السبت، 21 أبريل 2012

الثقافة الجنسية: أبناء يسعون للمعرفة وآباء يتهربون


سوسن مكحل

عمان- تواجه أسرة رسمية (40 عاما) مشاكل في كيفية تفسير "النضوج الجنسي" لأبنائها الثلاثة البالغة أعمارهم على التوالي، ( 12-13-16 عاما)، في ظل الانفتاح والتطور العلمي المتسارع وتعدد الوسائل الإعلامية، ما يتيح للأبناء الوصول الى شتى المعلومات التي يريدونها بسهولة.
ولم تتوقع رسمية أن تمر بهذه المرحلة في البحث عن طريقة للإجابة عن استفسارات أبنائها الجنسية، خصوصا وأن "الانترنت"، أصبح وسيلة ومجالا مفتوحا لكل الناس للبحث عن أي معلومة، قد تكون خطيرة على حياتهم.
وتؤكد أنها تحتاج أن تكون لديها وسيلة للتعاطي مع أبنائها، ولا تعرف إن كان من المناسب أن يشاركها الرأي زوجها، في عملية بناء حوار مع الأولاد، أو اثارة الأسئلة التي يمكن طرحها عليهم، وما يتصل بذلك من نتائج لتلك التفسيرات.
وتقر أنها ليست الوحيدة التي تعاني من تلك المشكلة، إذ إن صديقاتها في الحيّ الذي تقطنه، يخبرنها بأنهن "عاجزات" عن تداول المواضيع المتعلقة بالنضوج الجنسي مع الأولاد، نتيجة لعدم درايتهن بكيفية ادارة الحوار، لافتة إلى أن بعض الامهات يعتقدن أن الخوض في هذه الأمور "عيب"، فيما تجد أخريات ضرورة استشارة متخصصين في هذا المجال.
وتتساءل بسمة، وغيرها من الأمهات، عن كيفية ادارة الحوار في مواضيع "تثقيف الأبناء جنسيا"، وكيفية التواصل معهم، واللغة التي قد تتعامل فيها الأم أو الأب مع الأبناء، ليتفهموا التطور الجنسي الذي يمرون به.
يرى علماء أن التعليم من الطفولة حتى سن المراهقة، يلعب دوراً مهماً، في عملية "التثقيف الجنسي"، ولا يجوز إغفاله أو التقليل من شأنه، خاصة أنّ وسائل الإعلام والتعليم الحديثة وتناقل المعلومات بين الأقران في المدرسة أو ما يحسّ به الطفل في أعماقه، قد يدفعه إلى التجريب دون مبرّر أو البحث بطرق مختلفة عن حقيقة "النضج الجنسي"، والمتمثل بنضوج الفرد جسديا، وتغيير سيكولوجي يحتاج إلى تفسير بالنسبة اليهم.
ويعتقد أبو عصام (55 عاما) انّ الهروب من الحديث عن الجنس أسلوب "غير علمي وغير ناضج"، قائلا "ليس من المناسب أن نهرب من مناقشة موضوع حيوي وحساس يمسّ حياة الإنسان اليومية".
ولان أبو عصام أب لثلاثة أبناء أكبرهم (26 عاما)، فإن لغة الحوار بينهم حيال نضوجهم الجنسي أكثر سلاسة كما يؤكد، إذ نتيجة لوفاة والدتهم بسن صغيرة، فإن ذلك أتاح لهم وجود لغة مشتركة بين الأولاد ووالدهم، الامر الذي جعلهم أكثر جرأة في طرح الأسئلة.
يقول (أبو عصام) الذي يعمل في احدى دور النشر، "لقد هيأت نفسي لتفسيرات الأبناء خوفا عليهم من البحث عن معلومات جنسية بطرق مختلفة، فكنت أقرأ الكتب التي تقع بين يدي حيال النضج للأبناء، وعندما سألوني كنت على استعداد لإجاباتهم بكل سهولة ولغة بسيطة، ما زاد ثقتهم بنفسهم وفهم حياة الرجل والأنثى بشكل أوضح".
عدم محاورة الآباء لأبنائهم حيال الثقافة الجنسية سيؤدي حتما بهم إلى الحصول عليها بطريقة سلبية وبمختلف الوسائل المتاحة، وفق أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الاردنية د.حسين خزاعي الذي يلفت إلى أن أكثر الفئات التي تقوم باستخدام التكنولوجيا، الشباب من عمر 15 - 24 سنة، ما يجعل استخدام البعض لها سلبيا في بالحث عن المعلومات والرغبات.
ويعتبر ان توفير الانترنت وبعض وسائل الاتصال لها سحر وإغراء للسيطرة على مدة الاستخدام من قبل المراهقين، مبينا أنه في مرحلة المراهقة يكون الشباب "أكثر رغبة في معرفة الآخر، وفي ظل عدم توجيه الاسرة بشكل جيد لأبنائهم في قضايا الثقافة الجنسية، التي يجب أن تبدأ في سن (8 سنوات) قبل مرحلة المراهقة على جرعات، فإن ذلك يجعلهم يذهبون إلى البحث عن تلك المعلومات بطريق سلبية".
ويرى خزاعي أنه في ظل عدم الحديث عن الثقافة الجنسية بين الطرفين، يقع الأبناء ضحية اشباع رغباتهم عن طريق الوسائل المتاحة مثل الانترنت وغيرها، والخطر في ذلك أن بعض المراهقين يبحثون عن "جنس" افتراضي يسقطونه على الواقع، مما يؤدي الى نتائج كارثية في ظل غياب الأهل عن التوعية، مما قد يعرض جسمه للأمراض وغيره من المشاكل.
ويشير خزاعي إلى بعض المشاكل التي تحدث في ظل غياب الحوار بين الاباء والأبناء، منها التحرش الجنسي التي تبلغ نسبته 10 % منه داخل العائلة (الأب، الأخت، الأب، أو احد الأقارب الآخرين)، إلى جانب 25 % من المشاكل تحدث نتيجة تحرش جنسي بين الجيران، وهي نتيجة حتمية لإهمال الأسرة جانب التوعية في الثقافية الجنسية.
ويجد أن علاج ظاهرة التحرش الجنسي، عن طريق تثقيف المراهقين بالأمور الجنسية، حيث يكون الآباء على قدر كاف من التوعية حيال المواضيع الجنسية.
ويدعو إلى متابعة سلوك المراهقين، والتنبيه والتوعية في السلوكيات السلبية الناتجة عن التحرش الجنسي، والبعد عن رفاق السوء، وكذلك متابعتهم وتوجيههم بعيدا عن المراقبة، وكذلك الانتباه إلى بعض البرامج التي يتابعها الأهل أمام الأبناء.
من جهتها تؤكد الاستشارية التربوية مروة حسن، أن على الآباء تقديم الجنس بصورته الصحيحة السليمة، حتى يرتفع فكر الطفل لاحترام جنسه، وخططه الرائعة للجنس البشري، وكذلك ضرورة إدراك أن التربية الجنسية الصحيحة تساعد الطفل على احترام وتقدير كل أعضاء جسمه، ليعرف أن كل أعضائه ذات قيمة مهما كانت وظيفتها.
"وتعِدّ التربية الجنسية الصحيحة الطفل نفسياً للتغيرات التي ستطرأ على جسمه في مرحلة المراهقة، فتستعدّ الفتاة لمرحلة البلوغ ونموّ النهدين وحالة الحيض، وكذلك يستعدّ الفتى لحالات التغيير التي تطرأ على جسمه، كنمو الشعر في كافة مناطق الجسم وتغيّر الصوت، وهذا يساعده على تجنب الصدمة العنيفة أو أيّ غموض قد يسبب له الحيرة"، وفق الاستشارية (حسن).
وعلى الأم وفق حسن، أن تساعد الطفل على تقبل نوعه واعتزازه به، فالطفلة تفتخر بأنوثتها، والطفل يفخر بذكورته. ورضا الإنسان عن نوعه يساعده على النمو السويّ.
ومن نتائج تعليم الطفل من سن (8 الى 18)، لمواضيع الثقافة الجنسية وأهميتها، وفق حسن، حيث تكون بالتدريج وليس دفعة واحدة، بحيث تزداد ثقته بنفسه لدى حصوله على المعلومات من والديه، ولا يسعى للحصول عليها من مصادر أخرى، والتي قد تكون غير لائقة وضارّة، كما ويساعده على التكيف مع الغير وبناء علاقات سليمة مع الجنس الآخر، وبناء شخصيته المستقلة.
وتنصح حسن بعدم التهرب من الأسئلة مهما كانت محرجة أو مربكة ومهما كان سن الابن، لأن ذلك يشعر الأبناء بأن الامور الجنسية مخيفة، ويحاولون الحصول عليها بطرق مختلفة، وبنفس الوقت تدعو الجهات المعنية إلى عقد ورشات ودورات تثقيفية للأهل في كيفية التعامل مع الأبناء عند مواجهتهم لمسائل تتعلق بالأمور والثقافة الجنسية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com