مستشار الامراض النسائية والتوليد والعقم
الدكتور سميح خوري -   للمرأة وظيفة حيوية هي الإنجاب ما دامت تحيض ومنظومتها الانجابية سليمة، فهي قادرة على الحمل، فاذا بلغت الخمسين من العمر أو نحو ذلك، توقف حيضها وانقطع، ومعنى ذلك أن افرازها الهرموني قد طرأ عليه ما تتغير به طبيعتها كأنثى منجبة، فالمبيضان لا يعودان قادران على انتاج البويضات.

تغيرات ما قبل سن الإياس 
والفترة السابقة  لسن الاياس والتي تتراوح بين الاربعين والخمسين من عمر المرأة لها علاماتها من خارجها وداخلها، ففي هذا السن يكون الاولاد قد كبروا ووهن الحبل السري النفسي الذي يربط بين الام واولادها، وتضطر الام الى ان تبحث لنفسها عن اهداف اخرى طالما انها لم تعد تنجب, ولم يعد اولادها في حاجة اليها، وفي هذه السن تكافح المرأة من اجل ان تثبت أنها موجودة, لا كأم ولكن كانسانة تريد ان تعيش وان تكون لها رسالة ومبرر لوجودها. 
فهي في سعيها لأن تكون لها هذه الرسالة الجديدة لتنشط،  ولنشاطها مظهر الدفاع عن صميم ذاتها، وهو بمثابة الاحتجاج الذي تريد أن تقول به انها ليست مجرد انثى للتناسل, ولكنها انسانة لها قدراتها وقواها العقلية وحياتها العاطفية, وقد تنجح فعلاً في أن تصل الى ارقى المستويات الفنية والفكرية.
والمرأة في سن ما قبل الاياس تنظر الى الحيض بقلق، لانه يأتيها للمرات الاخيرة،  فهو يتأخر لشهر ومرة لشهرين ويقل في الكمية وفي كل مرة تفكر فيه وتتوقعه وتستعجله وتهش له،  لأنه في كل مرة يأتيها يعني انها ما تزال انثى، وما يزال جهازها التناسلي يعمل، فاذا تأخر تكتئب، لأن توقف الحيض له معنى رمزي, أي أنها فقدت شيئاً ما, ولم تعد تلك الانثى التي كانت في السابق، ومرحلة ما قبل سن الاياس شبيهة بمرحلة البلوغ من حيث حدة التغيرات، واضطراب الحيض.
وحالة النشاط التي تبدو عليها المرأة، واهتمامها بجمالها وجسمها، وهي تجهد أن تخفي ما بنفسها وتقاوم رغباتها كما عند البلوغ،وقد تبدأ في هذه المرحلة بكتابة مذكراتها كما كانت تفعل في المراهقة،وقد تلجأ كثير من النساء في هذه السن الى التقليل من عمرها بمساعدة وسائل التجميل الحديثة وحمامات الساونا وجلسات التدليك, وارتداء الالبسة الزاهية الالوان، وتخدعها نرجسيتها عن حقيقتها وتبدو لنفسها جميلة في المرآة. 
أما النساء اللواتي يعشن للجمال والحب والتذوق الفني, يحتفظن بشبابهن وجمالهن حتى النهاية،وفي ذلك يقول «فرويد» : ان حب المرأة لنفسها ربما هو سر جمالها, ويبدو أن المرأة من هذا النوع لديها وصفة تجميل نفسية هي حبها الانثوي لنفسها، والمرأة الجميلة في سن الاياس لا تريد الاعتراف بالشيخوخة بدليل هذا الوهج من الانوثة الذي ما يزال فيها, ولكنها في الوقت نفسه تشعر بوطأة التغييرات التي تنتابها, ومن ثم كان إحساسها بأنها شابة وعجوز في نفس الوقت, وكثيراً ما تغلب عليها احداهما فتتساءل في الحالين اهذا انا حقاً؟ وقد تلجأ لتأكيد شبابها الى أن تحترف تجارة او تشغل نفسها بنشاط لتشعر انها مهمة فيرضيها ذلك.

 اختصاصيي علم النفس 
الرأي السائد بين اختصاصيي علم النفس ان المرأة المفعمة بالانوثة،  والتي تعيش حياتها سهلة وتدفع بقيادها لزوجها عن طيب خاطر، يكون سن اياسها سهلاً، على عكس المرأة العصابية او العدوانية فإن سن اياسها يتسم بالمرض والاوجاع والحزن والاكتئاب.
لا ينبغي الاعتقاد ان ما ينتاب المرأة في سن الاياس من انفعالات وعواطف وافكار هو بتأثير انقطاع الحيض بالكامل ونقص هرمون الاستروجين، فالحقيقة ان كل ذلك يوجد عند المرأة من قبل، ولكن انقطاع الحيض ونقص الاستروجين وما ينتج عنه من اعراض سن الاياس الاخرى تظهره بتأثير التوتر والقلق اللذين تعيشهما المرأة في هذه السن، وليس نقص هرمون الاستروجين إلا عامل يستحث الاضطرابات الانفعالية ويظهرها، لذلك نجد المرأة المهتمة بنفسها، والمرأة التي تعاني من الاكتئاب قبل انقطاع الحيض، والمرأة التي لم تنجب هن اكثر النسوة اللواتي يشعرن بوطأة سن الاياس.
وباختصار فإن استجابة النساء لتوقف الحيض ولبلوغهن سن الاياس تختلف بحسب شخصية كل امرأة.