الأربعاء، 24 أبريل 2013

تواصل عن بعد..

صورة

نضال حمارنة استخدم الإنسان النار والدخان كوسيلتين إخباريتين للتعريف بحدث معين أو الإعلام عنه ، وفي بعض المناطق البدائية استخدم السكان العصا للضرب على ساق الشجر للإعلام بوصول خبر ما . ومع توسع البشر على بساط العالم القديم ، وازدهار التجارة وحروب الجيوش في ذات الوقت ، احتاج الناس لوسيلة أكثر سرعة للتواصل ونقل الخبر والرد عليه فاستعانوا بالحمام الزاجل لإيصال الرسائل عبر الحدود الجغرافية ؛ بذلك أصبح الحمام الزاجل أول ساعي بريد في العالم ومازالت بعض الدول أو الأشخاص يستخدمونه إلى يومنا هذا .









تواصل الحمام الزاجل
استـُخدم الحمام الزاجل في نقل البريد وخاصة الرسائل الحربية ، وكانت تقام سلسلة من الأبراج يبعد الواحد منها عن الآخر حوالي (50 ) ميلاً مجهزة لاستقبال الحمام واستبداله ، إذ كانت القوافل الكبيرة تحمل معها اقفاص الحمام وترسل بوساطتها الرسائل إلى مراكزها في كل مرحلة من مراحل الرحلة ؛ لكي ترشد القوافل الصغيرة أو تنذرها عند تعرضها إلى الخطر فتطلب النجدة أو المعونة ، واستخدم الحمام الزاجل أيضاً وبشكل سري لعيون الجيوش وللمراسلات الخاصة بين القادة الكبار وملوكهم ، كما استعاره الأعداء للتجسس على خصومهم ، ومن القصص الطريفة لمراسلات أنطونيو القائد الروماني وكيليوباترا ملكة مصر ؛ أن أنطونيو كان يحرص على إرسال حبتي كرز أحمر قانٍ مع كل رسالة إلى معشوقته كليوباترا عبر الحمام الزاجل ..!
وعند العرب كان معاوية بن أبي سفيان أول من استخدم الحمام الزاجل ، وأول من نظم البريد ؛ إذ أنشأ محطات عُرفت باسم (السكة) .
لم يستغنِ العالم عن معونة الحمام الزاجل وبالذات في حروبه الكونية القديمة منها ، كمعارك الامبراطوريات والأحداث كالحروب العالمية في عصرنا الحديث برغم التطور التكنولوجي كالرادارات والأقمار وغيرها .. في الحرب العالمية الثانية وعند هجوم الألمان على بلجيكا اصطحب المظليون الحمام الزاجل خلف خطوط جيوش الحلفاء ، ثم أطلقوه بعد ذلك مع رسائل عن عمليات تجسس نجحوا في الحصول عليها ، أما في فرنسا فقد أجريت مؤخراً مناورات اشترك فيها الحمام الزاجل في إطار تدريبي من أجل إمكانية زجه في عمليات الاتصال .
البريد في العالم القديم
استخدم البريد في الألف الثاني قبل الميلاد في مصر ووادي الرافدين والممالك السورية ؛ حيث تم العثور على رُقم طينية تشير إلى ذلك وتحمل اختاماً وقسم منها دوّن عليه مستعجل ، وأول وثيقة بريدية معروفة عثر عليها في مصر وتاريخها سنة 255 قبل الميلاد تضمنت وصية أب مرسلة لابنه ؛ يظهر له أهمية مهنة الكتابة والمستقبل الذي ينتظره ككاتب في وظائف المملكة . وقد قام المصريون بتنظيم نقل البريد خارجياً وداخلياً ، وكانوا يستخدمون (سُعاة الأقدام) يتبعون ضفتي نهر النيل في البلد ، وفي خارجه يسلكون طرق القوافل والجيوش .
وتعد الصين أول من عرف نظام محطات البريد وتقسيمه إلي مراحل في الحضارات القديمة . بينما تبنى الرومان التنظيم البريدي فوضعوا نظام الطرق العامة الذي وفّر أفضل نظام بريدي متطور في العالم القديم ، وأقاموا على الطرق العامة محطات للبريد على مسافات مناسبة شملت أنحاء الامبراطورية .

البريد لجميع الناس 
ظل البريد محتكراً على مجموعات معينة من الناس القادة والملوك وعيون الجيش وبعض أصحاب الحظوة الاجتماعية والاقتصادية ، ودرج بعض التجار على إرسال مكاتباتهم مع القوافل كأمانة مدفوعة الأجر . ولحاجة الناس الماسّة يوماً بعد يوم لبريد مضمون ؛ احتكرت الحكومات البريد في منتصف القرن التاسع عشر عبر أجهزة الخدمة الحكومية ولضبط هذه الخدمة تم استحداث الطابع البريدي والذي استخدم في بريطانيا لأول مرة عام 1840 كما استخدم في مصر في عهد الخديوي اسماعيل عام 1866 . واسلوب الطوابع البريدية هدفه استيفاء رسم الخدمة مادياً بشكل مسبق حسب نوع الخدمة المقدمة ؛ بريد عادي ، أو سريع ، أو مسجل المؤمن برسم الوصول . بذلك تحوّل البريد إلى وسيلة لنقل البيانات أو المواد الملموسة وتوزيعها سواء أكانت رسائل مكتوبة أو وثائق أو صناديق أوطرودا وتوصيلها وتسليمها لمواقع معينة حول العالم تشترك معها كل وسائل المواصلات المتاحة البرية والبحرية والجوية . ومازال البريد التقليدي يمثل حالة من التواصل تزداد نمواً إلى جانب وسائل التقنية الحديثة ، ويوجد الآن في العالم أكثر من سبعمئة ألف مكتب بريد و6 مليون ألف عامل يمارسون العمل البريدي في العالم وتتلقى دوائر البريد أكثر من 400 بليون رسالة في السنة . هذا يعني أن استخدام التقنيات الحديثة ومنها الالكترونية قد أسفر عن تحسن عام في نوعية الخدمات البريدية وفي زيادة أحجام البريد وهي نسبة مرشحة للازدياد حسب اتحاد البريد العالمي .

طل علينا
مع ظهور طابع البريد ، طل علينا ساعي البريد تلك المهنة التي كانت سابقاً محصورة بالوسيط أو الرسول المؤتمن . وظل الكون بأسره لعقود طويلة ينظر إلى صاحب تلك المهنة بعين المترقب المتفائل جالب الخبر السعيد أو ربما التعيس .. ساعي البريد تتلهف لمجيئه الأم البعيدة عن أحد الأبناء ، وينتظره العشاق على أحر من الجمر .. هذا الرجل المترجل من حي إلى حي ومن دار إلى دار على ظهر حصان ومن ثم عجلة أوموتوسيكل في الحر أو الأيام الممطرة والباردة يجوب الطرقات وهو يحمل أسرار البشر .. واحلى المعاني وربما لواعج الأشواق منثورة كلمات على ورق ملون أو معطر أو هدية رمزية وبطاقة معايدة مميزة يتلمس مستلمها رائحة أصابع كاتبها بعد انتظار .

ساعي البريد في الأدب والفنون 
.ساعي البريد كتبت عنه القصص والروايات والمسرحيات ، فمن يذكر رواية يحيى حقي (البوسطجي) التي حوّلها المخرج حسين كمال إلى فيلم سينمائي من بطولة شكري سرحان وزيزي مصطفى .. تدور القصة حول ساعي بريد في قرية شبه نائية يتسلى في الليالي الرتيبة بالاطلاع على خصوصية الرسائل الواصلة إليه وفي إحدى المرات يحاول مساعدة عاشقين قبل وقوع المحظور لكنّه يصل متأخراً فيجد الصبية وقد راحت ضحية شرف طعناً بالسكاكين من ذويها لاكتشافهم علاقة حبها . أو رواية ( ميشيل ستروغوف ) للكاتب جول فيرن وكتب فيها عن الأهوال والمصاعب التي واجهت رسول القيصر المخلص لبلاده . ولا ننسى مسرحية « مغامرة رأس المملوك جابر « والتي قدمتها أكثر من فرقة مسرحية في العالم العربي، كما تحولت إلى فيلم سينمائي وتحكي عن مجموعة أصدقاء جابر ومنصور وثالثهم يجتمعون ويتناقشون في وضع بلدهم المحاصر من قبل الأعداء .
بغداد الذي أمر خليفتها بحراسة بواباتها بحرص شديد خوفاً من تسرب معلومات للعدو .. متشككاً بوزيره الذي بدأ يساوم ويتصل بقادة المعتدين ، يهرع إليه المملوك جابر ويقترح عليه كتابة رسالة لقائد المغول على جلدة رأسه بعد حلق شعره وينتظر حتى يطول الشعر قليلاً ، بعدها يسافر وهو يحمل رسالة سرّية لايمكن لأحد كشف جهنميتها ؛ اعتقاداً منه أنه يتقرب من الوزير لينال إحسانه وتودده بعد نجاح الخطة . وحين يصل للمغول ويطلعهم على حروف رسالة التواطؤ من على رأسه المحلوق للمرة الثانية ؛ يتفاجأ أن وزيره طلب في آخر سطر الرسالة من المغول قطع رأس المملوك جابر ، كي لاينكشف تعاونه مع الأعداء .. حدثت الواقعة في تاريخنا وحوّلها سعد الله ونـّوس إلى عمل فني يكشف فيه مصير تودد الانتهازيين والمتسلقين لأصحاب النفوذ على حساب البلاد وأهلها عبر مغامرتهم الأنانية .
بينما يروي الفيلم الإيطالي « ساعي البريد» حكاية ساعي بريد يفتقد الخبرة في الحياة يعمل في جزيرة إيطالية نائية صادف إقامة الشاعر بابلو نيرودا منفياً بها .. يشعر هذا الساعي العاشق لفتاة زارت الجزيرة ؛ بأنه شاعر بالفطرة لكنه يفتقر إلى الكلمات للتعبير عن مكنوناته .. في تلك الفترة يحاول التقرب من الشاعر نيرودا للتواصل معه شخصياً ، فيما ينقل إليه كميات هائلة من الرسائل من محبي الشاعر .. ينجح الساعي في النهاية ويتبادل الحوار مع نيرودا .. بعد فترة يبدأ ساعي البريد في نظم الشعر ويدونه في دفتره .. شيئاً فشيئاً تتطور قدرته وموهبته في الكتابة بما في ذلك استعاراته وأسلوبه .كذلك تتوطد علاقته بمحبوبته وتقتنع بالارتباط به .
ومن أغرب الحوادث التي تحكى عن سعاة البريد تلك الحادثة الشهيرة التي ذاع صيتها في تايوان ؛ إذ أرسل عاشق لحبيبته البعيدة عنه 1320 رسالة حب واشتياق في عامين فقط أي بمعدل رسالتين في اليوم الواحد ، إلا أن العاشق الولهان فوجئ بزواج حبيبته من ساعي البريد الذي كان يواظب على زيارتها خلال العامين مرتين يومياً ليسلمها رسائل عاشقها البعيد .


 ع هدير البوسطة
موعود بعيونك أنا موعود
وشو قطعت كرمالن ضيع وجرود
فأنت عيونك سود
عهدير البوسطة اللي كانت ناقلتنا
في ضيعة حملايا على ضيعة تنّورين
تذكرتك يا عليا
وتذكرت عيونك
يخرب بيت عيونك يا عليا شو حلوين
نحنا كنا طالعين
بهشوب وفطسانين
واحد عمياكل خس
وواحد عم ياكل تين
وفي واحد هو ومرتو
ولو شو بشعة مرتو
نيالن ما أفضا بالن
ركاب تنورين
ومش عارفين
عيونك يا عليا شو حلوين
نحنا كنا طالعين
طالعين ومش دافعين
ساعى نهديلو البال
ساعة نهدي الركاب
هيدا اللي هو ومرتو
عباء وداخت مرتو
وحياتك كان يتركها
تطلع وحدها عا تنورين
لو بيشوفو عيونك يا عليا
شــــو حلويــن
يا معلم لو بتسكر هالشباك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com