الثلاثاء، 3 أبريل 2012

"المقالب": مواقف بريئة تتسبب بكوارث أحيانا


منى أبوحمور

عمان - من باب الفكاهة، وخلق روح التسلية في العلاقات الاجتماعية، يلجأ البعض إلى المقالب بحثا عن الترفيه وكسر الروتين، لكن أصحابها يتناسون ما قد تسببه مثل تلك الدعابات من أضرار، قد تصل إلى إحداث فتك في العلاقات الاجتماعية وقطيعة بين الناس.
الأربعيني محمد المناصير من أكثر المتضررين من المقالب، وخصوصا أنها طالت علاقته الزوجية، التي لم تهدأ أمواجها منذ ذلك الوقت "فقد أفقدني خبر زواجي الثاني، السعادة وسرب الشك إلى منزلي، بعد أن قام ابن عمي بمقلب، عندما لبس وتزين بداعي الذهاب لحضور مناسبة تتعلق في العمل، ليخبر زوجته مازحا، إنه ذاهب لحضور جاهتي على امرأة ثانية" وفق قوله.
ويشير محمد إلى تلك الآثار الكبيرة التي خلفها ذلك التندر "حيث قامت زوجته مباشرة بالاتصال مع زوجتي وإعلامها بما سمعت، لتصدق هي الأخرى مثل هذا الخبر".
"سوء الحظ جمعني في تلك الليلة مع ابن عمي في ذات المشوار"، وفق المناصير الذي يشير إلى أن تلك الصدفة جعلت المزحة "تنطلي على زوجتي، التي ما تزال تشك في كل حركة أقوم بها على الرغم من تأكيد ابن عمي بأن ما قام به مجرد مقلب".
في حين كان وقع المقلب الذي قام به العشريني خالد درادكة، سيئا على والده الذي تعرض لجلطة، عندما أخبره أنه لم ينجح في السنة الأخيرة من الجامعة، وأنه مضطر لدفع المبلغ المالي الذي دفعه، لإعادة السنة مرة أخرى، لا سيما وأن الابن، لم يستطع أن يتخرج مع زملائه.
وبألم وحسرة يروي درادكة تلك الحادثة "لم أكن أتوقع أن تكون مزحة غير مقصودة، سببا في جلطة والدي"، مؤكدا ندمه الشديد على ذلك المقلب الذي كاد يفقده والده في تلك اللحظة.
ويقر أنه تصرف بسذاجة في تلك اللحظة، ولم يكن هدفه إلا إضفاء أجواء مرحة ومن سبيل المزاح و"قتل الروتين في المنزل"، في وقت لم يكن يعلم أن تخرجه مهم لهذه الدرجة بالنسبة لوالده، ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد وفق درادكة بل وصلت الأمور إلى أشعال النار وتوهج الغضب بداخل العائلة، "التي اتهمتني بالأنانية وعدم المسؤولية".
ولا تخلو المقالب من الإسقاطات النفسية السلبية على الشخص المستهدف، وفق اختصاصي علم النفس الدكتور أحمد الشيخ، الذي يشير إلى أنها تتباين في موضوعاتها، خصوصا عندما يميل الأشخاص للدعابة والترفيه، لكن عليها أن تبتعد عن الجرح النفسي أو الأمور الشخصية.
أما إذا كانت المقالب بحسب الشيخ، تقلل من شأن الشخص أو تسبب له نوعا من الحرج، فهي "مرفوضة وغير مقبولة"، خصوصا إذا كانت تؤدي إلى إثارة الشك بين الأشخاص، ويتجاوز تأثيرها الموقف واللحظة التي يتم فيها المقلب.
ويركز الشيخ، على مدى خطورة هذه المقالب، خصوصا تلك التي تمارس على الأزواج، إذ تلعب هذه المقالب دورا سلبيا في الموقف، لاسيما عندما تلامس مشاكل موجودة في الواقع بين الزوحين، أو تستهدف بدورها المياه الراكدة بين الأزواج، مفضلا أن تتناول المقالب موضوعات تتعلق بردود أفعال ومواقف وليس بأشخاص.
فالمقالب كثيرة وصعب أن تحصى، ولكنها في كثير من الأحيان تتسبب بالقطيعة والإحراج لدى البعض، كما حدث مع الثلاثيني ماجد الدبعي، الذي أراد أن يمازح صديقه في العمل ليتسبب له بحرج، لتكون تلك الدعابة سببا بقطيعة امتدت أربع سنوات.
ويقول "خسرني المقلب أعز أصدقائي رغما عني، مع أنني لم أتوقع أن يسبب هذا المقلب الحرج الكبير لصديقي"، مستهجنا من الأشخاص الذين لا يتقبلون المزح، فإضفاء المرح والفكاهة على ساعات العمل يعطي جوا جميلا.
"الإنسان يجب أن يكون صادقا فيما يقول أو يفعل، وفق اختصاصي علم الاجتماع الأسري الدكتور فتحي طعامنة الذي يؤكد أنه يمكن أن يؤدي لجوء المرء للمقالب إلى إحداث آثار سلبية كبيرة على الشخص المستهدف، فقد تحدث حالة من الانهيار العصبي لدى الأشخاص كالمقالب التي تتعلق بوفاة أحد المقربين منه.
ويشير طعامنة إلى بعض المقالب التي تستهدف العلاقات الزوجية، الأمر الذي يوجد مشاكل شخصية بين الزوجين، إلى جانب أنه يوغل قلب الازواج على بعضهما البعض، كتلك الممازحات التي تتناول معلومات غير دقيقة على كلا الزوجين، والتي من شأنها أن تجعل العلاقة الزوجية أكثر حساسية وتضعها تحت المجهر.
ويؤكد أن العلاقات الاجتماعية يجب أن تكون مبنية على الاحترام والمودة والصدق، وألا يطغى عليها المزاح بين الناس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com