الأحد، 29 أبريل 2012

التفكير المتوازن باستخدام القبعات الست



صورة

خولة لطفي عبد الهادي - مشرفة تربوية في مدارس جمعية خليل الرحمن
khawlahadi@hotmail.com

قبعات التفكير الست هي أداة تفكير فاعلة وهامة ابتكرها المفكر الدكتور إدوارد دي بونو ونشرها في كتابه (قبعات التفكير الست) الذي صدر في العام 1985.  وهذه الأداة تستخدم للتفكير في القرارات والمشكلات والخطط من وجهات نظر مختلفة، مما يجعل الشخص يخرج من نطاق أسلوبه المعتاد والمحدد في التفكير ويساعده على الإحاطة بالموضوع والنظر إليه نظرة شاملة من جميع جوانبه.  وهذه الأداة أو التقنية تستخدم في المناقشات الجماعية وفي التفكير الفردي.
والأساس المنطقي لهذه التقنية هو أن العقل البشري يفكر بعدد من الطرق في نفس الوقت دون تنظيم أو ترتيب للأفكار.  وقد تختلط على الشخص أثناء عملية تفكيره المشاعر مع المنطق مع الحقائق مما يؤدي إلى تشتت تفكيره ومما لا يمكَنه من الوصول إلى الحل الأمثل.  وقد يفكر الكثير من الناس بالأمور بأسلوب منطقي وايجابي، ولكن لا ينظروا للأمور من وجهات نظر حدسية أو عاطفية، أو قد لا يلتفتوا إلى المخاطر والصعوبات التي قد تواجههم؛ مما يؤثر في مستوى التوازن والشمولية في خططهم وقراراتهم.
أما التفكير باستخدام تقنية القبعات الست فإنه يمكَن الشخص من التوصل إلى حل المشكلة أو اتخاذ القرار الأنسب باستخدام جميع وجهات النظر ورؤية المشكلة من جميع زواياها.  وقد عمل الدكتور دي بونو على نشر هذه التقنية في التفكير في جميع مجالات الأعمال والتعليم لأهميتها الكبرى في اتخاذ القرارات وحل المشكلات وبناء الخطط.  ونرى الآن كبريات الشركات والمؤسسات حول العالم تستخدم هذا الأسلوب في المناقشات الجماعية عند معالجة القضايا الهامة.
ويحدد دي بونو ستة نماذج من التفكير يعمل عليها الدماغ، ولكل من هذه النماذج حدد لون قبعة معين يرمز إلى عمليات عقلية خاصة.  والقبعات هي موجهات للتفكير وليست مسميات له، وتستخدم كإجراء قبلي لعمليات التخطيط واتخاذ القرارات وحل المشكلات.  وتعتمد هذه التقنية على تضافر جهود مجموعة العاملين في التفكير معاً في قضية هامة.  كما أنها تنظم تفكيرهم باتجاهات معينة وشاملة لجميع العوامل المؤثرة على الموضوع.  وهي، وكما يقول دي بونو (تفصل الأنا عن الأداء)؛ فكل فرد في المجموعة قادر على المشاركة بالأفكار دون فرض النمط الخاص بالتفكير والذي يميز شخصاً عن آخر.  فالأفراد، وحسب دورهم في نظام القبعات الست يقدمون الأفكار المطلوبة منهم ضمن أي قبعة حتى ولو كانوا شخصياً يتبنون وجهات نظر معاكسة.
وهنالك ست قبعات مجازية، ولكل قبعة منها معنى مختلف عن القبعات الأخرى.  وأثناء عملية التفكير يضع الشخص أو يخلع أي من القبعات للإشارة إلى نوع التفكير الذي يقوم به.  وهذا الوضع أو الخلع أمر أساسي.  ولا يجوز استخدام القبعات لتصنيف الأفراد، مع أن سلوكهم أثناء عمليات التفكير قد يوحي بذلك.  وإذا تم تطبيق هذه التقنية في مجموعة فيجب على جميع الأفراد وضع نفس القبعة في نفس الوقت.  وهذه القبعات هي:

القبعة البيضاء (قبعة المعلومات)
أثناء عملية التفكير عند وضع هذه القبعة يأخذ الشخص بعين الاعتبار المعلومات المتوفرة والحقائق والبيانات.  ويتم التركيز من خلال هذه القبعة على ما يمكن أن الاستفادة منه من هذه المعلومات وعلى ما هي الفجوات والثغرات في المعلومات عن الموضوع وكيفية ملء تلك الفجوات.  ومن خلال هذه القبعة أيضاً يتم تحليل المعلومات المتوفرة واستنتاج حقائق جديدة.

القبعة الحمراء (قبعة العواطف)
تعبر القبعة الحمراء عن ردود الأفعال والحدس والأحاسيس والمشاعر تجاه الموضوع الذي يتم التفكير فيه، ولكن بدون أي مبررات.   كذلك يجدر التفكير بكيفية شعور الناس الآخرين تجاه القضية موضوع التفكير.  والقبعة الحمراء تسمح لواضعها أن يقدم أي عبارات تعبر عن مشاعره حول الموضوع لحظة وضعه القبعة فقط، كأن يقول «من خلال قبعتي الحمراء أعتقد أن هذا الاقتراح مزعج جداً».

القبعة السوداء (قبعة الأحكام والتحذير)
ترمز القبعة السوداء إلى المنطق وتدعو إلى تطبيق المنطق في تحديد العوائق والمخاطر والصعوبات والمحاذير التي تعترض الموضوع قبل البدء بالتنفيذ، وتدعو الشخص الذي يفكر إلى النظر للأمور بحذر  وتبرر لماذا لا يمكن تنفيذ بعضها.  ويُنظر لهذه القبعة على أنها الأهم  من بين القبعات وأكثرها قيمة لأنها تبرز نقاط الضعف وتدعو للتغلب عليها أو استثنائها أو تغييرها أو وضع خطط بديلة لموجهة الأمور الطارئة.  والتفكير ضمن القبعة السوداء يساعد في جعل الخطط أكثر واقعية ومرونة.  وتظهر أهمية التفكير ضمن القبعة السوداء أن كثير من الناس يبدأون عادة بالتفكير بالأمور الايجابية ولا يخطر ببالهم التنبؤ بالصعوبات والمخاطر التي قد تعترض التنفيذ مما يجعلهم غير مستعدين لمواجهتها.  ولا يمكن بأي حال اعتبار القبعة السوداء أنها سلبية أو قبعة التشاؤم.

القبعة الصفراء (قبعة الأحكام والنقاط الايجابية)
ترمز القبعة الصفراء للتفاؤل والأمل وتدعو لتطبيق المنطق في تحديد الفوائد ونقاط القوة في الموضوع وقيمتها وأثرها، وتدعو للتفكير بأسلوب ايجابي وتفسر لماذا يمكن تطبيق فكرة معينة.  والقبعة الصفراء تجعل الشخص مستمراً في سعيه نحو اتخاذ القرار أو حل المشكلة أو بناء الخطة.  والقبعة الصفراء تستخدم للتطلع نحو النتائج الايجابية المتوقعة نتيجة إجراء معين ولايجاد أمور ذات قيمة نتيجة للأداء الحالي.

القبعة الخضراء (قبعة الإبداع)
تشير القبعة الخضراء إلى إثارة وتحريض التفكير الإبداعي ولتوليد البدائل المختلفة والمقترحات والتغييرات ولكل ما هو ممتع ورائع.  وهنا يكمن تدفق الأفكار التي لا يجوز انتقادها.  وعند التفكير بأسلوب القبعة الخضراء يبدأ تطوير الحلول الإبداعية للمشكلة واتخاذ القرارات البناَءة ووضع الخطط المتميزة.

القبعة الزرقاء (قبعة ما فوق المعرفة)
تعتبر القبعة الزرقاء قبعة الضبط والسيطرة على عمليات التفكير.  وعادة ما يتم وضعها من قبل قائد المجموعة الذي يتولى أمر التنقل بين القبعات أو أساليب التفكير المختلفة، ويستمر في وضعها طيلة جلسة النقاش.  ودور القبعة الزرقاء هو السيطرة الشاملة على عمل باقي القبعات.  فمثلاً عندما تتم مواجهة صعوبات يقوم رئيس الاجتماع بتوجيه التفكير نحو القبعة الخضراء.  وعندما تظهر الحاجة لخطط طوارئ يتم التفكير بأسلوب القبعة السوداء.  وعند الحاجة إلى بعض الحقائق والأرقام يطلب القائد التفكير بأسلوب القبعة البيضاء، وهكذا...  والقبعة الزرقاء لا تدعو إلى النظر إلى الموضوع بحد ذاته بل إلى عمليات التفكير في الموضوع.

التطبيق العملي لقبعات التفكير الست:
تبدأ عمليات التفكير وتنتهي بالقبعة الزرقاء وذلك لإدارة اللقاء والمناقشات وعمليات التفكير المتعددة.  ويمكن بعد ذلك الانتقال إلى القبعة الحمراء لرصد ردود الأفعال والآراء حول الموضوع.  ومن الممكن بعد ذلك توفير المعلومات والحقائق اللازمة من خلال التفكير بأسلوب القبعة البيضاء.  ثم يتحول التفكير إلى القبعة الصفراء فالسوداء، وبعدها الخضراء لتوليد الأفكار والحلول الممكنة.  وكل قبعة من القبعات يتم استخدامها لدقائق معدودة ما عدا القبعة الحمراء التي يتم استخدامها لزمن أقصر لا يتعدى الثلاثون ثانية لأنها ترمز إلى العواطف وليس لإصدار أحكام عقلانية.  وليس من الضروري استخدام القبعات بترتيب معين، كما يمكن إعادة استخدام أي من القبعات مرات أخرى متعددة وذلك حسب ما يراه قائد الجلسة.  وتنتهي الجلسة بتقييم نتائج عمليات التفكير وبما سيتم القيام به بعد ذلك من خلال بناءالخطط المستقبلية للعمل.

الخلاصة:
إن استخدام طرق متعددة في التفكير يسمح بتفهم الأمر أو المشكلة أو القضية من زوايا مختلفة.  كما أنه يلبي حاجات جميع الأشخاص ذوي العلاقة بالموضوع.  وإن أسلوب القبعات الست مفيد جداً للمتعلمين لأنه يسمح لهم بأن يتعرفوا على جوانب النقص والقصور في عمليات التفكير العادية بالمشكلات، مما يمكنهم من تصحيح طرقهم بالتفكير.  كما أن الخطط التي يتم تطويرها باستخدام تقنية القبعات الست ستكون ذات أثر أكبر وأشمل وأنجح وتقل فيها احتمالات الأخطاء، وتعطي الشعور للعاملين بها بالالتزام بتحقيق ما قاموا بالتفكير به وإنجازه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com