الاثنين، 30 أبريل 2012

"السؤال عن العرسان": إحراج للسائل والمسؤول




مجد جابر

عمان- لحظات من التوتر والحيرة مرت على العشرينية سمر أحمد، عندما سألتها إحدى زميلاتها عن صديقة لها، ترغب بخطبتها لأخيها، فكان السؤال، عن الأخلاق التي تتحلى بها تلك الفتاة، وهل لها علاقة عاطفية من قبل مع أحد الأشخاص؟.
شعرت سمر، بالحرج الكبير، تقول "كنت أتمنى لو أنها لم تسألني على الإطلاق، لأني أعرف أن صديقتي كانت تعيش قصة حب طويلة مع أحد الشباب، إلا أنها انفصلت عنه لأسباب لا أعرفها، عندها لم أعرف ما أجيبها، إلا أنني رددت عليها، بانها فتاة مؤدبة وعلى خلق ونصحتها بها".
وترى سمر، في إجابتها بأنها لا يمكن أن تكون سببا في قطع نصيب صديقتها، والفتاة قد تمر بتجارب غير ناجحة في هذه الحياة، ولكن ذلك لا يمنع بأن ترتبط بشخص آخر مناسب، حسب ما ترى. 
في حين أن دلال محسن (26 عاما)، والتي تزوجت لمدة شهرين، ومن ثم حصل الطلاق من زوجها، ترجع اللوم الأكبر على الناس وأقاربها، الذين لم يخبروها بالحقيقة المتعلقة بسلوكياته عند سؤالها عنه.
وتقول "لقد تقدّم لي هذا الانسان بطريقة تقليدية، ولم يكن هناك أي طريقة لمعرفته، سوى سؤال الناس عن شخصيته، حيث سألت أنا وأهلي أكبر قدر ممكن من الأقارب والأصحاب وجميعهم شكروا به، لأفاجأ بعد زواجي منه، بأخلاقه السيئة، وادمانه الكحول وبخله، إلا أن كل ذلك لم يضايقني بقدر ما ضايقني الناس بعد طلاقي، حيث أخبروني بأنهم كانوا يعلمون كل ذلك عنه لكنهم لا يريدون اثارة المشاكل وتعطيل الزواج".
وتتحدث بحسرة عن وضعها الذي وصلت إليه بقولها "إنني دفعت ثمن خجلهم وخوفهم من قول الحقيقة، فقد كان عليهم أن يخبروني بما يعرفونه، وبعدها يمكن أن أقرر ما أريده".
ولعل هذا هو حال الكثير من الناس الذين يضعهم مثل هذا السؤال بحرج كبير، ما بين قول الصراحة، مهما كان شكلها ونتيجتها، أو التهرب من السؤال حتى لا يكونوا سبباً في قطع النصيب واثارة المشاكل. 
ويذهب الاختصاصي الاجتماعي د. حسين محادين، إلى أن طبيعة التحولات القيمية، التي يمر بها مجتمعنا تفرز مثل هذه السلوكيات المترددة بين من ينوون الخطبة أو الارتباط بشراكة معينة، ويعود ذلك إلى اتساع المجتمع وغياب العلاقات الوجاهية بين الناس، وبنفس الوقت عدم وجود مؤسسات عامة يمكن أن تؤدي هذه الخدمة الوسيطة خصوصاً بما يرتبط بالزواج خارج العائلة الواحدة وتحديداً في المدن الكبرى.
ويرى محادين ان تنوع خلفيات الأفراد والجماعات في هذه المجتمعات غير المتجانسة، يجعل الإنسان يبحث عن معلومة، كما أن كثيرا من العلاقات في المدينة تبنى بشكل عرضي، إما عبر تعارف سريع أو احتفالية أو مناسبة عامة، وبالتالي لا يمتلك الشخص معلومات موثوقة.
ويعتبر أن تردد الناس في اعطاء ما يعرفونه لمن سألهم، يظهر تأرجح أصحاب الرأي بين حقيقة ما لديهم من معلومات، وخشيتهم في الافصاح عنها للآخر وبالتالي فإن هذه تعتبر من ملامح التحولات العميقة التي يمر بها المجتمع.
ويدعو في هذا الصدد الأشخاص إلى قول الحقيقة، كون الانسان مؤتمنا على السؤال، ولا داعي للسؤال عن الأشخاص في الأصل لو كانت العلاقة مبنية على الوضوح.
عبد الرحمن سعيد، أحد الشباب الذين رفض السؤال عن خطيبته قبل ارتباطه بها، مبينا أنه لا يعرف مدى صدق الناس في الإجابة عن السؤال، ويقول إنه مهما عرف وسمع عنها من مدح أو ذم، فانه لن يعرفها سوى بعد الزواج، فطالما اقتنع بها، فلا يريد رأي أي شخص وهو يتحمل نتيجة اختياره".
اختصاصي الشريعة د. منذر زيتون، يؤكد أن المستشار مؤتمن، وعليه أن يتحدث برأيه بأمانة، "ولكن في حال كان ما يعرفه عن الشخص أمرا أصبح من الماضي، فلا يجب أن يتحدث عنه، فالله تعالى قد ستر على الشخص، بالتالي لا يجوز فضحه"، بحسب ما يقول.
ويوضح أن الأمانة ليس معناها التشهير بالناس، فاذا كانت صفة موجودة وتخلص منها الشخص، لا يجوز إعادة التحدث فيها، ولو كانت الصفة موجودة وتحدث بها، قد يسبب ذلك مشاكل أكبر بحيث ينقل الحديث، وتصبح عواقبه كبيرة، بالتالي في هذه الحالة على الشخص أن يقول "أنا لا أنصحك، من دون ذكر الأسباب أو أي احراجات".
ويقول "في بعض الأحيان يكون الجواب ضروريا جدا، حتى لو كان له عواقب، كأن يكون الشخص لديه صفة سيئة، وهو يتجمل ويخفيها، بالتالي بهذه الحالة يجب البوح والاجابة بأمانة، لأن القضية لها كثير من الاعتبارات، فعلى الشخص أن يوازن الأمر ويقدره ويتصرف على أساسه"، موضحا ذلك بما قاله الرسول عليه الصلاة والسلام "المجلس بالأمانة إلا ثلاثة مجالس مجلس سفك دم حرام، أو فرج حرام، أو اقتطاع مال بغير حق".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com