الأحد، 16 سبتمبر 2012

التحليق فوق سماء لأرض تحرسها الحضارة

صورة

زياد الطويسي -  فرغا من النظرات  الدافئة على شرفة البحر الخالية.. الموج الهادئ ونسيم البحر ليلا جعلاهما يحلقان بعيدا بأحلامهما، قالت له:
-         أتمنى أن تكون رحلتنا القادمة إلى ضيعة قديمة أو صحراء ذات سحر خاص أو واد أخضر أو حتى مدينة مطلة على مشهد مدهش، يشعرني وكأنه الأمل الذي تحلو به الحياة..
أعاد النظر في عينيها برهة يلقي قصيد الغزل، ثم قال:
-         لقد اعدتيني إلى الوراء كثيرا يا عمري، إلى الأيام التي كنت أقضيها عند أصدقاء لي في البترا.. تبدو الحياة هناك كما تخيلتيها للتو.. ماء وخضار وواد وجبال.. مدينة وقرية وحضارة تجمع ذكريات الزمن بين أنحائها، تلك هي البترا الوردية..
 أجابته بتعجب:
-         أي حجارة تلك التي تريد أن تأخذني لها؟! 
-         حجارة يا حبيبتي!! هذا ما يبدو لكثيرين، غير أن البترا وأرضها تبدو مختلفة تماما لمن زارها وتجول فيها جيدا.. سأخبرك عن أشياء كثيرة فيها، ولكن ليس قبل أن نحتسي قهوة المساء.
.. على الجانب الآخر من الشاطئ أمسك بيده اليمنى كوبا من القهوة، فيما بدأت يده اليسرى تداعب شعر معشوقته، ثمّ قال وهو يحدق النظر في عينيها:
في البترا الوردية ثمة أشياء مثيرة للدهشة، ما أن تبدئين بدخول المدينة حتى تبدأ صورتك النمطية تتغير عنها شيئا فشيء.. ماء وخضار وبنيان يدل على حداثة المكان والإنسان وطابع الحضارة والتراث يطغى على أشياء كثيرة هناك؛ فأطراف الشوارع وبعض المطاعم والمقاهي ترتدي ثوب التراث الأصيل.
..حينما تتجولين في ربوع المدينة؛ بين الآثار والمعالم الأثرية، بين الأحياء والمحال والناس والمواقع المطلة على مشهد الجبال الوردية، وعندما تنظرين إلى مشهد غروب الشمس فيها وليل المدينة.. توقنين حقا بأن البترا قد ظلمت وأن ترويجها على أنها موقع أثري فحسب قد أفقدها الكثير من ألقها..
في البترا هناك أماكن كثيرة تستحق الزيارة غير السيق والخزنة وبقية الآثار.. هناك البيضاء التي تشبه إلى حد كبير وادي رم ويعود تاريخ الاستيطان فيها إلى العصور الحجرية.. هناك عين موسى والهيشة المغطاة بأشجار البلوط.. وفيها متنزهات وإطلالات تتمنين أن لا تغادريها..
..هناك وسط مشهد يجمع ما بين الحداثة والأصالة وبريق الحضارة تبدو قبلة الحب وحتى حروف الغزل أكثر جمالا..
 حتى أمنياتنا التي تحلق في حياتنا كأنها طيور مهاجرة، ستبدو أجمل حينما تحلق معنا فوق سماء أرض تحرسها حضارة ويحميها تاريخ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com