السبت، 28 أبريل 2012

اعتلال الشبكية الخداجي: التشخيص والعلاج




عمان- يتعرض الأطفال الذين يولدون قبل موعدهم، عادة، للعديد من المشاكل الصحية في مختلف أجهزة الجسم، ومنها مشاكل في العين مثل "اعتلال الشبكية عند الاطفال الخدج" أو ما يسمى بـ "Retinopathy of Prematurity" ويعرف اختصارا بـ "ROP"، وهو مرض يصيب عيون المواليد ولادة مبكرة عن وقت ولادتهم الطبيعية.
 وذكر اعتلال الشبكية عند الأطفال الخدج للمرة الأولى وبأسماء مختلفة في العام 1945، وربطت علاقته بالأوكسجين في الأعوام 1950 / 1960، وفي أواسط السبعينيات اكتشف أن سبب المرض هو عدم اكتمال نمو العين، ثم ظهرت عدة دراسات تشير الى علاقة المرض بقلة الوزن.
إن المفهوم الحالي لأسباب تطور هذا الاعتلال يأتي من دراسة النموذج الحيواني والدراسات الخاصة بالإنسان، فالطبقات الخارجية من الشبكية تحتاج إلى الأكسجين بشكل يتزايد مع النمو، وتبدأ الشعيرات الدموية البدائية الطبيعية في النمو في الأجزاء الداخلية من الشبكية. وفي المراحل الابتدائية يصل الأكسجين عبر الطبقة المشيمية (العنبية) إلى الأجزاء الخارجية من الشبكية.
ففي الحالات الاعتيادية يكتمل نمو الشعيرات الدموية ويصل إلى أطراف الشبكية في الأسبوع 35 ـ 40 بينما تصل الشعيرات الدموية إلى الطرف الوحشي في الأسبوع 38 ـ 44، أما في حالة اعتلال الشبكية عند الخدج فلا يصل الأكسجين إلى الطبقات الداخلية بسبب عدم اكتمال نمو الشعيرات الطبيعية.
وفي عدة دراسات علمية أمكن إثبات وجود مجموعة من العوامل المحفزة لنمو الشعيرات الدموية في حالات اعتلال الخدج عند النموذج الحيواني المقابل لاعتلال الشبكية في النموذج البشري.
وعند ولادة الأطفال الخدج يلاحظ أن الشعيرات الدموية الدقيقة تكون معرضة لعدة تغيرات ضارة، ومنها قلة الأكسجين وأيضاً حصول نزيف داخل حجيرات المخ المختلفة وكذلك الصدمات من قلة السوائل أو خمج الدم أو حصول تقلص في الرئتين بسبب نقص النمو، ومن الدراسات التي أجريت على النماذج الحيوانية، لوحظ أن العوامل المحفزة لنمو الشعيرات الدموية السابقة الذكر تزيد بشكل كبير وتتسبب بإيقاف نمو الشعيرات الطبيعية التي تستبدل بنمو الشعيرات الدموية غير الطبيعية خاصة في الأسبوع 36 من بداية الحمل؛ حيث تنمو هذه الشعيرات الدموية لإصلاح نقص الأكسجين الذي يغذي الشبكية.
إن اعتلال الشبكية يحصل في80 من الحالات عند الخدج وذلك لمحاولة إيصال الأكسجين للشبكية ناقصة النمو أي أن الشعيرات الدموية الطبيعية تجعل الشبكية سليمة، وكلما كانت المناطق المركزية من الشبكية قليلة أو عديمة الشعيرات الدموية الطبيعية كانت الحالة أسوأ، وذلك لظهور الشعيرات الدموية غير الطبيعية في الأجزاء الطرفية من الشبكية والهدف من علاج هذه الحالات هو مساعدة الشعيرات الدموية الطبيعية النامية على إيصال الأكسجين إلى أقصى مدى وتقليل أو إيقاف العوامل المحفزة لنمو الشعيرات الدموية غير الطبيعية وبالتالي يتم إيقاف نموها.
عند بداية البحث المتخصص لاعتلال الشبكية عند الخدج ذكر التصنيف العالمي لعام 1986 / 1988 إن الأطفال بوزن أقل من 1200 غم يظهر المرض في الشبكية في البداية في مرحلة واحدة أو مرحلتين وخلال ساعات محددة، وبعد فترة من الزمن تتباعد هذه المسافة أو يزداد عدد الساعات عند الطفل المعني.
عند الأطفال الذين يتحسنون، تعتبر الشعيرات الدموية الطبيعية لأجزاء الشبكية فوق الخط الفاصل وتصل إلى أطراف الشبكية وتعبر الشعيرات إلى منطقة أخرى. وفي حالة عدم عبورها يحصل المرض الزائد (وهو التركيب النهائي لاعتلال الشبكية عند الخدج ويظهر في قاع العين بجوار العصب البصري)، ومع تقدم المرض يظهر تعرج على الشعيرات الدموية الطبيعية في العين وتكون واضحة قبل ظهور انفصال الشبكية، ويتزايد احتمال حدوث انفصال الشبكية. ومع أن حصول اعتلال الشبكية عند الخدج متماثل عند الأطفال الملونين والبيض إلا أن الأطفال الملونين تتحسن حالتهم بشكل أفضل مقارنة بالأطفال البيض.
وهناك طريقتان لعلاج حالات انفصال الشبكية عند الخدج: علاج الحالات التي تصل الى مرحلة ما قبل انفصال الشبكية وتتم بإحدى طريقتين: العلاج بالتبريد، والعلاج بالليزر.
وعلاج حالات انفصال الشبكية يتم أيضا بإحدى طريقتين هما: الانفصال الجزئي؛ ويتم علاجه بإبقاء الشبكية في مكانها بعملية جراحية، والانفصال الكامل: ويتم علاجه باستئصال السائل الزجاجي وإرجاع الشبكية لمكانها، ويجب أن تعالج هذه الحالات في مراكز متقدمة، كما يجب أن يكون التدخل الجراحي سريعاً قبل ضمور الخلايا العصبية الموجودة في الشبكية.
ففي الحالات المبكرة تعتبر المتابعة هي الأساس في العلاج، حيث ان أول كشف للمولود يبدأ بعد 5 أسابيع من تاريخ الولادة، ثم مراجعة كل أسبوعين إذا لم توجد اي علامات للمرض في شبكية العين. أما إذا وجدت علامات متوسطة، فإن الطفل يحتاج إلى مراجعة كل أسبوع أو أقل، حسب الحالة. أما إذا وصل المرض إلى المرحلة الحرجة، فلا بد من التدخل بالعلاج بالليزر سريعاً، لأنه إذا ترك الطفل في هذه المرحلة الحرجة للمتابعة فقط، فإن كثيرا من الحالات تتقدم إلى انفصال شبكي في أيام قليلة، وعندها لا بد من التدخل الجراحي، حيث تكون نتائج العلاج ضعيفة للغاية.
ويجب على والدي طفل الخداج المتابعة المستمرة ومراجعة طبيب العيون، بخاصة إذا تقدمت الحالة ووصلت إلى حد أن يريا سحابة بيضاء على العين، كما يجب أن ينتبها إلى طبيعة المرض وان العلاج، سواء بالليزر أو بالجراحة، ليس نهاية المطاف، بل يجب إعادة كشف النظارة وعلاج كسل العين، فالعين والعصب البصري، كذلك القشرة الدماغية، تكون في هذه المرحلة من العمر في حالة نمو، فضلا عن المتابعة لدى قسم الشبكية طوال حياة الطفل؛ لأنه معرض للإصابة بأمراض الشبكية أكثر من أقرانه ذوي العيون الطبيعية.
وقد تكون هناك بعض العوامل الوراثية غير المؤكدة وراء حدوث المرض، لكن يمكن اعتبار أن وجود طفل مصاب بهذا المرض نتيجة ولادة مبكرة وخلاف، لا يجعل الوالدين يخافان من حدوث المرض مرة أخرى للطفل التالي.
الدكتور إياد الرياحي
استشاري طب وجراحة العيون والمدير الطبي لمركز العيون الدولي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com