الاثنين، 30 أبريل 2012

«العهد» .. الحب يتغلب على الغيبوبة في قصة واقعية



صورة

محمود الزواوي - فيلم «العهد» (The Vow) هو باكورة الأفلام السينمائية الروائية الطويلة للمخرج مايكل سوكسي الذي يشتمل رصيده الفني على الإخراج والإنتاج والتأليف التلفزيوني. يستند سيناريو فيلم «العهد» للكتّاب السينمائيين جاسون كاتيمز وأبي كون ومارك سيلفرمان إلى قصة سينمائية للكاتب ستوارت سيندر، وهذه القصة مبنية بدورها مع بعض التصرف على شخصيات وأحداث حقيقية في كتاب «العهد»، وهو من تأليف كيم وكريكيت كاربنتر، وهما الشخصيتان المحوريتان في هذه الأحداث وفي قصة الفيلم. 
يجمع فيلم «العهد» بين الأفلام الدرامية والرومانسية العاطفية، ولكنه لا يخلو من المواقف الكوميدية. وقد وقعت أحداث القصة الحقيقية للفيلم في مدينة شيكاغو في العام 1993. وتتعلق هذه الأحداث بزوجين شابين سعيدين تربط بينهما علاقة حب حميمة، هما كيم وكريكيت كاربنتر اللذان تعرضا بعد مرور شهرين على زواجهما لحادث اصطدام سيارتهما بشاحنة في ليلة مثلجة، ما أدّى إلى إصابة الزوجين، ولكن إصابة الزوج كيم كانت خفيفة مقارنة بإصابة زوجته كريكيت التي أصيبت إصابة بالغة في رأسها سببت لها صدمة دماغية أدت إلى دخولها في غيبوبة لعدة أسابيع. وعندما استيقظت من غيبوبتها عادت ذاكرتها إلى الوراء، بحيث محيت ذاكرتها كليا خلال السنوات الخمس السابقة، وبالتالي محيت منها معرفتها بزوجها كيم وعلاقتهما الزوجية وما سبقها، ولم تتذكره على الإطلاق، كما لم تتذكر سبب قطيعتها مع عائلتها الثرية وخطيبها السابق أو سبب تحولها من دراسة المحاماة إلى ممارسة فن النحت. أي أنها عادت بذاكرتها إلى حين كانت تعيش مع والديها وحين كانت مخطوبة لرجل آخر. 
تنقل قصة فيلم «العهد» أحداث القصة التي وقعت في العام 1993 إلى الوقت الحاضر، ويغير نص فيلم «العهد» أسماء أبطال القصة الحقيقية إلى الأسماء التي وردت في القصة السينمائية، حيث نتعرف على الزوج الشاب ليو (الممثل تشاننج تاتوم)، وهو موسيقي يملك استوديو للتسجيل والزوجة الشابة المصابة بيج (الممثلة الكندية راتشيل مكأدامز)، وهي فنانة متخصصة في فن النحت، ووالدها تيم ثورنتون (الممثل البريطاني سام نيل) ووالدتها ريتا ثورنتون (الممثلة جيسيكا لانج الحائزة على جائزة الأوسكار) وشقيقتها روز (الممثلة راتشيل سكارستين)، وخطيبها السابق جيريمي (الممثل البريطاني سكوت سبيدمان). كما نعلم أن والدي بيج لم يكونا راضيين عن زواجها من ليو وكانا يفضلان زواجها من جيريمي، إلا أنها فضلت الزواج من ليو بعد أن أعجبت بشخصيته ووقعت في حبه، ما أدى إلى حدوث جفاء في علاقتها مع والديها. ووجد والداها في فقدانها لذاكرتها وسيلة ملائمة لمحو كل التغيرات التي لم يوافقا عليها في تصرفات ابنتهما، كما وجدا نسيانها لعلاقتها بزوجها أو حتى التعرف عليه فرصة لعودتها إلى خطيبها السابق. 
الشيء الأكيد هو أن ليو متفان في حب زوجته بيج مع أنها لم تعد تعرفه، بل إنها تنظر إليه كرجل غريب بعد أن فقدت جزءا من ذاكرتها منذ وقوع حادث السيارة ودخولها المستشفى. ويقنعها ليو بالعودة إلى منزل الزوجية، أملا في أن تستعيد ذاكرتها الزوجية. ويجد نفسه أمام مهمة ليست سهلة. ومما يقوله في الفيلم «يتعين علي أن أجعل زوجتي تقع في حبي من جديد». إلا أن ذلك لا يتحقق بسهولة، حيث أن شخصية زوجته بيج قد تعرضت لتحول كامل وعادت إلى طبيعتها وعاداتها وميولها السابقة. ويصمم ليو بكل ما أوتي من قوة وعزيمة وتحلّ بالصبر على أن يخلص لزوجته ويتمسك بها لأنه يحبها ولأنه قطع على نفسه «عهدا» عند أداء «قسم المحبة والمعزة في السرّاء والضرّاء» يوم زفافهما بعد علاقة حب طويلة.
يعكف ليو على مرافقة زوجته بيج إلى أماكنهما المفضلة، وإلى استوديو النحت الذي كانت تتردد عليه، كما يذكّرها بأنها شخصية نباتية، ولا يدّخر وسعا في محاولاته الدؤوبة خلال فترة صعبة للتقرب من زوجته ولتقريبها منه. وفي نهاية المطاف، وبفضل صبر ليو وتفانيه وتفهم بيج وتجاوبها تثمر هذه المحاولات التي لا تعرف الكلل في تجديد علاقة حبهما وتكريس كل منهما حياته للآخر، والوفاء بـ»العهد» الذي قطعاه على نفسيهما يوم زواجهما. ويعيش هذان الزوجان الآن حياة سعادة وهناء مع الطفلين اللذين أنجباهما منذ ذلك الوقت.
 يتميز فيلم «العهد» بالبناء السردي المشوّق لأحداث القصة وبواقعية الدراما والحوار في معالجة قصة تشتمل على فقدان انتقائي للذاكرة. ورغم غرابة هذه الحالة فهي مبنية بشكل عام على أحداث حقيقية عاشها الزوجان كيم وكريكيت كاربنتر وقاما بتوثيقها في كتابهما المشترك «العهد»، ولكنها خضعت لبعض التصرف في قصة الفيلم. وتشتمل أحداث الفيلم على مواقف حزينة ومؤثرة استولت على أحاسيس الكثيرين من المشاهدين الذين تفاعلوا مع أحداث الفيلم وشخصيتي بطليه الرئيسيين، والذين انهمرت دموعهم أثناء مشاهدة الفيلم. ورغم الجو العام الذي تسوده المواقف المؤثرة فإن أحداث الفيلم لا تخلو من المواقف المرحة. ويتميز فيلم «العهد» أيضا بقوة أداء ممثليه الرئيسيين وفي مقدمتهم الممثلة راتشيل مكأدامز والممثل تشاننج تاتوم اللذان جسدا شخصيتي بطلي القصة بواقعية مقنعة. 
وتلعب براعة التصوير والموسيقى التصويرية دورا مكملا لأحداث القصة. ومن الأمثلة على براعة استخدام التصوير والموسيقى التصويرية في الفيلم مشهد حادث السيارة في بداية الفيلم. ويصور هذا المشهد بالسرعة البطيئة جدا كل ما في الحادث من تفاصيل دقيقة، مؤكدا أن نزع حزام الأمان من قبل الزوجة بيج زاد تفاقم إصابتها مقارنة بإصابة زوجها ليو، ما أدى إلى إصابة رأسها وفقدانها الذاكرة. 
وتقدّم قصة الفيلم من وجهة نظر الزوج ليو الذي يقوم بدور الراوي في الفيلم، وهو شيء طبيعي ومتوقع، بالنظر لأنه عاش فترة فقدان الذاكرة التي تعرضت لها زوجته بيج بكل تفاصيلها، في حين أن هذه الفترة محيت كليا من ذاكرتها. ويطرح الفيلم موضوع العلاقة بين الهوية والذاكرة، مستخدما خبرة الزوجة في هذا المجال. 
تصدّر فيلم «العهد» قائمة الأفلام التي تحقق أعلى الإيرادات في دور السينما الأميركية في أسبوعه الافتتاحي. وبلغت الإيرادات العالمية الإجمالية لهذا الفيلم على شباك التذاكر 182 مليون دولار ، علما بأن تكاليف إنتاجه بلغت 30 مليون دولار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com