب قبل إجراء العملية كي يخبرها بطبيعة العملية وكيف يتم العلاج بعد ذلك، وهل بالإمكان تأجيل العملية إلى بعد الولادة أم لا؟ كل الأسئلة التي تدور ببال المريضة من الأفضل مناقشتها مع طبيبها الخاص قبل أي عملية، فهذا يعطيها شعورا بالطمأنينة ويحمسها لاتخاذ القرار الصائب.  
الدكتور إياد الرياحي 
استشاري طب وجراحة العيون/ 
المدير الطبي لمركز العيون الدولي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com