الأربعاء، 17 أبريل 2013

"الباركنسون" يعالج بطرق متعددة بدون شفاء تام




زيغن- يُعد مرض الباركنسون من أخطر الأمراض التي تُصيب الجهاز العصبي المركزي. ويمكن علاج الباركنسون الذي يُعرف أيضاً باسم الشلل الرعاش بطرق متعددة تمتد من الأقراص وصولاً إلى الجراحة، غير أن هذه الطرق لا تؤدي إلى الشفاء التام، إنما تعمل فقط على إبطاء مساره وتحسين جودة حياة المريض.
وأرجع البروفيسور فولفغانغ أورتيل من الجمعية الألمانية لطب الأعصاب بمدينة زيغن، سبب الإصابة بالباركنسون إلى حدوث اضطراب في الخلايا العصبية المسؤولة عن إفراز المستقبلات العصبية المعروفة باسم (الدوبامين) بالمخ، التي تلعب دوراً مهماً في التحكم في توجيه حركة الإنسان وسلوكياته وأحساسيه.
لذا عادةً ما تظهر أعراض الإصابة بمرض الباركنسون في بعض الاضطرابات الحركية كتباطؤ الحركة على جانب واحد من الجسم والإصابة بارتعاش في حالة السكون أو الإصابة بتيبس العضلات، مع العلم بأن الإصابة بنوبات إمساك واضطرابات في حاسة الشم وكذلك بنوبات اكتئاب تندرج أيضاً ضمن الأعراض الدالة على الباركنسون.
لياقة بدنية وذهنية
وكما هو الحال عند الإصابة بجميع أنواع الأمراض العصبية، أوصى البروفيسور توماس غاسر من المركز الألماني لعلاج أمراض الأعصاب بمدينة توبنغن، مرضى الباركنسون بالحفاظ على لياقتهم البدنية والذهنية.
ويشددّ غاسر على ضرورة أن يحاول المرضى تقبل طبيعة مرضهم والبدء في تناول الأدوية بأقصى سرعة ممكنة، لافتاً إلى أنه يُمكن للجسم التغلب على الاضطرابات الحركية الطارئة عليه نتيجة الإصابة بالباركنسون، إذا ما تم إمداده بعنصر الدوبامين في الوقت المناسب.
ويلتقط طبيب الأعصاب الألماني أورتيل طرف الحديث من جديد موضحاً أن المادة الفعّالة المعروفة باسم (ليفودوبا)، التي تُمثل شكلاً أولياً لمادة الدوبامين، التي تتوقف الخلايا العصبية عن إفرازها في المخ لدى مرضى الباركنسون أو لا يتم إفرازاها لديهم بشكل كاف، يُمكن أن تصلح هذا الخلل.
لذا أوصى أورتيل مرضى الباركنسون بضرورة البدء في تناول قرص دوائي يحتوي على هذه المادة كل 6 إلى 8 ساعات، لافتاً إلى أن الأطعمة المحتوية على البروتينات كالأسماك واللحوم تتسبب في الحد من فاعلية هذه المادة. لذا يتوجب على المرضى تناول الأقراص الدوائية قبل تناول هذه الأطعمة بساعة على الأقل لتجنب حدوث ذلك.
ويستكمل الطبيب الألماني نوعيات المواد الفعّالة التي يُمكنها تعويض مادة الدوبامين بالجسم، قائلاً :"تتمتع المواد المعروفة باسم (منشطات الدوبامين)، التي تُعد بديلاً للدوبامين، بفعالية تدوم لمدة تصل إلى 24 ساعة؛ ومن ثمّ لن يتوجب على المريض سوى تناول قرص واحد فقط من هذه الأدوية".
واستدرك أورتيل قائلاً :"إن بديل الدوبامين هذا لا يتمتع بتأثير المادة الفعّالة (ليفودوبا) نفسها؛ لأنه يُحاكي فقط مادة الدوبامين ولا يُمثالها، لذا لن يعد تناول هذا البديل كافياً لتعويض الجسم عن الدوبامين بعد 3 إلى 4 سنوات من تناوله؛ ومن ثمّ سيحتاج المريض لتناول مادة (ليفودوبا) بشكل إضافي".
وأردف الطبيب الألماني أن الخيار الثالث لتعويض مادة الدوبامين بالجسم هي المادة المعروفة باسم (مثبطات اكسيداز أحادي الأمين)، التي تُعد أخف بديل لمادة الدوبامين، موضحاً كيفية عمل هذه المادة بقوله :"تعمل هذه المثبطات على إيقاف عمليات تحلل الدوبامين بالمخ؛ ومن ثمّ يتسنى للجسم الاستفادة من بقايا الدوبامين التي ما تزال موجودة به". وتبعاً لحالة المريض يحدد الطبيب أياً من نوعيات الأدوية الثلاثة، التي سيتم بدء العلاج بها.
وأشار الطبيب الألماني أورتيل إلى أن فاعلية مادة (ليفودوبا) لا تستمر لفترات طويلة بعد مرور أعوام من تناولها؛ حيث يفقد المخ قدرته على تخزينها، بل ويُمكن أن يتوقف مفعولها بشكل مفاجئ في بعض الأحيان ولا يعود من جديد إلا بعد تناول قرص آخر من الدواء، ما يؤدي إلى احتياج المريض – في حالات قليلة - إلى 8 إلى 10 أقراص دوائية يومياً.
تحفيز الدماغ
وأردف أورتيل أنه من الممكن أن يُصاب المريض ببعض التشنجات الخارجة عن سيطرته عند وصول الدواء إلى الحد الأقصى من فاعليته. ولكن طمأن الطبيب الألماني أنه يُمكن للمرضى تقليل احتياجهم للدواء بشكل كبير من خلال الخضوع لما يُسمى بـ (التحفيز العميق للدماغ)، لافتاً إلى أن هذا الإجراء الجراحي يُساعد أيضاً على الحد من شدة الحركات اللإرادية وعدد مرات تكرارها.
ويلتقط هنا البروفيسور الألماني غاسر طرف الحديث موضحاً أنه عادةً ما يتم استخدام العلاج بالتحفيز العميق للدماغ في وقتنا الحالي لعلاج مرض الباركنسون في مراحله المتأخرة، موضحاً كيفية تنفيذ هذا الإجراء بقوله: "يتم استخدام الأقطاب الكهربائية لإرسال نبضات كهربائية إلى منطقة معيّنة من المخ يتم تحفيزها من خلال جهاز منظم ضربات القلب الموجود تحت الجلد".
ووفقاً لنتائج دراسة ألمانية فرنسية حديثة تم إجراؤها تحت إشراف البروفيسور غونتر دويشل من جامعة كييل الألمانية، تبيّن أن إجراء التحفيز العميق للدماغ في المراحل المبكرة من الإصابة بمرض الباركنسون سيكون مجدياً وأنه سيكون أفضل من تناول أدوية (ليفودوبا) وحدها.
وتوصلت الدراسة إلى هذه النتيجة بعد أن تبيّن أن المرضى، الذين خضعوا للجراحة، كانوا أكثر رضا عن كفاءة حياتهم بعد ذلك وكانوا يشعرون بتحسن كبير فيما يتعلق بقدرتهم العامة على الأداء والتواصل مع الآخرين، إلى جانب انخفاض احتياجهم للأدوية. لذا يتوقع البروفيسور الألماني دويشل أن هذه النتائج ستؤدي إلى استخدام العلاج بالتحفيز العميق للدماغ مستقبلاً في مراحل مبكرة للغاية من مرض الباركنسون.
وكأي إجراء جراحي آخر، تنطوي هذه العملية على بعض المخاطر كالإصابة بنزيف مثلاً، مع العلم بأنها قد لا تُثمر عن النتيجة التي يتوقعها المريض. كما أن هذه الجراحة ليس لها تأثير إيجابي على أعراض الباركنسون، التي تُشير إلى وجود خلل في الجانب المعرفي؛ كاضطرابات التوجيه أو القدرة على التخطيط أو نوبات الاكتئاب، لافتاً إلى أنه لا يُمكن أيضاً علاج أشكال معيّنة من الاضطرابات الحركية كالتجمد عند المشي مثلاً باستخدام هذا الإجراء.
وتابع غاسر "وحتى مع نجاح هذا الإجراء لا يُمكن الشفاء أيضاً من مرض الباركنسون بشكل تام". ولكن عاد طبيب الأعصاب الألماني وأكد أنه يُمكن في الكثير من الحالات تحسين حالة الاضطرابات الحركية لدى مرضى الباركنسون من خلال هذا الإجراء؛ حيث يُسهم العلاج بالتحفيز العميق للمخ في عودة حالة المريض الصحية إلى الوراء لخمس سنوات سابقة، وبالطبع يُعد ذلك تحسناً كبيراً لجودة حياة المريض.-(د ب أ)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com