الأحد، 22 أبريل 2012

أعياد الميلاد في الحضانة: عبء جديد على الأهالي


مجد جابر

عمان- لم تكن تعرف سرى عبدالله (34 عاما)، أن إرسال ابنها إلى الحضانة، سيفرض عليها التزامات كثيرة، أبسطها المشاركة في أعياد الميلاد، وتقديم هدايا للأطفال عند احتفال ابنها بيوم ميلاده، ما وَضَعَها في مآزق مالية كبيرة هي بغنى عنها.
تقول عبدالله، "بعد مرور شهر على وجود ابني في الحضانة، بدأت أعياد الميلاد المدرسية تنهال عليّ، وفي كل مناسبة يعود بصندوق من الهدايا، يقدم من صاحب العيد إلى باقي زملائه في الصف، حتى إن بعض هذه الأعياد يكون مبالغا بها، وهي أكبر من عمرهم بكثير في أغلب الأوقات".
وشكل عيد ميلاد ابن سرى مأزقا لها كما تؤكد، وذلك عندما طلبت إدارة الحضانة منها تجهيز 20 هدية لأبناء فصله، وكافة مستلزمات العيد"، موضحة "وهو ما جعلني أشعر بحيرة، بين توفير كل تلك المصاريف، التي هي فوق طاقتي، وبنفس الوقت عدم إحراج الطفل بين أصدقائه".
وتؤكد عدم ممانعتها لإقامة عيد ميلاد لابنها في مدرسته، لكن على أن تكون بمستوى معقول من الهدايا، مضيفة "كنت أشاهد أشياء فيها الكثير من المبالغة، وهذا جعلني أذهب إلى المكتبة لأحضر بعض المستلزمات التعليمية المفيدة للطلاب، وأبعثها على شكل هدايا، ولو كانت رمزية، ولكنها تفرح الأطفال".
وتجد ديمة محسن (30 عاما)، أن مشاركة ابنتها في تلك المناسبات في المدرسة، أمر إيجابي، مؤكدة أهمية أن تكون أعياد الميلاد في حدود المعقول، ومن دون إشعار أي طرف من الأطراف أن هناك من هو أفضل منهم.
وتدعو أن تكون الهدايا مفيدة، ومناسبة لأعمارهم، وعليها أن تبتعد عن المبالغة، وعدم تحويلها إلى مباهاة.
هذه الظاهرة التي تنتشر في العديد من المدارس والحضانات للأطفال، تقدم فيها قوالب الحلوى والهدايا لكل الأطفال، حيث يرى بعض الأهالي، أنها تأخذ طابع المبالغة وتبتعد عن البساطة في احتفالاتها، ولم تكن موجودة في مجتمعنا سابقا. 
 وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، من وجهة نظر الاختصاصي الاجتماعي د.منير كرادشة، أسهمت باقحام العديد من العادات الدخيلة على المجتمع الأردني، الذي بدأ يتكيف معها رغم صعوبتها.
وهذه العادات بأنماطها الاستهلاكية، كما يقول، انتشرت في المجتمع، التي لم تكن من نتاجه، مبيناً وجود بعض الفئات القادرة على ذلك مادياً، إلا أن هناك شرائح أقل دخلا لا تسطيع أن تجاري هذه الممارسات، حيث تدخلهم في مآزق وإشكاليات مادية.
ولأن الأطفال يتميزون بخاصية المحاكاة والتقليد لغيرهم، بحسب ما يرى كرادشة، "فإن الأهل يقومون بمطاوعتهم في ذلك، خصوصا الأمهات، من باب الخوف على الطفل نفسياً، وعدم إحراجه مع زملائه"، لافتاً إلى أن مجرد خضوع الأهل لتلك المبررات، يجعلهم يقعون في مأزق التبذير على حساب قضايا أساسية.
ويشير إلى أنه قد يكون أمرا ايجابيا للطفل القادر على ممارستها، لكن المشكلة تكون في حال وجود طفل غير قادر بين أطفال الروضة، مما يسبب له قصورا وعجزا ويؤثر على شخصيته، أما في حال كانوا من نفس المستوى الاجتماعي جميعهم، فتكون تلك المبادرات إيجابية في مشاركة الطفل وتفعيله.
العشرينية ندى وليد، التي لديها طفل واحد، تستعد كل عام قبل عيد ميلاده بفترة لهذا اليوم، حيث تقوم بحجز قاعة مساء في أحد المطاعم، وخاصة بالعائلة، فيما تقوم بالصباح بعمل حفل كبير له في المدرسة، حيث تحضر المستلزمات كافة إلى المدرسة، من؛ كيك وحلوى وطرابيش وبلالين وشراء هدية فخمة لكل طالب من طلاب فصله.
وتجد في هذا الاحتفال أبسط ما يقدم لطفلها، كونه الوحيد لديها، ويهمها أن تقيم له احتفالا حتى تسعده، ليكون مميزا ولافتا بين زملائه. 
يرى الاختصاصي الاسري التربوي د. فتحي طعامنة، أن التصرفات العامة للأطفال أمام بعضهم بعضا، قد تترك انطباعا نفسيا في داخلهم، لذلك فإن النفقات والإسراف والبذخ الزائد، كله يترك آثارا سلبية لدى الطفل غير القادر.
ويدعو الأهل إلى تربية الأطفال على القيم الصحيحة والأخلاقيات السمحة، وعدم التوافق مع الأمور الشكلية، إذ إن الناس تتفاوت اجتماعيا، وعلى كل أسرة أن تعمل ما يناسب وضعها الاجتماعي والمادي.
ويؤكد الدكتور الطعامنة دور المدارس والمؤسسات التعليمية التي عليها أن تضع تعليمات لمثل هذه المناسبات، بحيث يكون الاحتفال متاحا لكافة الطلاب وبنفس المقياس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com