الخميس، 24 مايو 2012

ماذا بعد كسر جدران الصمت..؟



صورة

سهير بشناق - عانوا الكثير, وذاقوا الأمرين, الاولى بسبب اعاقاتهم ,ولا يملكون اتجاهها حولا ولا قوة ,والثانية لان اقدارهم وضعتهم تحت رحمة اناس قست قلوبهم فلم يقدروا الأمانة. 
انتهكوا انسانيتهم واعتبروا ان ضعفهم وقلة حيلتهم بالحياة دافعا لهم لارتكاب الاساءة بحقهم وتعنيفهم فقط لكونهم ضعفاء .
فتعرض الطفل المعاق لاساءة سواء في المراكز او في الاسرة او من الاخرين بالمجتمع لا يمكنها ان تكون فعلا طبيعيا فهم بامس الحاجة للنظر اليهم بعيدا عن اية شوائب نفسية انسانية قد تقودنا الى تعنيفهم او الاستخفاف بوجودهم كبشر يحق لهم ما يحق لنا .
وماذا بعد كسر جدران الصمت ؟ والانتقال الى البوح بألام المعاقين واكتشافها ؟ 
هل سنعيد لهم مكانتهم وحقوقهم , وهل سنكفل لهم العيش بسلام دون ان ننظر لهم نظرة دونية ؟
الدكتور هاني جهشان مستشار الطب الشرعي بوزارة الصحة والخبير الدولي في مواجهة العنف لدى مؤسسات الامم المتحدة بين ان الاطفال الذين يعانون من إعاقات حركية أو حسية أو نفسية أو عقلية، هم من أكثر الأطفال المهمشين في العالم، وتلتصق بهم وصمة إجتماعية تنعكس سلبا على كافة مناحي حياتهم، وعلى الرغم من أن كل الأطفال معرضين لأشكال العنف المختلفة الإ أن الأطفال ذوي الإعاقات معرضين لعوامل خطورة مضاعفة بسبب هذه الوصمة، وبسبب الثقافة الإجتماعية السلبية المتعلقة بهم، وتفشي الجهل بالتعامل معهم. 
واضاف ان نقص الدعم الإجتماعي للأطفال ذوي الإعاقات، ومحدودية فرص التعليم والمشاركة في المجتمع المحلي، تساهم في عزلهم وعزل عائلاتهم عن الإنخراط بالحياة الإجتماعية، وبالتالي معاناتهم مزيدا من الكرب والإجهاد والمشقة. فالاطفال ذوي الإعاقة كثيرا ما يستهدفون بالعنف لكونهم أشخاص غير قادرين على حماية أنفسهم وبسبب توقع عدم إفصاحهم عن العنف لمحدودية قدراتهم وعجزهم على التواصل مع الأخرين وفي بعض الأحيان عجزهم عن الكلام.
واعتبر جهشان ان عوامل خطورة تعرض الأطفال ذوي الإعاقة للعنف هي عوامل إجتماعية، وثقافية، وإقتصادية، وليس لها علاقة مباشرة بطبيعة الإعاقة ذاتها. لذلك فإن التدخلات الفاعلة لمناهضة العنف ضد الأطفال ذوي الأعاقة ستكون فاعلة إذا تعاملت مع جذور العنف الإجتماعية والثقافية والإقتصادية.
واضاف : لقد أظهرت الدراسات العالمية أن الاطفال ذوي الإعاقات معرضين للعنف والإهمال بنسبة تصل إلى 1.7 ضعف الأطفال غير المعاقيين، حيث بينت أحدى الدراسات أن 90% من الأطفال ذوي الإعاقات النفسية يتعرضون للإساءة الجنسية في فترة ما من حياتهم، ودراسة أخرى بينت أن 80% من كل الذين يعانون من صمم افصحوا، لدى التواصل معهم بشكل جيد، عن تعرضهم لشكل من أشكال الإساءة الجنسية أو التحرش الجنسي أثناء طفولتهم.
واشار ان عرض عرض فيلم «خلف جدران الصمت» اظهر وجود كتمان وإنكار حقيقيين لمشكلة العنف ضد الأطفال ذوي الأعاقات في الأردن، وهذا الكتمان والإنكار شائع بين كافة القطاعات المهنية التي تتعامل مع هؤلاء الأطفال وبالإضافة لهذا الكتمان والإنكار هناك تراخيا من قبل الدولة ممثلة بالوزارات المعنية، ومجالس رسم السياسات والإستراتجيات بإعطاء الأولية لهذه الفئة والتعامل مع هذا الشكل من العنف بحزم وجدية.
واعتبر ان هناك عدم مساوة ما بين الأطفال ذوي الإعاقات وبين عامة الاطفال لدى ضمان الحق بالحماية من العنف لهم، وهناك صعوبة في نفاذهم للخدمات الصحية والإجتماعية والقانونية التي توفر ذلك، كما أن التشريعات لا زالت عاجزة على تجريم أشكال العنف ضد الاطفال، ولا زالت بعض المواد القانونية تسمح للوالدين بالضرب التأديبي لأبنائهم وهذا يترك إنطباعا بالسماح بالضرب التأديبي في هذه المؤسسات، ولا زالت التشريعات الأردنية خالية من تجريم العنف ضد الأطفال بنص صريح وواضح في قانون العقوبات بما في ذلك العنف ضد الأطفال ذوي الإعاقات ويرى ان التعامل مع الأطفال ذوي الإعاقات يتطلب وجود إستجابة شمولية متعددة القطاعات الصحية والإجتماعية والقانونية تضمن الرقابة التامة على جميع أمكان تواجدهم وبالتالي توفير إمكانية رصد حالات العنف والإستجابة لها ومنع حدوثها، حيث تقع مسؤولية التخطيط ورسم السياسات لهذه الإستجابة الشمولية من ضمن المهمام المتوقع إنجازها لكل من المجلس الوطني لشؤون الأسرة المعني بالوقاية من العنف ضد الطفل والمرأة، والمجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين، أما مسؤولية تنفيذ الإستجابة الشمولية على أرض الواقع فهي في صلب مهام وزارةالتنمية الإجتماعية بصفتها الجهة الحكومية التنفيذية المسؤولة عن الحماية الإجتماعية للمواطنين كما نصت عليه قوانينها وأنظمتها.
وبين ان تعرض الاطفال بشكل عام للأساءة وخاصة الاشخاص المعاقيين تقع مسؤولياتها على من يتعاملون معهم وعليهم ان يكونوا على دراية بعوامل الخطورة المتعلقة بالعنف والإهمال، فهناك حاجة ملحة لتدريب هؤلاء الأشخاص والمهنيين على التعرف على مؤشرات ومظاهر العنف والإستجابة له عقب حدوثه. 
واعتبر جهشان انه لتجنيب إدخال الأطفال ذوي الإعاقة للمؤسسات الإيوائية يجب توفير البديل الآمن لهم في المنزل والمجتمع ببيئة أسرية سليمة وهذا يتطلب من الدولة توفير جميع خدمات الرعاية والدعم لهذه الأسر
ويبقى السؤال ماذا بعد كسر جدران الصمت ؟ 
و»البعد» يعني اهمية أعتبار أن مواجهة العنف ضد الأطفال ذوي الإعاقات هو جزء لا يتجزء من مواجهة العنف ضد عموم الاطفال على المستوى الوطني. فنجاح اي برنامج لمواجهة العنف ضد الأطفال ذوي الإعاقات يجب أن يشمل الوقاية، التدخل، والرقابة، والخدمات، على مستوى الحكومة، والمجتمع المدني، والأسرة، والفرد وكسب التأييد بالمجتمع المحلي. مع الاخذ بعين الاعتبار ان محور النجاح هو الإستجابة الشمولية وأي مبادرة منفردة لا يتوقع أن يكون منها فائدة على المستوى الإستراتجي لحماية الأطفال ذوي الإعاقات.
فهم اطفال قلوبهم منكسرة لا يملكون سوى دموعهم وكلماتهم التي احيانا يكونون حتى عاجزين عن البوح بها فمن يوقف معاناتهم ومعاناة اخرين معرضين لنفس المصير ان بقي الحال على ما هعو عليه ؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com