الاثنين، 28 مايو 2012

"الزوج الحاضر الغائب".. المسؤولية ملقاة على عاتق الزوجة




منى أبو حمور

عمان- يبدو أن دور الزوج ينحصر فقط في العمل، ملقيا كل المهمات والمسؤوليات على عاتق زوجته وحدها، ويجعلها تعيش في دوامة لا تنتهي من الأعمال والمتطلبات المنزلية التي تثقل كاهلها.
وتعيش الثلاثينية نوال الحميدي توترا وضغطا وتعبا، جراء المسؤوليات التي تقع على كاهلها، فهي تلعب ومنذ سنوات دور الأب والأم، وتأمين طلبات البيت والأولاد على الرغم من وجود زوجها في البيت.
وتقول "تؤرقني تلك المسؤوليات الكثيرة، ولم يعد لديّ متسع من الوقت لأهتم بنفسي"، مبينة أن قيامها بمهام الأب والأم، ليس بالأمر الهين، خصوصا وأن أطفالها ما يزالون صغارا وبحاجة إلى اهتمام ورعاية شديدين.
وتلفت الحميدي، الموظفة في إحدى الدوائر الحكومية، إلى أن زوجها يهمل كثيرا بالبيت والأولاد، مشيرة إلى أنه يعتبر أن ذهابه اليومي إلى العمل ودفعه لإيجار البيت وفواتير المياه والكهرباء، هي رسالته الزوجية في الحياة.
ويستفز الأربعينية خولة البستنجي، غياب زوجها الحاضر الذي يتنصل من كافة مسؤولياته الأسرية، ملقيا بزمام الأمور على كاهل زوجته التي تمضي وقتها بين الاهتمام بالمنزل ومتطلباته وتربية الأبناء.
ولا يقتصر الأمر على متطلبات المنزل، بحسب ما تقول البستنجي، بل يتعدى الأمر للقيام ببعض الواجبات الاجتماعية التي يتقاعس زوجها عن حضورها.
وتصف معاناتها اليومية في القيام بالكم الهائل من الواجبات، مبينة مدى الضغط النفسي والجسدي الذي تعانيه، في حين كل ما يهم زوجها بعد عودته من العمل، هو النوم والراحة، خصوصا وأنه يعمل 8 ساعات طوال اليوم.
بيد أن الأمر كان أشد وطأة على الأربعينية نجود الناصري، التي لم يعد أبناؤها يطلبون أي شيء من والدهم، بل وأصبح قيامها بكل شيء أمرا عادياً بالنسبة لهم.
وتقول "إن الكثير من التفاصيل ترهقني وتسبب لي الألم"، مبينة أنها ومع مرور الوقت أصبحت تفقد الشعور بالأمان، الذي تشعر به كل زوجة إلى جانب زوجها، مؤكدة أن خوضها الحياة وحدها جعلها تعتاد عدم وجوده.
وتشير خبيرة العلاقات الزوجية نجوى عارف، إلى الأثر الكبير الذي يلقيه قيام الزوجة بدور الأب والأم، مبينة أن قيام الزوجة بدور ليس دورها يعرضها لضغوطات جديدة قد تؤدي إلى انهيارها في لحظة من اللحظات.
وتلفت عارف إلى الضغوطات النفسية والجسدية التي تتأثر بها الزوجة نتيجة لقيامها بأعباء إضافية، كقلة النوم والإرهاق الجسدي، والذي يؤثر بالدرجة الأولى على علاقتها بزوجها من جانب وأولادها من جانب آخر.
وما يزيد الطين بلة، وفق عارف أن قيام الزوجة بالدورين يوصل المرأة إلى قناعة تامة بقدرتها على الاستغناء عن زوجها، معززة لديها الشعور بقدرتها على العيش بدونه، الأمر الذي قد يفقدها جزءا من احترامه.
وتقول: "لايمكن إلقاء اللوم على الرجل وحده بل تشاركه المرأة في بعض المسؤولية"، مشيرة إلى أن الزوجة في كثير من الأحيان تلعب دورا في ايصال الزوج إلى هذه المرحلة، من خلال رفضها لبعض التصرفات التي يقوم بها أو مماطلته في إتمام أمر ما، الأمر الذي يجعل الرجل يتكل على زوجته.
وتسهم نظرية "كن فيكون"، بحسب عارف، التي تطالب بها كثير من الزوجات في تلبية طلباتهن في تعزيز الاتكالية لدى الأزواج، خصوصا عندما تقوم الزوجة بتأمين احتياجاتها بنفسها.
وتؤكد أن هذه الظاهرة تلقي بظلالها بشكل واضح على العلاقة الزوجية فيغزوها الملل، الجفاف والفتور الذي يؤدي بالنهاية إلى الطلاق العاطفي، وتكمن الخطورة الأكبر عند الأطفال، حيث تصيبهم اضطرابات في الهوية، فيصبح لديهم خلط في المهام التي يقوم بها الرجال والنساء، وبالتالي يبدأ الأولاد بتكرار ما يقوم به الأب والأم.
ويسمي اختصاصي علم الاجتماع الأسري الدكتور فتحي طعامنة، الزوج الذي يتنصل من واجباته بـ"الزوج الحاضر الغائب"، وهو حاضر في حقيقة الأمر، ولكن ليس له علاقة في تتبع أي من الأمور التي تتعلق بالحياة الأسرية.
ويكتفي هذا النوع من الأزواج، وفق طعامنة بقيامه بأدواره ضمن إطار واحد، وهو دفع ما يترتب عليه من التزامات مادية ومن ثم يرفض أن يتحمل أي جزء كان من جزئيات الحياة.
"الحاضر الغائب الذي لا دخل له بالأسرة"، يلقي بطبيعته جميع المهام المتعلقة بالأسرة على عاتق زوجته، في حين ينحصر دوره وفق طعامنة، على أمرين؛ الالتزامات المادية والغرائزية، لافتا أن وجود هذه الظاهرة يؤدي إلى فقدان الزوجة إحساسها بزوجها، كما تقتل مشاعرها الزوجية، وكل ما يتعلق بعلاقتها مع زوجها.
ويؤكد ضرورة تنبه الزوج إلى دوره الكبير والعظيم في الأسرة، وأن الواجبات لا تنطوي على الجانب المادي فحسب، بل هي مجموعة من المشاعر والأحاسيس والواجبات الأسرية جنبا إلى جنب.
إلى ذلك، يتأثر الأبناء بشكل مباشر أثناء وجودهم، خصوصا عندما يرى الأبناء الأم تتحمل كافة المسؤوليات، فقد يؤدي ذلك إلى انحرافات سلوكية لديهم، الأمر الذي قد يؤدي إلى إفسادهم في المجتمع، كما تولد لدى الابن قناعات بعدم تحمل المسؤولية وتكرار ما قام به والده وبالتالي فشل حياته الزوجية"، كما يقول طعامنة.
ويجد اختصاصي علم النفس الدكتور أحمد الشيخ، أن المرأة بطبيعتها أكثر تأثرا بالضغوطات النفسية، لافتا إلى أن تحملها أعباءً تفوق طاقاتها، يسبب لها بعض الضغوطات النفسية، التي قد تنعكس على علاقاتها مع الآخرين من جانب، وعلى صحتها الجسدية من جانب آخر.
ويجد الشيخ، أن تحمل الزوجة كافة الأعباء وحدها على الرغم من وجود الشريك، يولد لديها نوعا من الشعور بالوحدة، الذي قد يدخلها باكتئاب وشعور بالظلم يتحول إلى العدوانية والعنف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com