الاثنين، 30 أبريل 2012

مشاعر النساء قبل الولادة واثناءها وبعدها



صورة

د. سميح خوري -  انها لحظات من العمر تمر بها الانثى وهي في دور المراة الحامل والزوجة التي تنتظر الحدث السعيد.!..
ما هي درجة هذة اللحظات من الحب والحياة والحيوية؟.
..عندما تحمل المرأة، تشارك في الحمل بكل خلايا جسمها ووجدانها ونفسها وعقلها. واذا كان الرحم فيها هو عضو الحمل ظاهرياً إلا ان كل اعضائها، وكل ما فيها من طاقة وحيوية، وكل مقومات شخصيتها تشترك في عملية الحمل وهي تغذي الجنين تغذية مادية. ولكن الى جوار التغذية المادية هناك تجاربها اليومية وانفعالاتها وعواطفها وافكارها. ثم ان ما يجري للجنين من تطورات له مردوده على جهازها العصبي ووظائف جسمها الحيوية.وعلى ذلك فرغم ان الحمل حدث مادي، إلا ان اعراضه تؤثر في نفسية المرأة وتصرفاتها.

 قصة الحمل
..الحمل نفسه؛ وخاصة في المرة الاولى يؤثر على العلاقة بين الزوجين ويعقد المواقف بينهما، ويفرض عليهما ان يحملا معاً ويخططا معاً. ومعاملة الحامل لزوجها تختلف عن معاملتها له قبل الحمل،وتتطلب من الزوج معاملة خاصة مختلفة. فالعلاقة الزوجية قبل الحمل كانت بين اثنين، ولكنهما الآن تضم ثلاثة وتنفتح لمجيء هذا الثالث.
التغيرات الكيميائية والجسمية في الحوامل واحدة تقريباً بدرجات تتفاوت عن الاخرى، وتحصل التغييرات النفسية عند الحامل نتيجة الافرازات الهرمونية وما يسببه الحمل من استجابات نفسية وتفكير في الطفل القادم، حتى ان الكثير من الحوامل يصبن باكتئاب الحمل نتيجة هذه التغييرات والتفكير اللذين يلازمان كل حامل، ولذلك تكون الحامل مرهفة الحس لمعاملة المحيطين بها، وتغضب لأقل استشارة. والطفل الذي في احشائها له معنى عندها يتجاوز كونها حملت فيه وولدته. فهي تحمل فيه فكرياً ونفسياً وبيولوجياً، وتضع فيه كل ما اختزنته ذاكرتها الواعية واللاشعورية، وكل احلامها وآملها وطموحاتها، وهو اكبر المعاني لحياتها. فبالحمل تتأكد ذاتية الحامل وخصائصها وفرديتها. ومن خلاله ترى «الأنا ego يتحقق والجنين هو هذا «الأنا» وانها تشعر به يتحرك داخلها فتتخيله ويملأ حياتها النفسية.
والولادة ايضاً حدث كبير في حياة المرأة وهي حدث نفسي ضخم وليست مجرد عملية فسيولوجية. ولو كانت مجرد عملية فسيولوجية لما كان هناك هذا القدر المتغير من الولادات، ولتشابهت كل النساء عند الولادة، ولما اختلفت الولادة من ثقافة الى ثقافة.

 الافعال الفطرية للطبيعة
الولادة هي ايضاً فعل من الافعال الفطرية للطبيعة والتي يعيد بها الانسان سيرته ويمثل قصة الخلق من جديد، ولذلك نجد ان دراما الولادة يرافقها ايضاً دراما الخير والشر . فنجد ان الاحتفال بالوالدة والمولود والفرح والغناء بصوت عال في كل جنبات البيت ما هو الا استجلاب للبركة.
ويبدو ان احاطة النساء بالمرأة وهي تلد مسألة فطرية وتجد النساء يمتثلن لهذه العادة ويسارعن لممارستها وكأنها شيء لا يمكن التخلي عنه، ويذهب علم النفس الى تفسير ذلك بانها مشاركة وجدانية، وتستعين النساء عادة ببعضهن، وتستعين الوالدة بالنساء المجربات الاكبر سناً.
يظل بطن الحامل يكبر وتتضخم جدران الرحم طيلة الحمل، ويتسع تجويفه وحساسيته، فاذا ما بدأت الولادة كان انقباض العضلات اولاً برفق ثم تزداد تدريجياً لدرجة مؤلمة مؤذنة بالولادة التي لا يعرف تحديدا سبب حدوثها، وربما ذلك بدافع من الجنين، او بتأثير الغدد الصماء، او نتيجة امتلاء الرحم فتطرد عضلته الجنين خارجاً كما يحدث مثلاً عند امتلاء المثانة البولية ويتم ذلك على ثلاث مراحل، في الاولى يكون انقباض الياف الرحم بمساعدة الغشاء الرهلي وسائله، فيساعدان على ارتخاء الياف عنق الرحم ليتمدد الى نهايته، وفي الثانية تشتد الانقباضات وتعرف بآلام الولادة، ويدخل الرأس الى الحوض فيدخل الجنين في المهبل ثم يدفع الى الخارج، وفي الثالثة يواصل الرحم انقباضاته على فترات اطول الى ان يقذف المشيمة والاغشية الجنينية.
وللولادة علامات تسبقها، ومن ذلك ان الرحم يهبط قبلها بعدة اسابيع وينقبض مع أي استشارة او تلقائياً كما لو كانت المرأة ستلد. وهذا الهبوط في الرحم يسبب للمرأة صعوبات في الحركة، ويجعلها متوترة وشديدة الحساسية والعصبية، وهذا التعب الذي يصيب المرأة يجعلها تتعجل الولادة وتتمناها.
كل النساء تنتابهن المخاوف من الولادة كلما قرب ميعادها. فلماذا هذه المخاوف؟ الولادة حدث كبير في حياة المرأة يكاد يشبه العملية الجراحية، فيها اوجاع وآلام وتغيرات فسيولوجية هائلة تحدث في الجسم دفعة واحدة. وكلما ارتقى النوع الحيواني كلما كانت هناك آلام في الولادة وكانت هناك مخاطرها. والانسان ارقى الكائنات جميعاً، ومخاطر الولادة عنده احيانا اكبر من مخاطر لدى أي كائن، غير ان العلم الحديث عالج هذا الامر حتى اصبحت الولادة شيئا سهلاً، وقلت الخطورة فيها الى الحد الادنى ومازالت النساء مع ذلك يخفن الولادة ويرهبنها. وربما الخوف كامن في الانسان من الموت توقظه الولادة والقلق على المولود الجديد الذي يريد الخروج الى الحياة، وربما هي مخاوف الانفصال تعمل عملها في الحامل، انفصال مولودها عنها وما يعنيه ذلك لها.
 شبح الموت
والخوف من الوضع فيه خوف بدائي فطري هو الخوف من الموت، الخوف من المجهول، فرغم استتباب كل الامور الا ان الخوف يسيطر على الجميع، وهذا الخوف من المجهول هو الذي يجعل النساء يرهبن الولادة، بل ويرهبن الحمل والزواج ايضاً. والولادة عملية مرهقة وتستلزم طاقة عالية للسيطرة على الخوف والمعاناة وينشغل الجهاز النفسي بذلك حتى ان المرأة لا يكون لديها انتباه للمؤثرات الخارجية من قول يتوجه اليها او طلب يطلب منها. ويقل اتصال الذات بالعالم الخارجي الى ادنى حد. بعد الانتهاء من الولادة تدخل المرأة مرحلة النفاس التي تلي الولادة مباشرة والتي تؤدي الى عودة الرحم جهاز المرأة التناسلي الى حالته الطبيعية التي كانت قبل الولادة. ويحتاج الرحم وجهاز المرأة التناسلي لمدة تتراوح بين ستة وثمانية اسابيع ليكون له حجمه الطبيعي.
وفترة النفاس ضرورية ومهمة للأم كي تعد نفسها لممارسة وظائف الامومة واهمها الارضاع، وترتب حياتها ترتيبا جديدا محوره طفلها. وتدخل الام المرضع عددا من التجارب النفسية التي لها مردودها على اتجاهاتها واحوالها ونظرتها الى الحياة. وما تعانيه المرأة في هذه الفترة مرهون بظروفها وظروف بيتها،ووضعها المادي،وكونها موظفة او غير موظفة.

مستشار الأمراض النسائية والتوليد والعقم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com