الأربعاء، 23 مايو 2012

الرغيف المغموس بالكرامة...!



صورة

رياض القطامين - لا يتوقف سالم هليل أبوهليل عن ترديد قوله تعالى « ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم « فيدفع عربته ,ويستهل يومه بالدعاء للعلي القدير «اللهم أغنني بفضلك عمن سواك ,اللهم اني أعوذ بك من الهم والحزن والكسل والبخل وضلع الدين وغلبة الرجال».
ويطوف أبو هليل بعربته المثقلة بما تجود به الحاويات شوارع العقبة يوميا في رحلة البحث عن الرغيف مفضلا شراء كرامته بعرق جبينه .
ميدانه شوارع المدينة و لا يتحرج من التوقف عند كل حاوية ..يفتش عما يمكن بيعه والاستفادة منه كعبوات المشروبات الغازية أو قطع الحديد والألمنيوم والبلاستيك .
يجمع حصيلته في عربة من الحديد تزن فارغة 100 كغم وتتسع لأكثر من 400 كغم ليقطع يوميا مسافة 25 كيلو مترا داخل المدينة تاركا بصمة من كرامة في كل متر يقطعه أو موقع يتوقف عنده .
دفعته ظروف الزمن أن يكون واحدا من المتعبين في الأرض ليعول أسرته المكونة من 8 أفراد من بينهم طالبتان في الجامعة تدرس الكبرى تخصص علوم حياتية فيما تخصصت الصغرى برياض الأطفال على نفقته الخاصة رغم شح الإمكانيات كما يقول أبو هليل
احلامه ليست خيالية ,بل بسيطة , فهو يحمل رخصة سوق ويتمنى الحصول على سيارة «بك أب « ولو بحالة قديمة ليريح جسده المتعب من دفع عربة الحديد يوميا ويحسن لقمة عيش عياله لكنه لا يملك 2500 دينار ثمن السيارة كما يقول .
يسابق أبو هليل الزمن كرياح الخير التي تحمل معها بذار اللقاح ليحمل في عربته الحديدية أمله الكبير بتوفير لقمة عيش لأسرته المكونة من 8 أفراد وهو يشارف على دخول عقده السادس قبل ان تقترب منه نذر الشيخوخة وقد غطى الشيب شعر رأسه ولحيته وتجاوز ذلك إلى أهداب العينين بعد أن ذهب تأمينه الصحي إلى غير عودة كما يقول .
لا يأبه كثيرا بحرارة شمس العقبة الحارقة التي لوحت وجهه .. وتركت على محياه علامات «الجهاد الأكبر « في رحلة البحث عن الرغيف الممزوج بغماس الكرامة,وحينما طلبت منه الجلوس في مكان ما لإجراء حوار صحفي معه اختار الشارع وموقف عربته مؤكدا أن هذا المكان هو اشرف مكان كونه يجد فيه رزقه الذي يكسب منه يوميا ما يعادل 5 دنانير بعد أن عجز تقاعده البسيط عن تسديد ولو جزء يسير من متطلبات بيته اليومية .
بين فينة وأخرى يلتقط أنفاسه طمعا في دقائق من الراحة إلى جوار عربته شامخا كشموخ نخيل العقبة , وعنقه مشرئبة نحو السماء لتحلق في عالم الكبرياء والكرامة رافضا أن ينضم إلى طوابير العاطلين عن العمل أو المتسولين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com