الخميس، 26 أبريل 2012

فتيات يقتلن البراءة بالتشبه بالسيدات




مجد جابر

عمان- يبدو أن ملامح الطفولة البريئة تغيب أحيانا عن فتيات صغار، يضعن أنفسهن في مصاف سيدات كبار في السن، سواء في طريقة اللباس أو في الماكياج الذي يغطي وجوههن، وكأنهن يتقمصن أدوارا لا تقترب من عمرهن الحقيقي.
الثلاثينية سلوى محسن، تعيش في حالة من الصراع مع نفسها، وهي ترى ابنتها (13 عاما)، تحاول أن تغير في ملامح شكلها، وكأنها كبيرة، ما يجعل الأم لا تتقبل مثل هذا الوضع الذي يحرم الصغيرة من طفولتها.
وتقول سلوى "باتت ابنتي تريد الخروج إلى (المول) وحدها مع صديقاتها، الأمر الذي لم نعتد عليه على الإطلاق، فهي لا تخرج إلا معي، أو مع والدها، وأصبحت ألاحظ عليها أنها تحاول كثيرا ترتيب شكلها المبالغ فيه".
لكن الصدمة الكبيرة للأم، كانت عندما خرجت مع ابنتها إلى أحد المولات، التي التقت بصديقاتها، لتفاجأ بأشكالهن كونهن فتيات لا يتعدى عمر الواحدة 14 عاماً، ويضعن الماكياج الكامل على وجوههن، وطلاء الأظافر الأزرق والأسود، عدا عن الخصل التي وضعنها في شعورهن.
في تلك اللحظة لم تعرف كيف تتصرف مع ابنتها "لأني متيقنة تماما، أن ما تفعله البنات هو خطأ كبير، حتى لو ارادت ابنتي أن تجاريهن، وتساير الموضة". 
تفاجأت الثلاثينية حنان، بطلب ابنتها، التي ماتزال في عمر صغير إذ لا تتجاوز العشرة أعوام، عندما طلبت منها الذهاب معها إلى الصالون، وتهذيب حواجبها ليكون مظهرها أكثر أنوثة، وهو الأمر الذي أثار استياء الأم التي أخبرت ابنتها "لم أقم بمثل تلك الأمور الا يوم زفافي".
وما أغضب الأم أكثر، أن ابنتها رفضت ذلك، وتمردت عليها، وأخبرت والدتها أن جميع صديقاتها يقمن بذلك، وأنها ستكون هي الوحيدة التي تختلف عنهن.
تفسر اختصاصية الأسرة والعلاقات الزوجية د. نجوى عارف، أن مثل هذه التصرفات تعود إلى عدة أسباب، منها الإعلام الذي له الدور الكبير، خصوصا في الوقت الحالي، الذي باتت تظهر فيه العديد من الشخصيات الفنية الصغيرة مثل "هانا مونتانا"، ما يؤدي إلى التقليد الأعمى لهذه الشخصيات في هذا السن الذي يبدأ فيه اهتمام الفتيات بالجنس الآخر.
وتشير أيضا إلى الصناعة الجديدة، التي باتت تروج للكثير من المستحضرات للمراهقات، مثل الماكياج بشتى أنواعه، الأمر الذي يبيح للفتيات بهذا السن استخدام كافة تلك المستحضرات، مبينة تركيز الفتيات على الشكل الخارجي، إلى جانب وجود مسابقات مخصصة للجمال، تركز على الشكل ما يجعل الفتاة تهتم أكثر من قبل، وكذلك وجود منافسة بين الأم وابنتها، والأفكار الجديدة التي دخلت وأصبحت تشجع على ذلك.
وترى أنه في حال كانت الأم لا تريد لابنتها الانخراط في تلك الأمور، فإن ذلك يضع ابنتها في مأزق، مثل انتقاد الاصدقاء لابنتها، ما سيؤثر على مفهوم الذات، لافتة إلى أن على الام استيعاب ابنتها ومسايرتها لكن من دون مبالغة.
وتبين عارف أن تهذيب الحاجبين، وترتيب الشكل من باب النظافة أمر جيد، إلا أن المبالغة بذلك، كأن يتم وضع الماكياج، وصبغ الشعر، كل تلك أمور ليست بمكانها، مبينة أنه يجب عدم توجيه اللوم للفتيات بوجود "أمهات مهووسات بتلك الأمور ويقمن بمواكبة كافة عمليات التجميل".
وتدعو عارف الأم إلى مسايرة ابنتها لحدود معينة، وتجنب الوقوف ضدها، خصوصا وأن الفتاة قد تتعرض لانتقادات وعنف يضر بمفهوم الذات لديها.
وفي اتجاه مغاير فان رحاب مهند، هي التي تشجع ابنتها ذات الـ (13 عاما) على القيام بمثل هذه الأمور، لأن البنت باتت "صبية" ولا بد أن تظهر بمظهر جميل، مبينةً أنها لا تريد تكرار الأمور التي كانت تحبها ومنعتها أمها منها.
ولا تمانع أن تضع ابنتها بعض المستحضرات التجميلية التي تتناسب مع عمرها مثل كحل العينين، وملمع الشفاه، كونها كلها أمور بسيطة، وتلطف من شكلها فقط لا أكثر، "كما أن ظهورها بمظهر جميل يجعلني أكون كذلك أمام الناس الى جانب أن جميع صديقاتها مثلها ولا يمكن أن تكون مختلفة عنهن"، حسب الأم.
إن مراحل العمر المختلفة التي يعيشها الناس، يجب أن تنسجم مع سلوكياتهم، وفق رأي اختصاصي الطب النفسي د. أحمد الشيخ، الذي يرى أنه يجب أن تكون المرحلة العمرية بانفعالاتها ومظهرها كلها منسجمة معا، أما عند التصرف عكس المرحلة العمرية، فإن ذلك يجعل الفتاة تضع نفسها في دور مختلف عن عمرها وتعيش بمتطلبات بعيدة عن هذا العمر.
ويطالب الأهل، بأن تنسجم سلوكيات الفتيات مع القيم الأسرية، ويسألوا أنفسهم، هل هي مقبولة لديهم أم غير منسجمة معهم، أم أنها محاولة للتعويض؟.
ويؤكد ضرورة الانسجام مع القيم الأسرية، وما يتناسب مع متطلبات عمر الفتاة، لأن غير ذلك يعرضها لمشكلات اجتماعية نفسية تكون غير مؤهلة للتعامل مع هذه المواقف، والسبب في ذلك مظهرها، حيث تتبنى عمرا أكبر من عمرها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com