الثلاثاء، 2 أبريل 2013

إزعاج الجار بالعطلة اعتداء على حقه بالهدوء




منى أبوحمور عمان- حالة من الفزع والخوف جعلت الأربعيني ماجد حاتم يستيقظ مسرعا نحو نافذة غرفته، معتقدا أن مكروها ما أصاب منزله.
" شعرت وكأن زلزالا ضرب المنزل وخلخل توازنه"، يقول حاتم، الذي تفاجأ عندما نظر من نافذة منزله بأن جارة قد أحضر "همرا" ليكسر سور منزله، متناسيا أن بجانبه جيرانا نائمين.
ويضيف "الأصل أن يوم الجمعة يوم للراحة والنوم، وليس الفزع والخوف"، واصفا حالة الإحباط التي أصابته بسبب الضجيج الذي أخرجه من النوم وهز أرجاء المنزل.
لم يجد حاتم بدا من أن يغادر هو وأبناؤه المنزل في الحال، ريثما تنتهي المعركة التي تدور بالقرب من منزله، كما يقول.
أما الثلاثيني حازم العدناني الذي استيقظ على صوت "المهدة"، فلم يكن بوسعه أن يفعل شيئا حيال ذلك الصوت القوي الذي لم يوقظه فحسب، بل أفزع طفله الصغير أيضا.
ويردف "كان الصوت يضرب في رأسي، ولم أكن أعرف ما الذي أفعله، واكتفيت بالنظر من شباك الغرفة"، طالبا من مُسبّبي الإزعاج أن يكفوا عن إزعاجه، متهما جاره بعدم الذوق، وعدم احترامه لراحة الآخرين.
ولا يختلف الأمر مع العشرينية هناء السعداوي التي لم تتمكن من مراجعة دروس الامتحان بسبب الأصوات الصادرة من منزل الجيران الذين يقومون بعملية ترميم وصيانة له.
وتقول "الغريب أنهم يؤجلون كل الأعمال طوال الأسبوع ليوم العطلة"، مؤكدة أنه من غير اللائق عدم احترام الآ خرين، وعدم طلب إذنهم قبل القيام بأي عمل قد يزعجهم.
أما الخمسيني أبو رعد فيبرر اللجوء إلى أعمال البناء يوم الجمعة، لعدم تفرغه طوال الأسبوع، وانشغاله بأعمال أخرى.
ويبين "لا يمكنني أن أحضر شغيلة إلى المنزل بدون وجودي"، مشيرا إلى أنه لا يمكنه التواجد في المنزل إلا يوم الجمعة، وهو ما يجعله يغتنم هذا اليوم للقيام بأعماله.
ومن وجهة نظر أبو رعد فإنه "على الناس أن تتحمل بعضها، اليوم عندي أنا وبكره عند جاري"، مؤكدا أن مشاغل الحياة لا تميز "يوم راحة عن يوم عطلة".
ومن جانبه يشير اختصاصي علم الاجتماع في جامعة مؤتة وجامعة البلقاء التطبيقية الدكتور حسين محادين إلى أن الأصل في العلاقات الاجتماعية أن تقوم على نوع من الحدود الأدبية في التعامل مع الآخرين، توضح المرغوب به والمنهي عنه من السلوكيات.
ويلفت محادين إلى أن ما يجري في الوقت الحالي هو فقدان هذه المعايير، كضرورة احترام الجيران، والإقرار بحق الآخرين في أن ينعموا بيوم عطلتهم. ولذلك لا بد من وجود رقابة رسمية في حال غياب هذه المعايير.
ويضيف محادين أن ذوبان هذه المحددات في المعايير إلى الحد الذي أصبح فيه البعض يتجاوزون حرية الآخرين وراحتهم، متذرعين في ذلك بكافة الحجج والتبريرات، أمر مناف للقيم الأخلاقية وللقانون. 
ويفترض أن يكون هناك فصل واضح بين أوقات الناس، وقت العمل، ووقت الراحة، لكن هذا التقسيم ليس معمولا به مع الأسف، إذ صارت الأوقاتُ متداخلة ولا يفصل بينها فاصلٌ أو حدّ من الحدود.
ويعتبر محادين أن ذلك من مؤشرات ضعف الحس الجمعي، وضعف المؤسسة التنشيئية، مثل الأسرة، والمسجد والكنيسة، موضحا أننا "أصبحنا نعيش في مجتمع بلا هوية"، يمكن أن نشاهد فيه كل ما هو استثنائي وخارج على القاعدة. 
ومن جانبها تجد خبيرة مهارات الاتصال زين غنما أنه لا بد من وجود قوانين مفعلة، تحمي حريات الناس وتجنبهم الوقوع في مثل هذه المشاكل.
وتجد غنما أنه لا بد من فرض عقوبات صارمة على الأشخاص الذين ينتهكون حريات الآخرين، ويتسببون في إزعاج الآخرين في يوم عطلتهم التي تعتبر حقا من حقوقهم، مبينة أن الشخص الذي يتسبب في إزعاج الآخرين يشعر الناس بأنه يملك الدنيا وحده، ولا هم له إلا بشؤونه ومصالحه الخاصة.
وترى غنما أن الحوار أفضل وسيلة للتفاهم مع الطرف الآخر وإقناعه بتجاوزاته في حق الآخرين، ووُجوب عدوله عنها، لافتة إلى ضرورة فرض الاحترام في التعامل، والسعي إلى حل المشكلة بشكل ودي، بدون اللجوء إلى العصبية والمشاجرة لحل المشاكل.
ويبقى، كما تقول غنما، أن على المتسبب في إزعاج الآخرين أن يدرك أن الآخر هو صاحب الحق وعليه أن يرضيه.

muna.abuhammour@alghad.jo


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com