الجمعة، 25 مايو 2012

مكائد "الضراير" تحول الإخوة إلى أعداء




منى أبو حمور

عمان- يشيع اجتماعيا انسحاب علاقة "الضراير" وما يشوبها من توتر على طبيعة علاقة الأخوة غير الأشقاء بعضهم ببعض، رغم أهمية أن تسود العلاقة العزوة والأمان، وتبادل المشاعر النبيلة البعيدة عن الحقد والكراهية.
وهناك كثير من الاخوة غير الأشقاء لا يشعرون بترابط وانسجام فيما بينهم بسبب ما تزرعه أمهاتهم من مشاعر حقد في نفوسهم، إلا أن هناك حالات أخرى تكون العلاقة متينة ومترابطة وكأنهم من أب وأم واحدة، وهنا يكون الدور على الأب الذي عليه ترطيب العلاقات.
غير أن الثلاثينية جميلة العابدي، تعتبر أن علاقتها بإخوانها غير الأشقاء، ليست أكثر من مجاملة، "فأنا لا أشعر بروابط حقيقية تربطني بهم، حتى أنهم يتعاملون مع الناس الغرباء  بصورة أفضل من تعاملهم معي".
وتقول "لم أحمل لهم يوما مشاعر حقد أو كراهية"، مؤكدة أنها في كثير من الأحيان تحاول أن تذيب تلك الحواجز معهم، ولكن كل محاولاتها فشلت، محملة زوجة أبيها مسؤولية ذلك الشرخ في علاقتها مع إخوتها غير الأشقاء. 
ويعاني العشريني خالد القضاة من انعدام التواصل والاتصال مع اخوته غير الأشقاء على الرغم من احتياجه لوجودهم في حياته، خصوصا وأنهم أكبر منه سنا. 
ويقول القضاة "لدي ثلاثة أشقاء من زوجة أبي المتوفى، مبينا حاجته لمن هو أكبر منه ليكون بمثابة والده، لافتا إلى أنه وبعد وفاة والده توجه إلى إخوانه لمساعدته في إكمال دراسته، أملا بأن يكونوا سندا وعونا له بعد أن أصبح وحيدا، إلا أنهم رفضوا ذلك جملة وتفصيلا، خشية من  غضب والدتهم".
وزوجة أبيه كما يقول القضاة، هددت أبناءها بأن قلبها سيغضب عليهم فيما لو تواصلوا مع شقيقهم من والدهم. 
بيد أن الحال يبدو مختلفا قليلا مع العشرينية أمل العبدالله، التي استطاع والدها أن يجمع ويؤلف بين قلوب ابنائه غير الأشقاء، رغم وجود خلافات بين الأمهات، إلا أنه كان محصوراً فيما بينهن. 
وتقول "إن والدي كان حريصا على أن يكون عادلا فيما بيننا، ويحث على أن نكون يداً وقلباً واحدة، حتى أنه كان يجبرنا يومياً على تناول الوجبات على مائدة واحدة، فكانت علاقتنا باخوتنا في منتهى المثالية والاحترام". 
وتؤكد أمل أن قوة التفاهم والمحبة التي كانت تربط بينهم  انعكست هي الأخرى على علاقة الزوجات فيما بينهم، حيث ساد العلاقة نوع من الاستقرار والهدوء النسبي. 
ويجد أخصائي علم النفس الدكتور محمد الحباشنة، أن خطورة الموضوع في علاقة الاخوان غير الاشقاء تعتمد على طريقة تصرف الأب والأمهات، فإذا كانت هناك حالة من القبول، فإن ذلك سينعكس ايجابا على الأبناء. 
وينعكس تصرف الأهل وفق الحباشنة على الأبناء بشكل مباشر، خصوصا وأنهم في حالة استقبال سلبي ويتبنون نظرة الأب والأم البيولوجية، فأي مشاعر سلبية للحقد، الكراهية والعدائية تؤخذ بشكل سلبي. 
ويبين الحباشنة أن شعور الأبناء بمقاييس المنافسة وعدم العدالة والتعرض بالإيذاء، يخلق لديهم عدم ارتياح، ويزرع الضغينة بداخلهم، وكأنهم أعداء لا اخوة.
وتختلف الصورة إذا كان هناك عائلة ناضجة، وفق ما يقول الحباشنة، حيث تختلف بصورة كبيرة، لا سيما عندما يكون الأبناء كبارا في السن، فيصلوا إلى مرحلة من النضج العقلي الذي يحكم علاقاتهم. 
ويقول الحباشنة "إن التعدد موجود في المجتمع والمهم هو كيفية التعامل معه"، لافتا إلى أن حل الموضوع كله عند الأب والأم من خلال التعامل والرسائل الموجهة للأبناء، إذ أن اللوم ينصب بالدرجة الاولى على الآباء والأمهات الموجهين وليس الأبناء. 
ويعتبر أخصائي علم الاجتماع الأسري الدكتور مفيد سرحان، أن الذي يحكم علاقات الإخوة من أمهات مختلفة، هو سبب الزواج الأب، فإذا كان الأب أرملا، وهذا سبب زواجه، فإن ذلك يجعل علاقة الأبناء تسير بشكل أفضل لوجود مبرر لدى الزوج الذي يقدم على الزواج . 
ويقول "إن مشكلة المجتمع تكمن في رفض تقبل الزواج الثاني"، مبينا أن في كثير من الأحيان تحمل نظرة المجتمع نوعا من الظلم، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على نظرة الأبناء لزوجة أبيهم، الأمر الذي يخلق فتورا وتوترا في العلاقة، ما يجعل علاقة الأبناء فيما بينهم سيئة. 
ويجد سرحان أن قدرة الأب على إقناع زوجته وأبنائه بزواجه الثاني تلعب دورا مهما في العلاقة، مؤكدا أن دخول الزوجة الثانية على حياة العائلة عنوة، وبشكل مفاجئ يؤثر على العلاقة المستقبلية بين أبناء الزوجتين فيسودها التوتر والفتور، إلى جانب الرفض الذي يواجهه . 
ويلقي سرحان بالمسؤولية وبشكل مباشر على الأب، إضافة إلى علاقة الزوجتين مع بعضهما البعض، مبينا أن الأبناء عادة يكونون أكثر تعاطفا مع الأم، وهذا ينعكس على نظرتهم لاخوانهم من غير الأم.
ويقول "إن المشكلة تكون في أوجها عند وجود الزوجتين معا"، حيث تبنى العلاقة على المشاحنات والتنافر، وهذا يتطلب أن يكون الأب على درجة كبيرة من العدل بين الأبناء، إذ أن غيابه يؤدي إلى خلق النفور بينهم، والذي غالبا ما ينتج عن محاباة أحد على حساب آخر. 
وينصح بأن تكون الأم أكثر وعيا وإدراكا لمستقبل الأبناء، وعلاقتهم مع بعضهم في المستقبل، إلى جانب ضرورة تقوى الله عز وجل في تربية الأبناء وإدراك الأمهات لأهمية علاقة الاخوان مع بعضهم البعض. 
ولا يقتصر الأمر بحسب سرحان، على الأب والأم فحسب، بل لا بد أن يكون للأبناء دور في العلاقة بعد مرور فترة من العمر والإحساس بالمسؤولية، فلهم الدور الأكبر في ترطيب العلاقات بين الأم وزوجة الأب بغض النظر عن مدى تقبلهم وقناعتهم بزواج والدهم، مع أهمية إدراك أن الأهل ليسوا دائمين، وأن علاقة الأخوة تدوم فترة أطول. 
وتشير التربوية رولا أبوبكر، إلى أن الأصل في العلاقة بين الاخوان، وإن اختلفت أمهاتهم، أن تكون علاقة سليمة ومحترمة قدر المستطاع، لافتة الى أن على الأمهات أن يكن على درجة من الوعي والعقلانية. 
وتقول "على الأب أن يكون عادلا في التعامل وأن يحاول دمج الاخوان مع بعضهم"، وأن يخلق بينهم نوعا من المشاركة في الحوار، وأن يكون قادرا على فصل مشاكل الزوجات ويفصل حساسية علاقتهن ببعضهن عن علاقة الأبناء.
وتقع المسؤولية في تحديد أطر العلاقة على كاهل الأب، الذي يعتبر العامل المشترك بين الأبناء جميعهم، وفق ما تبين ابو بكر. 
ويبقى العدل، العطف، الحنان والحوار؛ مفاتيح لإقامة علاقات طيبة بين الإخوة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com